إنطفاء … من ديوان المعلم

في إنسياب أفكاره وخياله الرؤيوي، لم يكن المعلم كمال جنبلاط يوماً أسير النص، فكما أبدع في الادب السياسي، كذلك خاض غمار القصيدة فإذ به يرتّل على طريقته في بحر صفائه الواسع.

ومن هذا البحر، تنهل “الانباء” قصيدة من ديوان المعلم بعنوان “إنطفاء”، وفيها:

علينا أن نسرح لأن الظلّ قد أقبل

ونحن لسنا وحدنا على الجبل الأبيض

نعمتك، في نفسي، تهطل كجرف ثلجي،

ومسائي يتلاشى في صباحك الأوّل.

لأجلك سوف أفتت أوراق الورود في أرضي

ومياه حياتي سوف ترطب قدميك

لوتس جبهتي سيفتح جفنه

ليراني محترقاً في نار ديارك.

أنت هو النور الخالص وأنا لست إلاّ ظله،

أنت مسرة السماء وأنا نفسها

أنت المرآة العظمى وأنا ظلها الخفيف-

وهمُ حلم حيثُ لا يمكنُ الموت.

أنا هوذا الشيء الزائل الراقص في موقدك

الشرارة المنبجسة من قوة نورك

لازمة نشيدك في هدأة الأوهام،

القطيع والعصا، والنجمة والراعي.

وداعاً يا صوت التفتح الداخلي الأول (صوت Aum الخلّاق)

وداعاً يا سنبلة القمح النائمة في القمح

ويا هدير الينابيع لفترة،

وداعاً أيها الأنا الصغير في لعبة الهاوية!

هادئة، تصعد الشعلة في وجه الريح،

-عدل غير ناضج للوجود الأطهر-

دون ولادة ولا موت، لم تتعذب أبداً

وأبداً لم تختلط بالنفس المخلوق.

من نقطة البدء إلى نقطة الاكتمال

يتوحد طرفا الطريق كما في السابق.

وعندما ينتهي الزمان من حل خيوط حلمنا.

لن يكون هناك محطة ولا أحياء.

تنبعث الحياة على وتيرة الأزل،

وفي انتظار المساء منذ الفجر الأول

يطلع الوهم الذي يحجبه الحب الأزلي

ويشع بوجهه المنطفيء.

13 حزيران 1968 – كتاب “السلام – أناندا”، الدار التقدمية، المختارة، الصفحة 54.

(الأنباء)