نعم لماكرون… ألف كلا للوبين…

محمود الاحمدية

“ينبغي أن يكون للقانون سلطة على البشر، لا أن يكون للبشر سلطة على القانون” (جورج واشنطن)

 يوم الأحد 23/4/2017 يوم الانتخابات الرئاسية الفرنسية كان يوماً ديموقراطياً بامتياز حيث جرت الانتخابات في ظل استعدادات أمنية ضخمة وبهدوء كامل… ونستطيع استنتاج العِبَر بالشكل والمضمون…

من حيث الشكل تميّزت هذه الانتخابات بالمفاصل التالية:

  • أقفلت صناديق الاقتراع الساعة السادسة مساء في الريف الفرنسي كلّه وفي مختلف البلدات الصغيرة، والساعة السابعة مساءً في المدن الكبرى… وأمام العالم أجمع وتمام الساعة الثامنة مساءً وبطريقة تجبرك على احترام ثقافة هؤلاء القوم، بدأ العد العكسي بالثانية وعند انتهاء الدقيقة الأخيرة عند الساعة الثامنة ظهرت النتيجة بانتصار إيمانويل ماكرون ومارين لوبين وهزيمة الآخرين وحسب القانون الفرنسي تحصل من جديد الانتخابات في 7 أيار بين الفائزين الأول والثاني أي بين ماكرون ولوبين.
  • المذهل أن النتائج الأولية ومع مرور الوقت بقيت على حالها مع تغير طفيف جداً لا يؤثر في أرقام الساعة الثامنة.
  • أثبتت الإحصائيات الفرنسية دقتها وأثبتت توقعات صحة الآلية في إقامة هذه الإحصائيات فلم يتفاجأ أَحدٌ من انتصار لاكرون ولوبين، وأكدت هذه الإحصائيات تفوقها على الإحصائيات المماثلة في الولايات المتحدة الأميركية والتي أتت النتائج فيها مغايرة تماماً لكل مراحل تلك الإحصائيات.
  • اللافت للنظر وأنه على مدار طيلة نهار الانتخابات لم نشهد التلفزيونات الفضائية الفرنسية أو الأوروبية ذاهبة إلى صناديق الاقتراع في مختلف أنحاء فرنسا من بلدات ومدن بل تركت الأمور تجري بشكل هادئ مريح لا يزعج الشعب الفرنسي وكأنه يوم عادي بالرغم من كل الإجراءات الأمنية وكان هناك مفصلان في الأخبار الأول: إن حصيلة الذين صوّتوا عند منتصف النهار بلغت 28,9% وعند الساعة السابعة ساعة الانتهاء بلغت 76,3% وجرت مقارنة مع الانتخابات السابقة وجاءت أقل من مشاركة انتخابات 2012 وأكثر من انتخابات 2007 و2002 وجاء الإقبال مفاجئاً بكثافته انطلاقاً من بأس الفرنسيين من حكم اليسار واليمين على مدى ثلاثين عاماً والتي كان يتبادل فيها هذان القطبان الحكم…
  • وكانت النتيجة الرائعة لإيمانويل ماكرون بوصوله الأول ووصول مارين لوبين الثانية وجاءت أصوات ماكرون من مختلف الاتجاهات من اليمين واليسار.
  • اللافت للنظر أن ماكرون شكل مفصلاً إبداعياً لتحقيق حلم الشباب بأنه وبالإرادة الحرة قادر على تخطي أعتى وأصعب الحواجز وخاصة إذا علمنا أن حركة ماكرون بدأت فقط منذ 3 سنوات وتياره (إلى الأمام) بالبُعد التنظيمي بدأ منذ سنة واحدة وخبرته المتفردة جاءت من خلال تبوّئه مركز وزير الاقتصاد السابق مع الرئيس الحالي فرانسوا هولاند وهو الأصغر عمراً في تاريخ فرنسا 39 عاماً وذلك بعد نابوليون بونابرت.
  • الذي ميّز ماكرون طلّته على المنبر وطريقته في إشعال حماس الجمهور ونظرته إلى فرنسا الجديدة الطالعة من مستنقعي اليمين واليسار.

هذا في الشكل أما في المضمون فيهمني كمتابع لهذه الانتخابات ولما سيجري فيها يوم الأحد 7/5/2017 أن أضع الملاحظات التالية:

هناك تناقض كامل بين توجّهين لفرنسا الغد:

مع ماكرون البقاء مع الاتحاد الأوروبي والإيمان بأوروبا كقوة داعمة لقوة فرنسا بالبُعد السياسي والبُعد الاقتصادي… ومع لوبين هو القوقعة إلى الداخل الفرنسي والتخلص من ڨيزا شنغن والعودة إلى العملة الفرنسية وإقامة انتخابات للخروج من الاتحاد الأوروبي ومهاجمة العولمة… مع ماكرون الإيمان بالانفتاح على كل شرائح المجتمع الفرنسي التي يرى فيها غنى لفرنسا والتعامل بالإيمان أن المواطنة أهم بما لا يقاس من التمايز بالبُعد الديني بينما مع لوبين قالتها بكل صراحة ووقاحة أنها ضد وجود المسلمين في فرنسا ومع الترحيل الفوري لكل فرنسي مشكوك به كإرهابي ومع صفاء العرق الفرنسي Les Gallois وتشديدها على احتضان هذا التمييز العرقي.

بالنسبة للوضع في سوريا، ماكرون وبكل وضوح قالها إنه لا يرى مستقبلاً لوجود الأسد في حكم سوريا القادم ولو أنه طرح بأنه يشجع مشاركته في مباحثات سياسية مع المعارضة تفضي إلى حل سياسي، بينما لوبين واضحة وضوح الشمس أنها مع بقاء الأسد في الحكم في مستقبل سوريا، ومن هذه الزاوية دخل الرئيس الروسي بوتين مشجعاً وصول لوبين كخلاص لفرنسا، وبالبُعد الأوروبي حيث يشكل خروج فرنسا إضعافاً للاتحاد الأوروبي وتقوية لبوتين الروسي وموقف لوبين من سوريا ينسجم مع النظرة الروسية إن لم تكن متقدمة عليها، ولوبين وصلت إلى حدود القول: أنا ضد كل العقوبات المتخذة ضد روسيا وقوتنا في إغلاق الحدود والابتعاد عن الحدود المفتوحة لحصر دخول الإرهابيين إليها حسب قولها!ّ!

لن أزيد أكثر رحمة بالقارئ ولكني كلبناني عروبي أقول: نعم لماكرون وألف كلا للوبين!!

(الأنباء)

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة