لماذا أنا إشتراكي؟

على مشارف ذكرى تأسيس الحزب التقدمي الاشتراكي في الاول من ايار، تستذكر “الانباء” مبادئ المؤسس الشهيد كمال جنبلاط الاشتراكية التي أرادها دائما أكثر انسانية، وتعيد نشر مقاله الشهير بعنوان “لماذا انا اشتراكي“.

وهذا نص المقال:

لماذا أنا إشتراكي؟

لأنني أحب العدل والإخاء والحرية.

لأنني أشعر إن عدلت مع غيري فكأنني عدلت مع نفسي، وإن ظلمت غيري ظلمت نفسي.

لأنني أنزع إلى التوافق مع الجميع والإنسجام الشامل، كاللحن الذي لا يتم إلاّ إذا تحققت هذه التسويات والموازنات بين الأنغام المختلفة التي تكونه، وكذلك يجب أن يحلّ الانسجام الشامل والتوافق بين الناس وبين ما اعترف لهم به القانون والشرعة الطبيعية من حقوق هذا الذي نسميه عدالة.

أنا إشتراكي، لأنني أعتقد أن العمل بدون رأسمال لا يقوم.. والعمل ذاته المدّخر في القوى الطبيعية وفي زند الفرد الذي هو من ضمن هذه القوى- هو رأسمال.. والرأسمال لا تتنفذ إمكانياته ويظل مجرد طاقة إلى أن يتحول إلى عمل.. فالعمل لا يمكن أن ينفصل عن الرأسمال، أي رأسمال إطلاقاً، ولولا الرأسمال لما كان العمل، والعمل ذاته تحقق لرأسمال، أي لقوة إمكانية مدخرة.. ولكن هي الطبقية- طبقية العامل وطبقية رب العمل- هي التي فصلت وميّزت بين الرأسمال وبين العمل، وهو يُفصل الإنسان عن فكره وجسده وماله في نطاق العمل، أو عن فكر غيره وجسد غيره ومال غيره، وكلها طاقة، رأسمال.

إن هدف وغاية الحزب ليست في استشارة الطبقية، ولا في استثمارها واستخدامها نهجاً أو هدفاً، بل في محو الطبقية، وفق ما ورد في الميثاق.

“إن الصراع التاريخي بين الطبقات، الذي استنفذ قوى العنصر البشري وإمكانياته، واستنزف جهوده في خلافات ونزاعات داخلية مستمرّة، يجب أن يزول، وأن تتحوّل هذه القوى والجهود والإمكانيات وتعمل متآزرة لتفهم أسرار الطبيعة والنفس وللسيطرة عليها، وبالتالي لاستكمال مجرى التطوّر في تحقيق وتتميم الكائن البشري، وهذا لا يتم إلا إذا صهرنا الأفراد والجماعات في وحدة إجتماعية مستقرة واعية لمصيرها، تسندها قوى المحبة والتقارب أي بالتالي قوى التطور الجامعة”.

أنا إشتراكي، لأنني أؤمن بأن الشرّ، كل الشرّ، والخطيئة الأولى، في النُظم الشيوعية وفي النظم المسمّاة بالرأسمالية الفردية، هو في الفصل الاعتباطي بين الرأسمال وبين العمل، هذا الفصل الذي كرّس أفضلية فئة على فئة في هذا النظام وأفضلية فئة على فئة في ذاك النظام.

أنا إشتراكي، لأنني أؤمن بضرورة التأليف والإنسجام والتوحيد بين العمل وبين الرأسمال، باعتبارها عناصر لا يمكن طبيعياً وعفوياً أن يفصل بعضهما عن بعض.

أنا إشتراكي، لأنني أعتقد أن الإشتراكية روحيّة يجب أن تتحقق في النفوس فوق وقبل تحققها في الأنظمة والمؤسسات.

 (الأنباء)