إلى صاحب الغبطة الكاردينال بشارة الراعي المحترم

فؤاد سيور (النهار)

من وحي ما يردده وليّ من المقدس امرهم امام زواره: علينا نحن واياكم ان نبتاع الخير الكبير بالشر الصغير ولا نبتاع الشر الكبير بالخير الصغير.
تحية وطنية صادقة.
نتطلع اليكم باعجاب وانتم تقفون امام اللبنانيين، على مختلف طوائفهم ومذاهبهم، بمواعظكم الحكيمة، وكيف لا وانتم عن حق أُعطيَ لكم مجد لبنان.
ان هذه الرسالة ما هي الا همسات حب ونغمات من القلب صادقة. هي دعوة الى التعانق والتآلف، الى النهوض والانماء والبناء.
ان النهوض بالمجتمع الى سوية راقية هو عمل متواصل نحققه معا.
وقفة تأمّل وشيء من العبر. ماذا فعلنا لنبعد عنا اشباح الظلمات، وماذا اعددنا لنضمن عدم تكرار المآسي؟
وقفة التأمل هذه تكشف الحقيقة التي لا ترحم وتضعنا امام مسؤوليتنا حيث تظهر لنا معالم الطريق. لا خيار لنا سوى العودة الى قراءة جديدة واستنباط العبر والحقائق منها. علينا ان نعمل معا لنجد مساحات خصبة وما اكثرها للتلاقي والحوار، ومواصلة الطريق من اجل مستقبل واعد محصن بالمناعة والامل والوقوف صفا واحدا بوجه المحن والاعاصير.
لا اقصد المبالغة إن اشرت الى ان تعاوننا سيكون حدثا تاريخيا اذا نجحنا في توضيح الرؤية وبلورة الموقف الموحد. بالطبع سننجح لان نخبنا مؤمنة بذلك، ومفهوم النخبة مستوحى من المقاييس الثلاثة التي اعتمدها الدعاة الفاطميون الكبار وهي: الكفايات الفعلية، الاخلاق، العمل الاجتماعي الاعماري.
صاحب الغبطة، لا يتقدم المجتمع عمليا الا بتقدم الانسان، لذلك علينا التحلي بالوعي والثقة لكي نكون قادرين فعلا على المواجهة وصد الخروق والانتكاسات. نحن نرى في تعدد الافكار واختلافها ما يغني ويبلور الموقف والرؤية، وما عادت تنقصنا الهمم لمبادرة حضارية نطلق فيها الحوار البنّاء القائم على احترام الرأي والرأي الآخر، ونثبت ارتقاءنا وتطور فهمنا للحرية لان اعتماد المنطق والوعي كفيل بان يفتح لنا كل الطرق، فكما ان درجة واحدة تقف بين الفشل والنجاح هكذا هي الحال بين صغائر الامور وعظائمها.
نناشد عبر غبطتكم العقلاء والحكماء الوطنيين ان يرضوا بقبول مصير الساعة التي نحياها مع ترويض النفس على منفذ ايجابي بنَاء خارج اسباب التوتر.
اخيرا اقول ان الضغينة لها آباء كثر، اما المحبة فيتيمة الوالدين وعليها يقع عبء الصراع الطويل. سنواجه الحاقدين بالمحبة والشركة، وهذا شعاركم وهو خير سلاح، لان الدعوة للحفاظ على الجبل هي الدعوة للحفاظ على كل لبنان في وحدته وسيادته.
الشعلة التي سنضيئها معا في الجبل سيعم نورها كل لبنان.

دكتوراه دولة في العلوم الطبية والفلسفة