وقع المحظور … ولبنان دخل في المأزق!

وقع المحظور، إختلاف التفسيرات قد يوصل البلاد إلى أزمة سياسية كبرى، بدأت بوادرها تلوح في الأفق. مع تحديد موعد الثالث عشر من نيسان لعقد جلسة تشريعة على جدول أعمالها اقتراح قانون معجّل مكرر للتمديد لمجلس نواب لسنة إضافية، تفجّرت الأزمة بين الأفرقاء، واختلف الحلفاء فيما بينهم قبل الخصوم. هي المواجهة المباشرة الأولى بهذا الشكل بين الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر. في الوقت الذي يعتبر فيه عون أن التمديد ممنوع ولن يسمح به، يؤكد طرفا الثنائي الشيعي، أن الفراغ في مجلس النواب ممنوع أيضاً.

خلال جلسة مجلس الوزراء يوم الخميس، أكد عون ان لا أحد سيسمح بالفراغ، هذه الرسالة قرأها الساسة على أنها ضوء أخضر للتمديد، وما إن تسارعت الإتصالات لتحديد موعد الجلسة، حتى خرج عون وكل الأفرقاء المسيحيين بمواقف تصعيدية تصل إلى حد الدعوة إلى عصيان مدني والنزول إلى الشارع لمواجهة هذا التمديد. وحين سأل أحد الاطراف عون عن ما يقصده، اعتبر أنه ضد الفراغ، على أن تتسلم هيئة مكتب مجلس النواب المهام البرلمانية، بدون أن يعقد المجلس جلسات تشريعية، وتهتم الهيئة بإنتاج قانون جديد للإنتخابات حصراً. هذا الأمر رفضه بشكل قاطع حزب الله وحركة أمل، وكذلك تيار المستقبل.

في موازاة تحشيد كل طرف لتمرير ما يريده، تجري إتصالات في محاولة لرأب الصدع وإيجاد مخرج ملائم للأزمة يجنّب البلاد الإنفجار السياسي. أحد المخارج قد يكون بتوصل اللجنة المصغرة إلى وضع إطار عام مشترك لقانون الإنتخاب الجديد، على أن تشكّل عنصراً تبريرياً للتمديد، لكن ذلك لا يزال بعيداً بفعل التباعد في وجهات النظر، وغياب أي قواسم مشتركة.

حتى الآن، لا يزال عون مصرّا على الذهاب إلى النهاية في مواجهة التمديد، وهو يدرس خيارات عديدة وفق ما تؤكد مصادر مطّلعة لـ “الأنباء” أبرزها استخدام حقه الدستوري بطرح خيار حلّ مجلس النواب، وإحالته إلى الحكومة للمصادقة عليه، أو لتسليم صلاحيات المجلس إلى الحكومة، على أن ينحصر عملها في إقرار القانون الجديد. لكن هذه الطروحات تستفز الأفرقاء الآخرين، إذ تؤكد شخصية سياسية بارزة لـ”الأنباء” أن الحفاظ على الميثاقية يكون من خلال منع الفراغ لا تكريسه.

ثمة من يريد إعطاء مشهد الإنقسام الحالي، صفة طائفية أو مذهبية، بمعنى أن المسلمين يريدون التمديد، فيما المسيحيون يرفضونه، لكن الصورة تبدو مغايرة، خاصة أن هناك العديد من النواب المسيحيين الذين سيشاركون بالجلسة، كما أن الإقتراح المقدّم للتمديد، قدّمه نائب مسيحي. وتستغرب المصادر محاولة إستعادة خطاب قديم في إطار نقاش هذا الملف، معتبرة أن ذلك لا يذكّر إلا بخطابات الحرب الأهلية، وهذا غير مستحسن اللجوء إليه في بداية عهد رئاسي جديد.

الجميع في مأزق، وكلهم يبحث عن مخرج، وهذه الساعات التي تفصل لبنان عن موعد جلسة التمديد ستحفل بإتصالات ولقاءات مكثّفة لأجل الوصول إلى مخرج، قبل حلول ساعة الحسم، وما هو أكثر ضرورة، أن تتجه القوى السياسية إلى الوصول إلى توافق يرضي الجميع، ولا يضع لبنان على فوّهة اشتباك يؤدي إلى حرب سياسية أو غير سياسية، في ذكرى الحرب الأهلية.

ربيع سرجون – الانباء