روسيا في سوريا!

جليل الهاشم

تبدو روسيا الدولة الأكثر استعداداً لتوسيع تدخلها المباشر في سوريا. صحيح انها انجزت اتفاق استانة حول مناطق تخفيض التوتر بالاتفاق مع إيران وتركيا، وهذا الاتفاق يعطي دور الضامن للتنفيذ لكلٍ من الاطراف الثلاثة إلا ان الحضور الروسي يبدو هو الاقوى والاكثر فعالية حتى الآن خصوصاً بالمقارنة مع الدورين التركي والإيراني.

منذ السيطرة على حلب نشرت موسكو قوات شرطة في المدينة تبدو الآن مرجعاً أساسياً لسكانها عندما يشتكون من بقايا الميليشيات الإيرانية وشبيحة النظام. فالشرطة العسكرية الروسية تتلقى الشكاوى وتضبط الامن وتتخذ التدابير فيما يتم تقليص دور تلك الميليشيات التي تتصاعد الشكوى منها خصوصاً لممارستها ما يسميه السوريون عمليات “التعفيش” التي تطال المنازل والمحلات التي هجرها اهلها وتطال ايضاً الآثار والمخطوطات التي قيل ان الإيرانيين سرقوا ونقلوا الآلاف منها وهي مخطوطات تاريخية قديمة الى طهران وبعضها الى بيروت يتم بيعها الى تجار وسماسرة.

وينتشر الروس في كل المراكز القيادية لجيش النظام ويعززون قواعدهم في اللاذقية وطرطوس وحميميم ويتمددون الى دمشق وضواحيها حيث انتشروا في ريف المدينة خصوصاً وادي بردة وصولاً الى خط دمشق والقلمون الشرقي حتى حمص وفي الايام الأخيرة قامت وفود عسكرية روسية بزيارة السويداء حيث قدمت مواد غذائية وحاولت تعميم تجربة الفيلق الخامس وهو الجيش الذي تنشئه موسكو في سوريا وتدفع رواتب عناصره وبعيداً الى الشرق يعزز الروس حضورهم في منطقة تدمر للتوسع نحو دير الزور مستعينين بقوات خاصة وشركات أمنية روسية تعمل تحت اسم توران.

في المقابل حصر الدور التركي بمنطقة غرب الفرات وسيكون عليهم مهمة واحدة في حال أرادوا التحرك تحت عنوان ضمان اتفاق استان وهي ضبط أوضاع منطقة ادلب المفتوحة على الحدود التركية والتي يسيطر عليها عناصر جبهة النصرة وأحرار الشام وبقايا الجيش الحرّ.

أما إيران ستبدو الطرف الأكثر انزعاجاً خصوصاً ان التوسع الروسي يجري كما يبدو برضى أميركي ضمني ووسط ضغوط أميركية مباشرة عليها. ويفسر ذلك إعادة التموضع الذي أعلن عنه حزب الله مؤخراً على الحدود اللبنانية.

روسيا تستعد للمرحلة المقبلة واذا صحت المعلومات عن انها تهيئ أَلوية من مسلمي الشيشان والقوقاز يقدر حجمها بالستين ألف مقاتل لإرسالهم الى سوريا، فإن التفاوض المقبل سيكون بين روسيا والأميركيين مباشرةً وهذا التفاوض هو ما سيحدد حجم ومصير القوى الداخلية والخارجية المتورطة في الصراع على الأرض السورية.