أساتذة التعليم الثانوي الرسمي: التهجم علينا محاولة لضرب القطاع وخصخصته

عقدت الهيئة الإدارية لرابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي مؤتمرا صحافيا عند الأولى من بعد ظهر السبت، في مقرها في الأونيسكو، شرحت فيه التطورات في ملف حقوقهم والرد على “حملة التجني الممنهجة على القطاع”.

وتلا رئيس الرابطة نزيه جباوي بيانا قال فيه: “ونحن نتابع مجريات الجلسة النيابية التي عقدت يوم الخميس الفائت، وكلمات السادة النواب، كنا ننتظر مواقف تؤكد على إقرار سلسلة الرتب والرواتب بعد تعديلها بما يتناسب مع الالتزامات التي تلقتها رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي، خصوصا بعد زياراتها للرؤساء الثلاثة والتي لمست فيها كل التجاوب في ما يتعلق بالمطالب التي نوقشت معهم، ولا سيما الموقع الوظيفي لأستاذ التعليم الثانوي، والتأكيد على تحديد جلسة للهيئة العامة خلال شهر نيسان، كما وعد دولة الرئيس الأستاذ نبيه بري باقرار السلسلة والانتهاء من هذا الملف الذي لم يعد يحتمل الانتظار، وعلى هذا الأساس تم تعليق الإضراب المفتوح لرابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي، بانتظار الإيفاء بالوعود والخروج الآمن للسلسلة والتزام كافة القيادات السياسية والكتل النيابية باقرار الحقوق والتفرغ لما ينتظر البلد من استحقاقات داهمة، وأولها قانون الانتخابات العامة. فنكون بذلك قد بددنا مخاوف كل المستفيدين من السلسلة من عدم اقرارها واضطرارهم للنزول الى الشارع وخصوصا الاساتذة والمعلمين منهم، ما يهدد استكمال العام الدراسي الذي نحرص على انهائه بشكل طبيعي ويكون من يهدده فعلا تباطؤ المسؤولين ومماطلتهم والساعين الى تطيير السلسلة وترحيلها.

كنا وما زلنا ننتظر انعقاد الجلسة النيابية لفك أسر حقوق الأساتذة والمعلمين والموظفين المنتظرة منذ ما يقارب العشرين عاما، وإذ بنا نفاجأ بكلمة حضرة النائب انطوان زهرا التي تطاول فيها على التعليم الثانوي واساتذته التي اعتبرتها الرابطة إهانة ليس للأساتذة فحسب وإنما للتربية والتعليم الرسمي على السواء. كان من المفترض على حضرة النائب أن يتقصى المعلومات من وزارة التربية والتعليم العالي، وأن لا يقع في مغالطات طالت أساتذة يمثلون شرف الوظيفة العامة وقدسيتها في مهنة شاقة وصعبة.

وعليه، فإن رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي تضع هذا التهجم في خانة الاستهداف لهذا القطاع الذي أثبت على الدوام قدرته وانتاجيته وتفوقه وأعطى نتائج مرموقة في الشهادات الرسمية من خلال الامتحانات الرسمية وامتحانات القبول في الجامعات، واننا لا نرى في ذلك سوى محاولة لضرب التعليم الثانوي الرسمي وخصخصته وترك عشرات الألوف من الطلاب على أبواب المدارس الخاصة مع عدم قدرتهم على دفع اقساطها وبالتالي انعدام الفرص التعليمية أمام أبناء الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، وفي هذا الاطار نفند بعض الأمور التي تناولها حضرة النائب وهي:

1- عذرا حضرة النائب لا صحة لما ذكرته بأن عدد الأساتذة الثانويين يوازي عدد الطلاب أو بالكاد لكل أستاذ خمسة طلاب، وهنا نوضح ما يلي: عدد الثانويات الرسمية 268 ثانوية، عدد الأساتذة العاملين في الملاك 4299 أستاذا منهم 1300 أستاذ ما بين مدير وناظر ومنسق وإداري والباقي 3000 أستاذ في الملاك، وهؤلاء يغطون نصابهم الكامل ما بين 16 و20 ساعة اسبوعيا، ويبقى 1367500 ساعة سنويا موزعين على المتعاقدين الذين تتراوح عقودهم ما بين ساعتين و10 ساعات وعددهم 4071 استاذ متعاقد ومستعان بهم، وعليه فاحتساب ساعات المتعاقدين من بين ساعات الداخلين بالملاك مغالطة والأصح قسمة الساعات على النصاب الفعلي فينزل العدد الى 2279 استاذا على 70000 تلميذ موزعين على 268 ثانوية، فيكون المعدل 15 تلميذا لكل استاذ مع وجود اكثر من ذلك في الكثير من الثانويات تبعا لقدرة استيعابها واعدادها المرتفعة، وعليه فاذا بنى رأيه على معطيات من بعض الثانويات ذات الأعداد المتدنية من حيث أعداد التلاميذ فلا يمكنه التعميم على باقي الثانويات. هذا مع العلم ان الصفوف الثانوية تتوزع برامجها على 12 مادة لكل صف وكل مادة لها اختصاصيوها ولا يمكن أن يدرسها أي صاحب اختصاص آخر.

2- تقول إن أبناء الأساتذة لا يتعلمون في الثانويات الرسمية بل في المدارس الخاصة، وهذا دليل على عدم الثقة بالمؤسسة الرسمية. فيا حبذا لو تم مراجعة هذا الأمر والتدقيق به من قبلكم، لكنت وجدت أن غالبية الأساتذة ينقلون أبناءهم إلى الثانويات الرسمية عندما ينهون مرحلة التعليم الأساسي، إلا ما ندر منهم ولحالات خاصة.

3- إذا كنت لا تفقه معنى التناقص في عدد ساعات التدريس، ما عليك إلا العودة إلى القوانين التي أقرها مجلسكم الكريم التي تجيز هذا التناقص والاستعاضة بأعمال لا صفية ضمن الثانوية، أما قولك وتبريرك للتناقص بأنه من أجل التعليم في المؤسسات الخاصة، فللتوضيح، إن الأستاذ الثانوي بعد استكمال نصابه البالغ عشرين ساعة أسبوعيا، أجازت له القوانين بالتدريس في المؤسسات الرسمية والخاصة والمعاهد والجامعات بمعدل عشر ساعات أسبوعيا خارج نصابه ويستحصل على إذن رسمي بالتدريس من المراجع المختصة، حيث انه لا يوجد قانون تفرغ للأستاذ الثانوي شبيه بتفرغ أساتذة الجامعة اللبنانية. من هنا اصرارنا ومطلبنا اقرار مشروع التفرغ لأساتذة التعليم الثانوي. أما قولك بأن إنتاجية الأستاذ الثانوي في المؤسسات الخاصة أكبر وأفعل، فهذا افتراء وطعن في أخلاقية المهنة وهو مرفوض ومدان؛ فالضمير المهني لا يمكن أن ينقسم بهذه الحالة ونسب النجاح في الشهادة الثانوية العامة للثانويات الرسمية تؤكد مدى الافتراء، وإذا كان يزعجك المعاش التقاعدي للأستاذ الثانوي الذي لا يستفيد إلا من نسبة 85% من راتبه الأخير بعدما اقتطع منها 15% من غير وجه حق، وهي مدخرات تم توفيرها على مدى أربعين عاما وإذا احتسبناها مع فوائدها تعادل أكثر مما يتقاضاه المتقاعد.

فأجبنا، لم سعيتم إلى رفع المعاشات للنواب السابقين وعائلاتهم إلى 100% بدلا من 75%؟ أترون أن ما تشرعونه لأنفسكم حق وما يعطى للأستاذ باطل؟ إننا إذ نقدم هذه الحقائق، نتمنى أن لا تكون الغاية من هذه المغالطات حملة ممنهجة على التعليم الثانوي وعلى انجازاته المتقدمة ونتائجه الباهرة وعملية استقطابه للطلاب حتى من المؤسسات الخاصة الذين يرون فيه ملاذا ومفرا من القيود المادية الثقيلة، وتعليما ناجحا يقدم لهم أكبر الفرص وبجودة أعلى.

الجدير ذكره انه في الماضي القريب استهدف القانون 53/66 المتعلق بزيادة 60% مقابل زيادة ساعات العمل، فعدنا واسترجعناه لأنه حق مكتسب، واليوم يستهدف قانون التناقص وحرمان المتقاعد من حقوقه بعد أن خدم أكثر من أربعين عاما؛ برأيكم هل يجب ان يتسكع على الطرقات ويموت جوعا ويحرم من الحياة الكريمة في سني تقاعده؟ وعليه فاننا نوجه عناية المسؤولين إلى الخطر الذي يتهدد التعليم الثانوي الرسمي، وهذه بشائره، التي نتمنى أن تتوقف عند هذا الحد، نضعكم أمام مسؤولياتكم في الحفاظ على هذا القطاع والالتزام بإعطاء الحقوق وعدم المساس بالمكتسبات التاريخية التي حققها الأساتذة بعد نضال طويل، كما نطالبكم بالايفاء بالالتزامات التي قطعت والا سنجد أنفسنا مضطرين للعودة الى التصعيد. ايها السادة ان اقتصاد لبنان الحقيقي بإنسانه وعناصره البشرية، فإن كنتم ضنيين بالحفاظ عليه ورفع مستواه، فحافظوا على إنسانه”.