عندما يُضربُ العهد من بيت ابيه؟!

د. صلاح ابو الحسن

انتخاب الرئيس ميشال عون رئيسا للجمهورية بما يشبه التوافق الداخلي والعربي والاقليمي وبمباركة دولية، ربما لم يسبق ان حظي به رؤساء الجمهوريات السابقين.. ثم كان خطاب القسم الذي تقاطع مع رغبات كل القوى السياسية على اختلافها وتناقضاتها.. ثم جاءت زيارته العربية الاولى للسعودية لتشكل ارتياحا واطمئنانا سياسيا واقتصاديا..

لكن يبدو ان هذا الإنفراج السياسي والإقتصادي لم ينزل بردا وسلاما وأغضب بعض القوى السياسية المحلية والخارجية!!..

اول الغيث جاء عند زيارته لمصر وتصريحات الرئيس عون الغريبة العجيبة، حول عجز الجيش عن القيام بواجبه في حماية لبنان وعدم الإستغناء عن الإستعانة بـ”المقاومة” لمساعدة الجيش في مهامه الامنية.. وهذا يتناقض مع خطاب القسم واتفاق “الطائف وسياسة بسط السلطة الشرعية على كل الأراضي اللبنانية.

وبات من الواضح للعيان ان اليمين المحافظ في تيار الرئيس والذي يرأسه “الصهر” اضافة الى “الحاشية” المكونة من بعض “العائلة”، هم أكثر المتضررين من خطاب القسم ومن التزام اتفاق الطائف ومن سياسة انفتاح العهد عربيا..

في العادة، يواجه اي رئيس العراقيل في بداية عهده، من خصومه السياسيين ومن المتضررين، وربما يكون هذا طبيعيا ضمن اللعبة السياسية ولكن ان تبدأ العراقيل ووضع العصي و”المسامير” بـ”دواليب” العهد من “داخل البيت” فهذا هو الامر المستغرب وغير الطبيعي!!..

ولذلك، يصح القول لفخامة الرئيس: اتق شر الاقربين فـ”دود الخل منو وفي”.. خاصة ان المتحمسين لإنجاح العهد هم الذين اثبتوا ذالك بالملموس يوم توافقوا على انتخاب فخامتكم..

هم ذاتهم يتوجسون ويرتابون اليوم من مخططات ونوايا جبران باسيل، وكلها لا تصب في خانة تسهيل مسيرة العهد لإلتزامه بخطاب القسم وحرفية الدستور والنأي بلبنان عن الحرائق المشتعلة والملتهبة حولنا.. وتعزيز قدرات الجيش والقوى الأمنية لمواجهة خطر الإرهاب…

فـ”الصهر” وتياره “المحافظ” هو من يطوّق العهد ويشعل الحرائق بوجهه وحوله، والأمثلة اكثر من ان تُعدّ وتُحصى، ولو كانت آتية من “أخصام” العهد، لكانت انصبّت على هؤلاء أقذع العبارات والشتائم ولكانوا اتُهموا بالعمالة والتآمر والخيانة والإرتهان… ولكن ماذا نقول وماذا يقول العهد عندما يُضربُ من بيت ابيه.. من تياره.. وعندما يكون “اللبيط” بالخواصر من الأقربين.. نعم، من “المحافظين الجُدُد” في تيار “العهد”..

ولنبدأ:

– يعرف فخامة الرئيس ان “لا ثقة” بجبران باسيل من قبل حزب الله ومن الرئيس نبيه بري، و”الحزب” هو الحليف الأول للرئيس عون، فيما الثاني لعب الدور الأساسي في إنجاح جلسة انتخابه،  وبالتالي “لا ثقة” بـ”الصهر” من قبل “الثنائي الشيعي”.. وحتما من حلفاء هذا الثنائي..

– فخامة الرئيس يعرف ان الإجتماع الذي عُقد في قصر بعبدا برعايته، بين “الصهر” ووفد حزب الله انتهى إلى خلاف وتحذير لباسيل من التمادي في غلوائه..

– فخامة الرئيس، يعرف تماما أهمية “مصالحة الجبل” التي أرساها الكاردينال صفير والزعيم وليد جنبلاط ثم باركها البطريرك الراعي خلال افتتاح كنيسة “سيدة الدر”.. فيما “الصهر” يحاول الغاء دور المختارة الوطني والسياسي.. ودور المختارة أكبر منه.. وليس منّة من أحد..

وأذكّر فخامته بتعريدته بعد زيارته كليمنصو وقبل انتخابه بيومين: “اشكر وليد بك لتأييده لي في رئاسة الجمهورية، وسنتعاون سويا في بناء لبنان”.

– فخامة الرئيس، يعرف ان “الصهر” يُحيك قوانين الانتخابات النيابية، على قاعدة الغاء كل “خصومه” السياسيين حتى الذين ساهموا في وصول “مؤسس التيار” الى قصر بعبدا.. وتغيير وضرب المصالحة وصيغة العيش المشترك والتنوع في الجبل..

– فخامة الرئيس، يعرف ايضا، ان “الصهر” يُحيك قوانين الانتخابات النيابية، على قاعدة تأمين “الثلث الضامن” او “المعطل”، في مجلس النواب وفي الحكومة.. وهو يعرف ان حزب الله وكل القوى خارج “الثنائي المسيحي” والمستقلين.. لن “يمنحوه” حتى شرف الحلم بهذه “الحياكة” واولهم وفي المقدمة حزب الله.. الذي يعرف ما يُحاك في كواليس “المحافظين الجدد”..

– فخامة الرئيس يعرف ان تمادي “الصهر” في العيش بوهم “الإنتصار” بالوصول الى سدّة الرئاسة.. والى محاكات “شعب لبنان العظيم” يؤدي الى نتائج مخيبة للآمال ولا تخدم العهد.. ولا نريد المقارنة بين نشوة انتصار “الصهر” واعلان بشار الأسد الإنتصار “المبين” في حلب او الإنتصار على أطفال خان شيخون.. فالغرور يقتل اصحابه!!..

– فخامة الرئيس يعرف، انه وهو الآتي الى سدّة الرئاسة بدعم كبير من مجلس النواب ورئيسه، وبتاييد شعبي واسع وليس من تياره فحسب، ان مصلحته تقتضي انتهاج سياسة “صفر مشاكل” وحصر الخلافات بالمؤسسات الدستورية.. وان يمارس دور “الحكم” و”الأب” للجميع..

– الغريب يا فخامة الرئيس ان يدعو تيار “العهد” الى الإحتكام للشارع بدل الإحتكام للمؤسسات الدستورية.. فلم نسمع يوما أن العهد يتظاهر ضدّ نفسه.. وان كنا اعتدنا على اجتماع الموالات والمعارضة في حكومة واحدة.. وهذا يحدث فقط في بلد العجائب في لبنان.. ان ترى جماعة العهد اي الموالات، في الشارع، فيما المعارضة ضد الشارع..

– فخامة الرئيس، قد يحق للتيار ان يلعب اوراقه كما يريد كحزب سياسي، ولكن لا يحق للرئيس تبني نهج التيار بعد أن أصبح “صاحب الفخامة” ولا يحق له اعتماد سسياسة الغموض، ولو البناء، فالرئيس الذي يحكمه الدستور وفقط الدستور عليه تحديد المسافة بين “تيار المحافظين الجدد”  وبين والعهد.. حتى لا يُتهم بأن “االفخامة” لا يزال يلبسها “التيار”.

ولا بدّ هنا من قراءة ما قاله الرئيس نبيه بري: “قالوا إنهم يريدون تصحيح التمثيل المسيحي وزيادة عدد النواب المسيحيين الذين ينتخبهم مسيحيون، فتبين لنا أن ما يسعون إليه هو ضمان ألا ينتخب بعض المسيحيين وكيف يتم إبعادهم”.

– وأخيرا  فخامة الرئيس، المخطط بات مكشوفا.. ومهمتك تعطيله قبل فوات الآوان.. واذا فُقدت “الثقة” فلن ينفع الندم..

اقرأ أيضاً بقلم د. صلاح ابو الحسن

“الدروز” الى أين؟؟!!

هل “هزة” حماة وحلب تُبدل قواعد اللعبة

الى رفاقنا وأهلنا وأصدقائنا في المتن الأعلى “تجربتكم مع هادي سبقت نيابته”

ترامب ومصير الإنتخابات

الناخب بين “الحاصل” و”المحصول”

قانون الإنتخاب “الإلغائي” و”شفافية” التزوير..

لا تصدّقوا وعود الإنتخابات

لا تستخفوا بالمعترضين

بعد الغوطة.. الإرهاب أرحم

ولماذا الإنتخابات؟!

انقلب باسيل على تفاهم مار مخايل.. وقضي الأمر!!

هكذا صهر يُعفي العهد من الأعداء

مصائر الديكتاتوريات متشابهة!

بين نداء الحريري ونداء “صاحب الزمان”!!

ما أحوجنا اليك

وأخيرا… “طفح الكيل”!

“كأنه حُكم على اللبنانيين أن يحكمهم دائما الجهال”..

رسالتي الى الرفيق تيمور

إنتصار “الأوهام” الكاذبة!

صنّاع الإرهاب هم صنّاع تقسيم سوريا!