مأساة الليطاني تتوالى فصولاً والبقاعيون يصارعون الموت البطيء!

لو كان مجرى نهر الليطاني بأفضل حالاته لما حظي بهكذا إهتمام من قبل المسؤولين لالتقاط الصور أمام كاميرات الاعلام على ضفافه، فالمأساة المستمرة هناك لم تحظَ بعد بأكثر من المواقف والتصريحات فيما الناس تموت ببطء مع الارتفاع المتزايد للامراض وتحديداً للمصابين بمرض السرطان.

فالصرخة ما عادت تكفي، فهي لا تشفي المنطقة الموبوئة، إنما المطلوب خطوات إجرائية سبق وطالب بها الحزب التقدمي الإشتراكي من خلال وزير الصحة السابق وائل أبو فاعور، الذي أطلق ورشة في الوزارة وجنّد فريق عمل للكشف على مجرى النهر وإعداد تقارير عملية إستند إليها في مؤتمر صحافي عقده في جب جنين في صيف 2016 لاعلان توصيات لتحرير الليطاني في سمومه.

حينها تحركت حكومة الرئيس تمام سلام ونال نهر الليطاني بإهتمام الوسائل الاعلامية، وتم تشكيل خلية أزمة وزارية عقدت أكثر من إجتماع للبحث في هذه القضية.

الا أن إنطلاق العهد الجديد وتشكيل حكومة جديدة أعاد القضية إلى دائرة الاهمال، إلى أن أطلق الاهالي مجدداً نداءات الاستغاثة لتعود عدسات الإعلام إلى هناك معيدة القضية إلى الضوء، قضية أطول الانهار اللبنانية الذي إستحق في منتصف القرن الماضي مشروعاً خاصاً به ولكن لم يستكمل، يومها كان للدولة رؤية ولم تكن دولة صفقات وسمسرات.

فالنهر الذي كان يجب أن يكون مصدر خير كما في كل دول العالم تحوّل إلى مصدر ويل ووباء بعدما إجتاحه التلوث بسبب مياه الصرف الصحي والنفايات وفضلات المصانع والاستعمال المتمادي للمبيدات والأدوية الزراعية وغيرها.

“الأنباء” واكبت ولا تزال هذه القضية، وفي السياق، أكد رئيس بلدية بر الياس مواس عراجي أن “الموت بالسرطان يجتاح بر الياس جرّاء التلوث فهناك حوالي 600 حالة وفاة، وكل يوم يوجد حالة وفاة جديدة”.

وأشار عراجي في حديث لـ “الانباء” إلى أن “هناك محطة لتكرير المياه في مدينة زحلة وتبرعت إيطاليا بمولدين تكفل مجلس الإنماء والإعمار بكلفة تشغيلهما التي تبلغ حوالي 2 مليون دولار”، موضحاً أن المشكلة التي تعانيها المنطقة تكمن في المواد الكيماوية الموجودة في مياه الري ولذلك فإن تكرير المياه ضرورة لا بد منها لتصبح صالحة للري”.

وإذ حمل الدولة المسؤولية، ناشد عراجي أصحاب الضمير لإيجاد حل للحد من التلوث الحاصل في نهر الليطاني.

بدوره، أكد وكيل داخلية البقاع الأوسط خليل سويد في حديث لـ “الأنباء” أن “التلوث يهدد كل المناطق التي يمر بها النهر بدءاً من البقاع الشمالي مروراً بالبقاع الاوسط حيث أن المعامل والمصانع ترمي كل مخلفاتها  في النهر هذا إضافة إلى مياه الصرف الصحي”.

وأشار إلى أن “الدولة كانت قد بدأت بإنشاء محطات لتكرير المياه، كما دفعت الحكومة الإيطالية مبالغ لمحطات التكرير ولكن المبالغ قد إختفت!”

ولفت إلى أن بر الياس تنال الحصة الاكبر من التلوث، مضيفاً “في بر الياس يوجد حوالي 500 مصاب بمرض السرطان في حين أن نسبة الوفيات تراوحت خلال السنتين الاخيرتين بين 75 و 100 شخص”.

وإذ ذكّر بالجهود الكبيرة والمهمة التي قام بها الوزير أبو فاعور، ختم قائلا “إن المسؤول الأساسي عن تلوث نهر الليطاني هم كل القرى والمدن التي يمر بمحاذاتها أو فيها النهر من دون استثناء”.

على أمل أن يتم إحياء خلية الازمة التي شكلتها حكومة الرئيس سلام والبدء بخطوات عملية لتنظيف مجرى النهر وعدم إنتظار الهبات الدولية التي قد يطول كثيراً وصولها مقارنة بالموت السريع الذي يقض مضاجع البقاعيين.

خاص -“الأنباء”