ما هكذا تُورد الإبل يا فخامة الرئيس..

د. صلاح ابو الحسن

ما هكذا تُورد الإبل.. مثل عربي قيل بالأساس لرجل اسمه “سعد”.. وهو من بيت شعر يقول: “أوردها سعدٌ وسعدٌ مشتمل .. ما هكذا تورد يا سعدُ الإبل”.. واسمح لنا فخامة الرئيس ان نستعمله اليوم بـ”تصرّف”.. وهو مثل قد يصح لكثيرين، وصار مضرب مثل لكل من يسلك الدرب بطريقة غير مناسبة.. وليس علينا الا تغيير الإسم!!.. حيث يصح المثل لكل من يفقد البوصلة..

فخامة الرئيس، انا لست من مؤيديك ولا من محازبيك ولا من مناصريك.. وكنت ارى في خطبك السياسية الموجهة الى “شعب لبنان العظيم”.. ثم شعاراتك الحزبية حول الإصلاح والتغيير، الكثير من “الشعبوية”.. التي تحاكي تجييش العواطف التي تلاقي عواصف “التصفيق” ولكنها لا تحاكي العقول.. روما من فوق غير روما من تحت..

واذكر فخامة الرئيس بالزيارة التي قمنا بها، انا والرفيق فؤاد سلمان حاملين رسالة من الرفيق وليد جنبلاط بتاريخ 11 تموز 1990، والتقينا في بيت مري أعضاء الجبهة اللبنانية: داني شمعون، جبران تويني، حبيب حرب وغيرهم.. وكانت الزيارة الأولى لنا الى المنطقة الشرقية.. ونقلنا لممثليك رسالة من الرفيق وليد جنبلاط، بضرورة اقناع العماد عون القبول بوثيقة الطائف كأساس للتعاون فيما بيننا.. المطلوب العمل من ضمن المؤسسات الشرعية، وحذرناهم في ذلك اللقاء الشهير من مغبة الاستمرار بالخروج على الطائف وعدم الاعتراف فيه.. وبُلغنا فيما بعد ان الجنرال عون مصرّ على الاستمرار بالتصدي للطائف.. وكانت المأساة فيما بعد..

وكانت هذه الزيارة عقب لقاء في المختارة مع وفد ضم داني شمعون وممثلين عن ميشال عون: جبران التويني وحبيب حرب وخليل أبو جوده ونبيـل براكس، نصحهم وليد بك السير في ركب الدولة لتجنيب البلاد المزيد من المآسي.. وعبثا حاولنا وكان ما كان!!..

فخامة الرئيس، الا تنبؤك بشيء معارضة كل السياسيين اللبنانيين لمشاريع صهرك، والتي هي حقيقة مشاريعك بعد ان اكدت على التأهيلي قبل ايام؟؟ واقول معارضة الكل وانا اعني ما اقول.. ولن اتحدث عن وليد جنبلاط ونبيه بري.. وانت تصنفهم من المعارضين لك، وهذا تصنيف غير صحيح، ولا عن المسيحيين المستقلين ولن اذكّرك بالمجتمع المدني الرافض لكل القوانين الطائفية.. بل سأحيلك الى معارضة السيد نصرالله وحليفك الجديد سمير جعجع وعضو تكتلك سابقا سليمان فرنجية والحزب القومي.. وحليفك “المستحدث” وشاري الأوهام، الذي أعلن مستشاره أخيرا، رفض المشروع “التأهيلي”؟؟..

هل كل هؤلاء، يا فخامة الرئيس “فراطة” وهل تصدق النظريات “الهمايونية” لصهر العهد.. وبعض حديثي العهد في السياسة الذين لم يقرأوا كتب التاريخ في حياتهم؟؟

المعادلات القديمة انتهت مع بشارة الخوري ورياض الصلح وهي كانت احد اسباب الحرب الأهلية.. والثنائيات الطائفية لا مكان لها اليوم فالواقع اللبناني محكوم بالتوافق ونظرية “لا غالب ولا مغلوب” لا تزال صالحة..

فخامة الرئيس ولايتك تتآكل.. والوطن ليس كرسيا في قصر، والرئيس الذي هو “اب كل اللبنانيين” ليس الأب الذي يأكل ابناءه..

فخامة الرئيس ولايتك تتآكل.. فبعد التجديد لمجلس النواب سنة كاملة الى حزيران 2018، وربما أكثر، ستكون قد استهلكت ربع ولايتك.. ثم نكون بحاجة لسنة اضافية ليستعيد العهد عافيته.

الهاوية ليست من مصلحتك.. وما تفعله الان قد يفعله الرؤساء في نهاية عهدهم.. التأكل قد يكون من مصلحة أعداء لبنان.. اما المعارضون فانت انتجتهم.. بعد ان تناسيت انك وصلت الى سدّة الرئاسة بما يشبه الإجماع الشعبي والنيابي..

ونحن من الذين استبشروا خيرا، وهم كثُر، بعد خطاب القسم وزيارة السعودية، ولكن وبعد حين، بدأت تتلاشى الآمال المعقودة..

فخامة الرئيس ولايتك تتآكل.. ومن يحبك يشير عليك بوقف التدهور.. والعهد اذا نجح سيُسجّل في خانتك وليس في خانة مستشاريك.. والتاريخ لا يرحم..

فخامة الرئيس ولايتك تتآكل.. وكثرة القوانين الإنتخابية التي تنتجها “مطابع باسيل وشركاه” ليست دلالة على صحتة العهد.. “مرتا مرتا.. انت تهتمين بأمور كثيرة.. والمطلوب واحد”..

المطلوب ليس استعادة حقوق المسيحيين.. او المسلمين، واغراق السوق بقوانين انتخابية.. بل انتشال الوطن من الإنهيار الإقتصادي والإجتماعي فيما نحن نتسلى بأتفة التفاهات..

هل بضعة نواب بالناقص تستحق كل هذه المغامرات القاتلة.. هل “تشليح” بضعة نواب من هذا الفريق او ذاك تستحق كل هذه العبث السياسي.. وهل “شطب” كل مسيحي وطني ومستقل اذا لم يكن منا هو السلوك الصحيح؟؟!!..

كفى اللبنانيين خفة ومزاحا وتهورا.. على حساب حياتهم واقتصادهم وامنهم الإجتماعي وعلى حساب وحدتهم وتنوعهم.. خذوا كل النواب ودعوا اللبنانيين يرتاحون من هذا القرف السياسي..

فخامة الرئيس، الا تعتقد ان كثرة ترداد شعارات مثل “عودة الحق الى أصحابه” و”استرداد حقوق المسيحيين المنهوبة” قد تؤدي يوما ما الى رفض الشريك الآخر.. المناصفة الحريصين عليها؟

وأخيرا هل تستحق مصالحة الجبل “التاريخية” كل هذه الكيدية المطلوب التخلي عن الكيدية. الكيدية السياسية تعني الخراب ولا تبني وطنا.. والخراب لا يأتي بالمن والسلوى التي وعدت به.

كم كان صديقك الصحافي المخضرم ادمون صعب بعيد النظر عندما قال: “كفى مناورات، بمعنى كفى بيع المسيحيين اوهاماً”..

 

اقرأ أيضاً بقلم د. صلاح ابو الحسن

“الدروز” الى أين؟؟!!

هل “هزة” حماة وحلب تُبدل قواعد اللعبة

الى رفاقنا وأهلنا وأصدقائنا في المتن الأعلى “تجربتكم مع هادي سبقت نيابته”

ترامب ومصير الإنتخابات

الناخب بين “الحاصل” و”المحصول”

قانون الإنتخاب “الإلغائي” و”شفافية” التزوير..

لا تصدّقوا وعود الإنتخابات

لا تستخفوا بالمعترضين

بعد الغوطة.. الإرهاب أرحم

ولماذا الإنتخابات؟!

انقلب باسيل على تفاهم مار مخايل.. وقضي الأمر!!

هكذا صهر يُعفي العهد من الأعداء

مصائر الديكتاتوريات متشابهة!

بين نداء الحريري ونداء “صاحب الزمان”!!

ما أحوجنا اليك

وأخيرا… “طفح الكيل”!

“كأنه حُكم على اللبنانيين أن يحكمهم دائما الجهال”..

رسالتي الى الرفيق تيمور

إنتصار “الأوهام” الكاذبة!

صنّاع الإرهاب هم صنّاع تقسيم سوريا!