الديمقراطية بالمقلوب

جليل الهاشم

في كل البلدان والتجارب المسماة ديمقراطية يتم الانتخاب من تحت الى فوق بهذه الطريقة يتم اختيار النواب ممثلو الشعب الذين يلتئمون في مجلس هو حجر الاساس في بناء أي سلطة في نظام ديمقراطي اذ ان هذا المجلس هو المعني بمراقبة السلطة التنفيذية والموافقة على قراراتها او رفضها. وهو يعرف انه سيكون خاضعاً للمحاسبة الدولية في صناديق الاقتراع.

يحصل ذلك في البلدان الديمقراطية اما في بلدان الديكتاتوريات فتبنى السلطة من فوق الى تحت والقائد الملهم يعين النواب الذين تصبح مهمتهم اللاحقة مجرد التصفيق له والتجارب من حولنا كثيرة حيث اختصر ” السيد النائب” صدام حسين وهو كان لا يزال نائباً لرئيس الجمهورية العراقية السلطة في يديه فبات العراق جمهورية “السيد النائب” قبل ان يكتسب اسمه الجديد “جمهورية صدام”. اما في سوريا فالسوريون يتندرون عند اشارتهم الى مجلس الشعب بتسميته مجلس التصفيق. وبالعودة الى لبنان فإن ما يجري من مداولات حتى الآن لإنتاج قانون للانتخاب يوحي بأن المطلوب تعيين النواب قبل الانتخاب. فليس هناك من يطرح ما يناسب السير بالديمقراطية اللبنانية الى الامام إلا قلة قليلة أما أغلبية القوى المذهبية والطائفية فإنها ترغب بتقاسم مضمون للصوت الانتخابي يوصلها الى موقع أفضل لاقتسام ما تبقى من كعكة الحكم. هذا المنطق لا يسود فقط في الجدل حول قانون الانتخاب بل انه تعبير عن شهية مفتوحة لوضع اليد على كل المؤسسات التي يفترض ان تبنى على اساس الانتخاب الحر والخيارات الواعية.

هناك مشكلة في الأندية وفي الاتحادات الرياضية وقبل ذلك في البلديات والنموذج الذي يقدم لانتخابات الاتحاد العمالي العام نموذج فاقع فالرغبة في استمرار وضع اليد الطائفية والمذهبية والمالية على الاتحاد، وهي سياسة نجحت منذ التسعينات في شل الحركة النقابية وإلغاء دورها. ومثلما حصل في هيئة التنسيق النقابية التي حولت الى لقاء تنسيقي للقوى الطائفية تم الاتفاق المسبق كما نشر وعلم على تركيبة الاتحاد العمالي العام بأشخاصه ومواقعه بعد شكر رئيسه البارز ليشفاليسا الغصن.

هكذا تتحول الديمقراطية على يد القوى التقليدية والمذهبية والطائفية الى مسخ يراد منه بناء نظام متقدم. وبذلك لن نأمل كثيراً في قانون انتخاب أفضل ولا بسلطة تأخذ بعين الاعتبار أولويات شعب يعرف اللعبة ويمنع من تغييرها.