“عيد البيض”.. رسالة تعايش صادق في إبل السقي!

كما في كل عام، أحيت بلدة إبل السقي في قضاء مرجعيون، بدروزها ومسيحييها “خميس البيض”.

هو تقليد قديم درج دروز البلدات الجنوبية على إحيائه تضامناً وانسجاماً مع اخوانهم المسيحيين، في يوم خميس الأسرار من أسبوع الآلام لدى الطوائف المسيحية الأرثوذكسية التي تتبع التقويم الشرقي، عشية أحد الفصح المبارك بيومين.

وكعادتها بلدة إبل السقي، كانت ولمّا تزل نمودجاً مثالياً للعيش المشترك الحقيقي – لا الشكلي – بين المسيحيين والدروز، والوحيدة بين القرى الدرزية الجنوبية المختلطة، التي لا تزال تحافظ على هذه الروابط “الأخوية” في العلاقات بين أبنائها وعائلاتها على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم المذهبية وغير المذهبية.

وكما في كل عام التمّ شمل العائلات في هذا اليوم، فتوافد بعضهم من مختلف أماكن إقامتهم للمشاركة في واحد من “الطقوس الإبلاوية” الأحب الى قلوبهم، حيث اللقاءات العائلية الحميمة ملأت “ساحة الحارة” منذ الصباح، معممة اجواء الفرح بمناسبة العيد.

وكان حضور البلدية ودعمها مميزاً هذا العام، في محاولة لتكريس هذا العيد بمفهومه وبعده الوطني والاجتماعي، حيث وزّعت البلدية البيض الملوّن باسمها وباسم “تجمّع الشباب الصاعد”. كما شكل العيد مناسبة فرح استثنائية للأطفال، حيث قدمت لهم البلدية عروضاً مميزة لشخصيات كرتونية محببة الى قلوبهم، وتولى متخصصون الرسم على وجوههم.

تجمعات كبيرة للأهالي، شيباً وشباباً، نساءً وأطفالاً، للمشاركة في مباراة “المفاقسة” أو “تفقيس” البيض المصبوغ بالألوان الزاهية والمزركشة.. وضمن شروط “المباريات” ان الذي يفوز يكسب بيضة الخاسر.. وضمن مجريات التباري “نهفات” وضروب من الغش والتحايل المضحك.. فهنا من غطّس البيض بالشمع كي لا يخسر، وهناك من دهنه بمادة لاصقة لجعله قاسياً بحيث يصعب كسره..


لكن الجميع مجبر على “صمّ” البيضة قبل بدء المباراة.. والصمّ يعني ضربها بخفة على الاسنان ليسمع المتباري الخصم ان صوتها طبيعي، في محاولة للتأكد من نزاهة خصمه!
وهناك تقليد راسخ بأن كل من “يفاقس” بالبيض، عليه ان يأكل منه كي لا يصيبه مكروه!

وكما في كل عام، شارك بعضٌ من أبناء القرى المجاروة أهالي إبل السقي بإحيائهم مراسم العيد، كذلك ضباط وعناصر من القوات الدولية “اليونيفيل”، وتباروا مع الشبان والفتيات في “تفقيس” البيض، في واحدة من الظواهر الإجتماعية التي اصبحت نادرة في لبنان، لكنها ما زالت صادقة في التعبير عن طيبة المواطن اللبناني، وتوقه الدائم لسلام النفوس ولعيش مشترك مع اخوته بالمواطنة، بالعمل لا بالقول فقط.

غنوة غازي – الأنباء