68 عاما من النضال / بقلم مروان الزهيري

بعد إنقضاء هذه المدة من النضال والإنغماس في مشاكل وتعقيدات هذا الوطن لا بد من التأكيد بأن الفترة السابقة منذ تأسيس الحزب التقدمي الاشتراكي والنخب التي ساهمت وشاركت في تأسيسه والتي كانت تشمل مختلف الشرائح الطائفية والمذهبية في هذا البلد مما يعطيه صبغة وطنية تقدمية وعلمانية تضيف نكهة وقيمة للعمل السياسي في لبنان، إضافة لذلك صفة العروبة التي تميز بها حزبنا فهي أساسية في تاريخ نضالنا وهي إرتبطت بشكل قوي بمسألة القضية الفلسطينية والدفاع عن فلسطين وحقوق شعبه.

لقد ركز المعلم الشهيد كمال جنبلاط الذي كان نقطة الإرتكاز لنضال الحزب التقدمي الإشتراكي في مختلف المجالات على صعيد الوطن، من حيث تغيير النهج البالي الْمتبْع في إدارة البلاد آنذاك ومحاربة الفساد والهدر وتحسين الإدارات عبر إنشاء مؤسسات جديدة لخدمة العمال والموظفين على سبيل المثال الضمان الإجتماعي ومجلس الخدمة المدنية والجامعة اللبنانية، فكان للحزب ولرئيسه بالمشاركة مع الرئيس فؤاد شهاب اليد الطولى في تأسيسها، وتترجم هذا الإنجاز عمليا في تحسين الأداء في الإدارات العامة وتحسين المكتسبات على الصعد الإجتماعية والإقتصادية والإدارية والتربوية.

بالإضافة إلى إنجازات مهمة على صعيد التربية والإقتصاد والزراعة والصناعة والبيئة والسياحة والعمل، وكل هذا بفضل مشاركة الحزب في الحكومات من خلال المعلم كمال جنبلاط ووزراء الحزب الذين كان لهم الباع الطويل في تصويب أمور الدولة على كافة الصعد.

أما على الصعيد السياسي فحدّث ولا حرج عن الصولات والجولات التي قام بها كمال جنبلاط والمسار الطويل الذي خاضه في المجلس النيابي في سن القوانين والتشريعات الجديدة والتي تفيد الوطن والمواطن، كما عمل دائما على مراقبة ومحاسبة الحكومات في حال الأداء السيء فعمل على لجمها من خلال تأييده ومناصرته الحركة الطلابية آنذاك على صعيد الثانويات والجامعات حيث أصبح لها وزن بفضل قيادات طلابية من صفوف الحزب التقدمي الإشتراكي والتي وصلت الى مراحل متقدمة بالتعاون مع الأحزاب الوطنية وغيرها من الأحزاب الاخرى حيث جرى العمل على توحيد العمل المطلبي بعيدا عن الإنتماءات السياسية وبالفعل نجحت في إنشاء الكليات التطيبقية في الجامعة اللبنانية حيث كانت حكرا على الجامعات الخاصة وبالتالي التعليم الجامعي في تلك الإختصاصات كانت حكرًا على أبناء الطبقة الميسورة في هذا البلد.

هذا بالاضافة الى العمل المطلبي والشعبي حيث كان للمعلم كمال جنبلاط ومناضلي الحزب التقدمي الاشتراكي العديد من النضالات التاريخية على الصعيد العمالي ونضال الفلاحين لا سيما ثورة مزارعي التبغ وبذلك تحققت العديد من المطالب والمكتسبات للعمال والفلاحين بقيادة الحزب ومازال في عهدنا الحالي يعالج هموم العمال والفلاحين حاملين رايتهم.

بعدها ساهم المعلم من خلال علاقاته مع الدول الإشتراكية في الحصول على منح من كافة هذه الدول وقد أدى ذلك الى إرتفاع عدد المتخرجين من كافة الإختصاصات في كل القرى والبلدات على إختلاف طوائفها ومذاهبها ما سنح للحزب والهيئات الإجتماعية والمدنية عبر هؤلاء فسح المجال في خدمة الإنسان والتخفيف من أعبائه والإسهام في إعمار البلد وتطوير صناعته والزراعة فيه وغيرها من المجالات المفيدة والتي تفسح في المجال لايجاد فرص عمل جديدة.

في الحقيقة الذي سردته نبذة صغيرة عن نضالات الحزب وتضحياته في مجالات عدة، وهنا لا بد من الإشارة إلى مناقبية الغالبية من المنتسبين في هذا الحزب الذين يتحلون بإيمانهم بالعقيدة والمبادىء ولديهم القناعات الذاتية مما ساهم في رفع إنتاجية الحزب والى المزيد من النضال والتضحيات حتى الإستشهاد.

من هنا تميز حزبنا عن غيره من الأحزاب كما وأنه ليس لدينا الكثير من الإنتهازيين ومستغلي الفرص في بعض المراحل لأن نسبة الأخيار أكثر فلا يلبث الكثير منهم الى مغادرة صفوفه وبالتالي تنقية أجوائه وهو الحزب الذي يتجدد دائما بالشباب والشابات في الإنضمام الى صفوفه لقيادة وريادة النضال على مختلف الصعد وفي اماكن مختلفة.

علينا الحفاظ على ما ورثناه من نضالات وتضحيات وإنجازات وتحقيق مشاريع لصالح الناس والى المزيد من النضالات في سبيل الإصلاح السياسي والإجتماعي والإقتصادي والمطلبي والبيئي والعمل على تطوير المؤسسات ومحاربة الفساد بكل أنواعه والهدر وترشيد الإنفاق في سبيل مجتمع أفضل من حيث تحقيق مستوى العيش الكريم لكافة شرائح المجتمع وتأمين مساكن للأجيال الجديدة باسعار مقبولة وتوفير فرص العمل عن طريق تنفيذ مشاريع جديدة في كافة المجالات وفي كافة المناطق خاصة والعمل على إنماء القرى والبلدات النائية والفقيرة وفي الوقت نفسه سن وإقرار قوانين جديدة لمواكبة وتسهيل تحقيق ذلك.

هنا لا بد من الإشارة الى أن هذه المسائل والقضايا التي طرحتها هي مشاريع يجب أن يعمل الحزب على المطالبة في تحقيقها وفي الواقع اليوم حزبنا قدم أفضل ما عنده من خلال أداء وممارسات وزرائنا وعلى الأخص الوزير وائل أبوفاعور فكانت تجربة رائدة وصفحة ناصعة في تاريخ الحزب، بالاضافة الى الذين يعملون على تحسين العمل الإداري وتصويب كافة المسائل والقضايا التي تتعلق بصحة وحياة المواطن ومصالحه ومصلحة البلد كما يجب أن لا ننسى نضالات الوزير أكرم شهيب الذي تحمل وزر ملف النفايات الشائك والمعقد بالاضافة الى الملف الزراعي والانمائي وتطوير خدماته وهذه الممارسات أعادت الثقة للمواطنين ببلدهم وبجزء من مؤسساتهم فإلى المزيد من العطاءات والممارسات الصحيحة والأداء الجيد ليس فقط من بعض الوزراء بل من كل الوزراء لرفع مستوى الأداء الحكومي ونحن نفخر كحزب في أخذ المبادرة بدعم من رئيس الحزب وليد جنبلاط.

إلا أن وبعد انتخاب الرئيس ميشال عون وتشكيل الحكومة العتيدة هناك ملفات مهمة ومصيرية امامها لتحقيقها ألا وهي انجاز قانون انتخابي عادل وتوافقي ويراعي معظم مصالح الفئات بمختلف أطيافها وتنوعها مع الحفاظ على مصلحة البلد والوحدة الوطنية والسلم الأهلي هذا بالاضافة الى ملفات أساسية ومهمة ويجب أن تكون أولوية امام الحكومة ألا وهي ملف الكهرباء والمياه والنفايات والوضع الاقتصادي والمعيشي وحل قضية سلسلة الرواتب للقطاع العام والمعلمين بطريقة مدروسة على ألا تؤخذ أموالها من الفئات الشعبية بالاضافة لايجاد فرص العمل للشباب اللبناني لتقليص هجرة أبنائنا وتشجيع الصناعة والزراعة والسياحة عبر الحفاظ على الامن والسلم الأهلي كل هذه المسائل حزبنا يقف لها بالمرصاد ويعتبر رأس حربة في الدفاع عن مصالح الفئات الشعبية وتقديم أفضل الحلول لها بالاضافة الى مواضيع أخرى تهم المواطن بالصميم وهي تأمين حد أدنى من مستوى العيش الكريم كل هذه الملفات لا تستطيع الحكومة حلها الا في حال تقديم أولوية محاربة الفساد والقضاء على الهدر الحاصل في كافة مؤسسات الدولة ونحن بدورنا وبقيادة وليد جنبلاط يجب أن نعمل على معالجة الاهتراء الحاصل وضرورة أن نقوم بالمشاركة في تقديم اقتراحات ومشاريع تساهم في تخفيف الاعباء التي يتحمل وزرها المواطن اللبناني.

وأخيرا أريد القول كفى مراهنات على الخارج والإستقواء به يكفينا عرقلة الأمور و إيقاف عجلة الحياة السياسية والإقتصادية والسياحية والأمنية والإنمائية واللعب بمصير البلد نتيجة الخلافات السياسية الحادة بين قوى سياسية وشخصيات تفضل مصالحها الشخصية والمكاسب الفئوية والحزبية الضيقة على مصلحة ومصير ووجود الوطن أعود وأذكر بأن البلد محاط ببركان من الويلات والصراع والحروب الإثنية والطائفية والمذهبية حيث اليوم يسود الحقد والتوتر الديني والفئوية والعصبية الطائفية من هنا يجب أن نعي أهمية دور حزبنا مع الأحزاب المعتدلة والشخصيات المؤمنة بوجود لبنان المتنوع أن تهب لإتمام عملية التسوية التي تخلص البلد وبها نصل الى شاطىء الأمان هكذا كمال جنبلاط كان يشجع لتحقيق التسوية السياسية كما الآن يعمل على ذلك وليد جنبلاط.

(الأنباء)