دور مُتقدِم للجيش اللبناني

د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

الزيارة التي قام بها قائد الجيش العماد جوزيف عون الى واشنطن في 29/4/2017؛ كانت على درجة عالية من الاهمية، بحيث تناولت مواضيع استراتيجية على صِلة بالتطورات السياسية والعسكرية في لبنان ومحيطه الجنوبي والشرقي، وهي جاءت بناءً لدعوة القيادة العسكرية الاميركية، وللمشاركة في تخريج عدد من الضباط اللبنانيين الذين انهوا تدريباتهم على إستخدام طائرات ” السوبر توكانو ” الحديثة، كما التقى على إنفراد مع رئيس الاركان الجيوش الاميركية المشتركة الجنرال جوزف دانفورد.

وزيارة العماد عون تأتي إيضاً لمتابعة البرامج التي تمَّ الاتفاق عليها في زيارة العماد جان قهوجي الى واشنطن في 14/10/2014، حيث شارك في اجتماع قادة جيوش الدول المشاركة في الحملة على الارهاب، وعددهم 22 قائد، وشارك في الاجتماع في حينها الرئيس الاميركي باراك اوباما. وقد وضع القادة مجموعة من الخطط، مازال بعضها مُعتمداً حتى اليوم، كما اقروا برناج لمساعدة الجيوش التي تفتقد للإمكانيات، خصوصاً الجيشين الاردني واللبناني.

برنامج المساعدات الاميركية للجيش اللبناني يسيرُ على قدمٍ وساق، وبعض جوانب هذه المساعدات تطورت بشكل نوعي من خلال تقديم معدات واسلحة لم يكُن مسموح تسليمها للجيش اللبناني في المرحلة السابقة. كما ان الكميات التي قُدمت للجيش كانت معقولة، ولولاها لما تمكن الجيش من القيام بالمهام المُتقدمة التي نفذها في المرحلة السابقة، خصوصاً بعد ان تمَّ تجميد الهبات الأُخرى التي كان سيحصل عليها من جهات عربية.

البارز في سياق خطة المساعدة الاميركية لتسليح الجيش اللبناني؛ كان هبوط طائرة عسكرية اميركية ضخمة من نوع ” اس 5 ” في مطار رياق في البقاع بتاريخ 18/4/2017 وطائرة أُخرى بتاريخ 24/4/2017، وهما مُحملتان بكمية كبيرة من الاسلحة والذخائر مُقدمة للجيش اللبناني. وهي المرَّة الاولى التي تهبط فيها طائرات اميركية في تلك القاعدة اللبنانية التي تحيط بها بيئة سكانية ليست مُغرمة بالسياسة الاميركية، وفيها الكثير من المؤيدين لحزب الله.

مما لا شك فيه ان هبوط الطائرات الاميركية في قاعدة الرياق يحمل دلالات عدة. وتقول اوساط متابعة: ان الرسالة الاولى من هذه العملية موجهة الى حزب الله وحلفائه، ومضمونها؛ ان الاميركيين لا يخشون نفوذه في البقاع، ولديهم ثقة في قدرة الجيش اللبناني، علماً ان اغلبية المهام التي يقوم بها الجيش تحضى بتأييد حزب الله ودعمه، ولا يبدو ان هناك خلافات جوهرية بين الطرفين، لاسيما في البقاع. بل على العكس من ذلك؛ فإن بعض المتابعين المحسوبين على المقاومة، يرون ان الجيش يحمي خلفية المقاومة ويقوم بدور الدفاع عنها ضد بعض المجموعات الارهابية التي تستهدفها.

الرسالة الثانية – كما تقول الاوساط المتابعة ذاتها – هي إقتراب الاميركيين اكثر من ساحات التوتر في سوريا، ذلك ان مطار الرياق لا يبعد اكثر من 10 كلم عن الحدود السورية، وقد سرت معلومات الصيف الماضي عن نية روسيا بإستئجار المطار من الدولة اللبنانية للقيام منه بمهام في سوريا، ولكن الدولة اللبنانية رفضت هذا الطلب. وهبوط الطائرات الاميركية الضخمة في الرياق هذه المرة؛ ربما يكون في سياق التجربة لمهام اوسع قد تحصل في المُستقبل، إذا ما كان هناك خطة جدية لضرب الارهاب، وانهاء الحرب في سوريا، بعد ان تجاوز المتقاتلون كُل الخطوط الحمر، بما في ذلك إستخدام الاسلحة الكيميائية، كما حصل مؤخراً في خان شيخون.

يبدو ان الدور المُتقدِّم للجيش اللبناني يقع محل إجماع لبنان ودولي. فهو اولاً؛ لا يتدخل بالشأن السياسي الداخلي، كما انه يقوم بواجب الدفاع عن لبنان في مواجهة اعداء الخارج، وضبط الارهاب، وحماية الإستقرار، وهو السند القوي لمؤسسات الدولة المتهالِكة، وهو ضمان للأمن المُهدد من الشرق، وتحديداً من تخوم عرسال، كما له دور اساسي في حماية القوات الدولية التي تحمي الجنوب من الاعتداءات الاسرائيلية، وزيارة رئيس الحكومة وبرفقته قائد الجيش ووزير الدفاع الى الحدود الجنوبية في 25/4/2017 كان لها دلالات واسعة.

اقرأ أيضاً بقلم د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

إخفاق في معالجة زحمة السير

الانتخابات والمحاذير المخيفة

الخلافات العلنية والتفاهمات السرية

انتخابات لإثبات الوجود السياسي

الانتخابات تفرق شمل الحلفاء

هل انتهت الأزمة السياسية بين التيار و«أمل» مع انتهاء الهيجان السياسي؟

كيف أطاح قانون الانتخاب الجديد بالتحالفات التقليدية؟

إعادة الحياة إلى وسط بيروت قرار في منتهى الأهمية

عن ذكرى استشهاد محمد شطح «رمز الحوار»

دوافع بيان مجلس الأمن؟

لا مستقبل للسلاح غير الشرعي

هل شملت التسوية الجديدة كل أطراف العقد الحكومي؟

مساكنة حكومية إلى ما بعد الانتخابات

عن شروط الاستقرار في لبنان

القطاع الزراعي اللبناني على شفير الانهيار

لملمة الوحدة الوطنية

ما أسباب مخاوف بري على «الطائف»؟

زيارة الحريري إلى موسكو بين الواقع والمُرتجى

المجلس الدستوري يربك القوى السياسية

الجيش اللبناني ومواجهة المستقبل