مجد لبنان أعطي له

وهيب  فياض

كثيرون لا يعرفون لماذا اطلق هذا الشعار كصفة لبطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للموارنة، وانا منهم.

تساءلت وانا استمع الى البطريرك الراعي عن سبب هذه الصفة، واستذكرت وانا أفكر تاريخ مار يوحنا مارون والبطاركة الاكثر ذكراً في تاريخ لبنان، وخصوصاً الدويهي والحويك والمعوشي وخريش وصفير وأخرهم  البطريرك الراعي، وانتبهت ان لكل منهم موقفا في لحظة تاريخية للبنان في مواضيع أساسية أهمها قيم الحرية او الاستقلال او التعايش او المصالحة او الميثاقية، وكلها أقانيم لما وصفة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني في الإعلان السنودسي عند زيارته التاريخية للبنان، بلبنانن الرسالة.

استحضرت كل ذلك في فكري وعقلي لأفسر علاقة مجد لبنان بالبطريركية المارونية، لحظة سمعت من البطريرك الراعي رأيه في كيفية الخروج من النفق المظلم لقانون الانتخاب الذي أدخلنا فيه السياسيون ولم نخرج بعد منه. خصوصاً ان مقابلة غبطة البطريرك تأتي في ذكرى بداية الحرب اللبنانية السيئة الذكر والسمعة.

لقد اعجبني منطق غبطته ولكنه لم يفاجئني، بل جعلني ادرك ان المجد لا يعطى بدون سبب ولا بدون تاريخ تتتابع فيه المواقف الكبيرة في اللحظات التاريخية الحاسمة.

صدقت يا غبطة البطريرك كما انت وكل رجل دين حقيقي اولا حين قلت ان المخارج المقترحة للخروج من النفق، يجب الا يستثنى منها تطبيق القانون النافذ ولو كان هذا القانون قد قيل فيه ما لم يقله مالك في الخمر. وصدقت حين أبديت إعجابك بقرار فخامة رئيس الجمهورية باستعمال صلاحيته الدستورية لمنع التمديد وإعطاء فرصة للاتفاق. وصدقت حين حييت الرئيس نبيه بري على موقفه من قرار رئيس الجمهورية. وصدقت حين قلت ان الدكتاتورية غير مقبولة ولو لم يستطع المسؤول الزام كل الناس بقرارات السلطة المعطاة له. وصدقت حين أكدت ان الرئيس يقع دائما في اشكالية اختيار فريق عمله من جهة، وعدم مجاراة فريق عمله حين يسيء ذلك الى كونه رئيس الجميع.

يقول كمال جنبلاط، اذا خيرت بين حزبك وضميرك فاختر ضميرك دون تردد. وأصبح هذا القول مأثوراً واعطى لقائله قيمة مضافة عند مريديه كما عند خصومه. وغبطتك وبنفس الروحية وبإيمان بالشركة والمحبة، اخترت بين وطنيتك وبين بعض من طائفتك حين قلت ما قلت.

المجد لا يعطى مجاناً، بل يستمر طالما بقي من أعطي له محافظاً عليه. تحية كبيرة الى كل البطاركة الذين حافظوا على مجد لبنان الذي أعطي لهم، والى مؤسسة لها ثوابتها التاريخية التي تجعل خياراتها متجانسة مع المجد المعطى لها. واطال بعمر البطريركين السابق لإقدامه على ترسيخ المصالحة، والحالي لحفاظه عليها.

(الأنباء)