الإخفاقات المرورية ومخالفات السير تُضاعف مصاعب اللبنانيين

د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

ازمة جديدة تُضاف الى الازمات العامة المتفاقمة في لبنان؛ هي الإخفاقات المرورية، ومخالفات السير الواسعة النطاق التي تحصل على الطرقات اللبنانية. فلا القانون 243 الذي صدر في ابريل/نيسان 2015؛ عالج المُعضلات المطروحة – علماً انه متطوِّر في بعض جوانبه، ويضاهي ارقى القوانيين الاوروبية – ولا الطرقات تحسَّنت وفقاً للوعود التي أُطلقت منذ العام 1992 بإنشاء الطريق الدائري حول بيروت – برُغم بعض المشاريع الهامة التي تمّ تنفيذها في اكثر من منطقة لبنانية، كما ان لبنان ما زال من الدول القليلة في العالم التي لا يوجد فيها نقل عام، خصوصاً : المترو والقطارات. ووجود بعض الباصات القليلة جداً التي تُسيرها المديرية العامة للنقل المُشترك على خطوط محددة؛ بالكاد يشعُر فيها المواطنيين.

في جوانب الازمة المرورية؛ أخطار تُهدِد الانتظام العام في الدولة، وتنعكس سلبياً على الحركة الاقتصادية، كما انها تزيد من الإختناق الاجتماعي الذي يشعر فيه اغلبية المواطنيين، وهي تُهدِد بتعميم الفوضى ايضاً.

المسؤولية عن هذه الصعوبات يتحملها عدد من الاطراف، ومنهم المُختصين في وزارة الداخلية والبلديات المُولجة تطبيق القانون، والذي لا يُطبَّق كما يجب. كذلك فإن قانون السير يتحمل جزء من المسؤولية، لأنه مُتساهل جداً- تحديداً- مع المسؤولين عن حوادث المرور الكبيرة، والتي لا يفترض ان تبقى مسؤليتهم كناية عن “جنحة” وفقاً لتوصيف القانون 243، بينما بعض هذه الحوادث يحصل بدوافع جرمية، ناتجة عن الإهمال او الاستهتار، او عن تعاطي الكحول اثناء القيادة، وتؤدي الى نتائج قاسية جداً، كموت الاطفال او الابرياء الآخرين، دون ان يكون لهم اي ذنب. وقد ادت بعض الحوادث في الآونة الاخيرة الى قتل عدد من الاشخاص، بحوادث ناتجة عن قيادة مُتسرِّعة لبعض الاشخاص، وفيها مخالفات واضحة للقانون. وعندما يكون التسبيب بالقتل ناتجٌ عن مخالفة لقانون السير او في حالة السكر؛ بطبيعة الحال يجب ان تُصنَّف الفعلة على انها جناية موصوفة، وليس جنحة غير مقصودة. علماً ان بعض الذين كانوا سبباً في حوادث مُميتة في المدة الاخيرة؛ كانوا من المحضيين، والذين يحملون تصاريح تسهيل مرور من المراجع الامنية، او يحملون رخصة زجاج حاجب ” فيميه ” من وزارة الداخلية.

ومن المخالفات التي قد تؤدي الى ازمة وطنية إذا ما استمرَّت؛ هي ظاهرة قطع الطرقات الرئيسية في اوقات الضُروة المرورية، لاسيما على مداخل بيروت، وينتج عن هذه الاعمال  تعطيل البلد، كما تؤدي الى حوداث ضرب وتكسير سيارات واطلاق نار. ذلك ما حصل مثلاً نهار الاربعاء في 26/4/2017 عندما قطع اصحاب الشاحنات طريق بيروت الجنوبية في محلة الاوزاعي. وفي الاوزاعي بالذات – وهي معبر لعشرات آلاف السيارات يومياً الى بيروت ومنها – غالباً ما تكون الافضلية في إستخدام الطريق لعربات بيع الخضار، او اصحاب الدراجات النارية المخالفة ولركن سيارات ” القبضايات”، وليس للمواطنيين الذين ينتظرون في سياراتهم ريثما يَسمح لهم المخالفين بالمرور الى اعمالهم.

 

ومثل محلة الاوزاعي، كذلك هو الوضع في نفق المطار الحيوي، حيث يومياً تقع بعض الحوادث السخيفة، او تتعطُل بعض السيارات في النفق، ويتوقف السير بالكامل لساعات، ولا يوجد اي تحذير على مداخل النفق من التروي في القيادة لكي لا تقع حوادث في النفق، او التأكُّد من سلامة السيارة قبل سلوك الطريق المذكور (كما يحصل في اغلبية دول العالم)

وعلى الطرقات الرئيسية السريعة شمال بيروت وشرقها والى الجنوب، مخالفات مرورية كبيرة، منها: قطع هذه الطُرق عند اي إحتجاج تقوم به احدى القطاعات النقابية، او اهالي المساجين، او السائقين، او المزارعين. وهؤلاء غالباً اصحاب حق؛ لكن حقهم لا يُستعاد على حساب مصالح الشرائح الأُخرى من المواطنيين. وإذا كان الشيء بالشيء يُذكر؛ فإن احد اصحاب دكاكين السمانة على طريق خلدة الرئيسي يُصادر ما يُقارب 5 امتار من الطريق ليوقِف عمال يُرشدون المواطنيين الى التسوق من متجرِهِ، ولن نتحدث عن مواكب المسؤولين بالسيارات الفارهة والتي تُجبر المواطنيين على الانتظار الى جانب الطريق لحين مرورها.

تلك هي عينة من مخالفان وإخفاقات مرورية تكاد تكون بمستوى الازمة الوطنية للبلد، وتُضاعف صعوبات اللبنانيين الذين يضطرون للإنتظار في سياراتهم لساعات، واعمالهم مُعطلة بإنتظار الفرج.

اقرأ أيضاً بقلم د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

إخفاق في معالجة زحمة السير

الانتخابات والمحاذير المخيفة

الخلافات العلنية والتفاهمات السرية

انتخابات لإثبات الوجود السياسي

الانتخابات تفرق شمل الحلفاء

هل انتهت الأزمة السياسية بين التيار و«أمل» مع انتهاء الهيجان السياسي؟

كيف أطاح قانون الانتخاب الجديد بالتحالفات التقليدية؟

إعادة الحياة إلى وسط بيروت قرار في منتهى الأهمية

عن ذكرى استشهاد محمد شطح «رمز الحوار»

دوافع بيان مجلس الأمن؟

لا مستقبل للسلاح غير الشرعي

هل شملت التسوية الجديدة كل أطراف العقد الحكومي؟

مساكنة حكومية إلى ما بعد الانتخابات

عن شروط الاستقرار في لبنان

القطاع الزراعي اللبناني على شفير الانهيار

لملمة الوحدة الوطنية

ما أسباب مخاوف بري على «الطائف»؟

زيارة الحريري إلى موسكو بين الواقع والمُرتجى

المجلس الدستوري يربك القوى السياسية

الجيش اللبناني ومواجهة المستقبل