لكي يبقى الحزب حزباً / بقلم أجود خداج

منذ تأسس الحزب التقدمي الإشتراكي، تميز بأفكاره المعتدلة المنفتحة والمواكبة لتطورات العصر ومقتضياته، وهذا الأمر واقعاً وليس تنظيراً.

فكون الحزب يتبنى نتاج العلم والعلم من إبداع العقل، وطالما بالعقل نهتدي فطبيعي أن تكون مواقف الحزب معقلنة وموضوعية. انطلاقا من ذلك، شكل الحزب ومنذ نشوئه نقطة ارتكاز للعمل السياسي في لبنان ومحطة التقاء القوى السياسية حوله، ومنطلق كل التحالفات الوطنية.

وشكّل المعلم الشهيد كمال جنبلاط محور السياسة اللبنانية على مدى ربع قرن من العمل السياسي، وإستمر دور الحزب على هذا المنوال حتى بعد استشهاد المعلم طليعيا في الدفاع عن المقاومة الفلسطينية والوحدة العربية ورأس حربة في الحفاظ على وحدة لبنان وإستقراره وإستمر في دفاعه عن حقوق المظلومين والوطنيين والعروبيين.

غير أن دوره تراجع بعد حرب الجبل وتقلص نفوذه خارج الجبل من جراء الحروب الطائفية التي عصفت بالبلاد والانقسامات المذهبية والخطابات الفئوية ومشاركة الحزب بالسلطة فتحول من موقع المعارض الى موقع الموالي والشريك في سياسة المحاصصة. مما جعل بعض المثقفين والمتنورين في الحزب أن يأخذوا مسافة ما بل أحبطوا من جراء هذه السياسة التي جعلت الحزب يتقهقر عن الدور المناط به.

بالإضافة إلى عوامل خارجية كانت ضاغطة وفاعلة في خلق الأجواء المذهبية والطائفية والفوضى والفساد والانقسامات، عنَيْت بالتحديد الوجود السوري في لبنان.

كل هذه الأسباب أدت إلى تقاعس الحزب عن دوره الأساسي. وكي يستعيد الحزب دوره المطلوب: إعادة تقييم للمرحلة السابقة وإجراء نقد ذاتي للسياسات الخطأ التي ارتكبت والقيام بعملية تصحيح تمهيدا لإطلاق خطاب سياسي وطني بعيدا عن العنصرية والطائفية وتبنّي مطالب العمال والعمل على تصحيح مسار الدولة والمطالبة بمحاسبة المرتكبين والمتاجرين بالمصالح العامة من الحزب وخارجه وصياغة برنامج وطني على غرار البرنامج المرحلي للحركة الوطنية وإعتماد الكفاءة في كل مواقع الدولة وإنشاء جبهة سياسية تنضوي تحت لوائها كل القوى المؤمنة بالتغيير من أجل بناء وطن ديمقراطي ذات قرار مستقل، يؤمن العدالة الاجتماعية لكل اللبنانيين وإعتماد مبدأ لا ميزة لمواطن على مواطن إلا ميزة المعرفة والنشاط.

باعتماد هذا النهج نعود إلى قواعد الشعب ويعود الحزب من القوى الفاعلة شمالا وجنوبا ونعمل لاستنهاض كل الجماهير التي آمنت بفكر المعلم ونشد على يد القائد الشاب تيمور جنبلاط.

ومن أجدر من الحزب التقدمي الاشتراكي ورئيسه وليد جنبلاط بقيادة العمل الوطني في لبنان. فإن الحزب مدعو لوضع خطة يثمر من خلالها يوم الوفاء للمعلم في التاسع عشر من آذار بما يتلاءم مع تفعيل دور الحزب على الساحة الوطنية.

ومن أجل ذلك إن جميع التقدميين مدعوون لشحذ الهمم والعودة إلى الجذور لننهل مجددا من أفكار المعلم الشهيد لنتمكن من متابعة المسيرة التي رسمها حينها يبقى فينا وينتصر. وينتصر الوطن والحزب و بذلك نربح رئيسا وزعيما وحزبا بل نربح وطنا ويبقى الحزب الذي أراده كمال جنبلاط.