أي نتائج لجنيف (5) بين معارك حماه والتحضيرات لتحرير الرقة؟

انعقدت الجولة الخامسة من مباحثات جنيف السورية على وقع التصعيد العسكري على جبهات القتال المختلفة من حماه إلى درعا فوسط دمشق، في ظل تحضيرات دولية عالية المستوى لمعركة  تحرير الرقة التي باتت على مشارف الانطلاق وفق أكثر من مصدر عسكري. المبعوث الدولي الخاص الى سوريا ستيفان دي ميستورا أوضح ان المشاركين في مفاوضات السلام ملزمون ببحث العناوين الأربعة التي يتضمنها جدول الأعمال بغض النظر عن التراتبية، هي الحكم والدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب، على ان يتم نقاشها “بشكل متواز”، وفيما قلل المبعوث الدولي من نتائج المحادثات بقوله: “لا أتوقع تحقيق المعجزات ولا أتوقع اختراقاً او حتى انهياراً ولكن البناء على ما  حققناه في الجولة الرابعة والشروع في خطوات تطبيقية”. بدوره قال رئيس الوفد المعارض نصر الحريري للصحافيين ان المناقشات مع دي مستورا كانت “مثمرة.. وعرضنا أفكارنا حول هيكلية وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي وكذلك جميع المؤسسات المرتبطة بها أثناء مرحلة الانتقال السياسي”.

ومن المقرر أن يلتقي دي ميستورا الوفدين مجدداً قبل مشاركته مؤتمر الجامعة العربية في عمان لاطلاع القمة على الجهود المبذولة لتسوية النزاع السوري، فيما يزيد التصعيد الميداني من التعقيدات التي تحيط بجولة المفاوضات، بعد أن شنت قوات المعارضة هذا الأسبوع أكبر هجوم لها منذ شهور، حيث هاجمت مناطق تسيطر عليها قوات الأٍسد والميليشيات الموالية لها حول دمشق وقرب مدينة حماة، لينتهي اتفاق “وقف الاقتتال” في سوريا، والذ اتسم بأنه هش منذ بداية تطبيقه في 30 من كانون الأول ، حيث لم تفلح ثلاث جولات من المحادثات في أستانة في وقف القتال نهائيا، ما استدعى من دي ميستورا الى مناشدة، روسيا وإيران وتركيا بعقد المزيد من المحادثات بشأن وقف إطلاق النار في سوريا في أقرب وقت ممكن من أجل السيطرة على الوضع “المقلق” على الأرض، وقال “إنه اقترح على الدول الثلاثة أن يناقشوا الوضع المتأزم، وأن يعقد اجتماع في آستانة في أقرب وقت ممكن من أجل السيطرة على الوضع المقلق حاليا”.

ومن المتوقع أن يصل الى جنيف الاثنين المقبل نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، ورئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الروسية سيرغي فيرشينين، لإعطاء زخم للمفاوضات، مع استمرار الانقسام بين وفدي النظام والمعارضة على أولويات التفاوض و”دعم العملية التفاوضية السورية في إطار جولتها الخامسة”.

وكانت القوات الروسية قد انخرطت في معركة حماة، عبر غارات جوية مكثفة نفَّذتها طائراتها الحربية بهدف تمكين قوات النظام السوري من احتواء الهجوم الواسع الذي نفذته قوات المعارضة، حيث وصلت إلى مناطق قريبة من مدينة حماة ومطارها العسكري. وفي حين ازدادت تكهنات صعوبة احتواء قوات النظام للهجوم الذي يعد الأوسع والأسرع منذ عام 2013، نشرت وكالة أنباء تابعة لتنظيم “جبهة فتح الشام” صوراً أظهرت زعيمها (أبو محمد الجولاني)، إلى جانب قياديين آخرين، في غرفة العمليات المركزية، يخططون للسيطرة على مطار حماة.
مصادر عسكرية كشفت للأنباء أن النظام “لا يستطيع الصمود أمام هذه الهجمات الكبيرة والعنيفة التي تشنها الفصائل في حماة”. ولفت إلى أن ما يجري “أعنف اشتباكات على الإطلاق تشهدها جبهات حماة، لأن الفصائل المشاركة كبيرة ولها ثقل كبير على الأرض”. وتابع أن المعارك على بعد أقل من 4 كلم عن مدينة حماة ومئات الأمتار فقط من بلدة محرده كبرى البلدات المسيحية بالمحافظة، مؤكداً أن لدى “قوات المعارضة تعزيزات ضخمة جدا ومستمرة، أما قوات النظام وعلى الرغم من وصول تعزيزات إليها، والدعم الروسي، لا تزال تمنى بالخسائر، ولم تستطع صد أي هجمات أو إيقاف تقدم الفصائل”.
هذا، وتقود (هيئة تحرير الشام) تحالفاً مكوناً من عدة فصائل معارضة، نجحت في السيطرة على نحو 15 قرية وبلدة في ريف محافظة حماة الشمالي الغربي، في غضون أيام. فيما كشف الرائد سامر عليو نائب قائد (جيش النصر)، أحد الفصائل المشاركة في عملية تحرير الرقة (صدى الشام)، أن “المعركة لن تتوقف حتى تحرير كل مناطق حماة والوصول إلى ريف محافظة حمص المحرّر الذي يعتبر من أهم أهداف المعركة”.


في سياق آخر، تسارعت التحضيرات لانطلاق معركة تحرير الرقة من تنظيم (داعش)، فبعد اعلان وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان “إن الرقة محاصرة والمعركة ستبدأ خلال أيام”. متوقعا أن تكون المعركة قاسية، قال قائد (وحدات حماية الشعب الكردية)، إن الهجوم النهائي على الرقة سيبدأ في أوائل نيسان، غير أن الولايات المتحدة قالت إن قرارا نهائيا لم يتخذ بعد بشأن كيفية وتوقيت السيطرة على الرقة.

فيما أعلنت الناطقة باسم حملة (قوات سورية الديموقراطية) لطرد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) من مدينة الرقة، إن القوات المدعومة من الولايات المتحدة وصلت مدخل سد الطبقة حيث تشتبك مع مقاتلي (داعش).
وأنزل التحالف ضد (داعش) بقيادة الولايات المتحدة مقاتلين من (قوات سورية الديموقراطية) جواً قرب الطبقة بالقرب من نهر الفرات. حيث يوجد مقاتلون آخرون ب على الضفة الشرقية للنهر.لكن الطريق لا يزال صعبا أمام قوات سوريا الديمقراطية التي تخوض منذ أشهر اشتباكات عنيفة مع عناصر التنظيم.

وكانت قد بدأت (قوات سوريا الديموقراطية)، وهي تحالف تقوده وحدات حماية الشعب الكردي، عملية عسكرية واسعة لطرد تنظيم الدولة الإسلامية من الرقة بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن. وتمكّنت من إحراز تقدّم نحو المدينة، وقطعت كافة طرق الإمداد الرئيسية من الجهات الشمالية والغربية والشرقية. وهي موجودة حاليا على بعد ثمانية كيلومترات من الجهة الشمالية الشرقية في أقرب نقطة لها من الرقة.

وتتجه الأنظار حاليا باتجاه مدينة الطبقة وسد الفرات في ريف الرقة الغربي، خصوصا بعد عملية الإنزال الجوي التي قامت بها قوات أميركية، لدعم هجوم جديد لقوات سوريا الديموقراطية. حيث تهدف العملية أولا إلى السيطرة على مدينة الطبقة أو حصارها بالكامل قبل بدء معركة الرقة، وذلك لحماية خطوطها الخلفية من مفاجآت التنظيم، وتعدّ مدينة الطبقة معقلاً لتنظيم الدولة الإسلامية ومقرا لأبرز قياداته، فيما يقع السد على بعد 500 متر من مدينة الطبقة. وتعتمد المحافظات الواقعة في شمال سوريا وشرقها بشكل رئيسي عليه.

من جهة أخرى وفي سياق التحضير لما بعد معركة الرقة، كشفت مصادر عسكرية (للأنباء)، عن أن التجهيزات لإقامة مجلس محلي لإدارة مدينة الرقة، باتت مكتمل تقريبا، وأن الاستعدادات جارية لإقامة إدارة مدينة إلى حين تحريرها بالكامل، خاصة وأن عمليات تدريب للشرطة في عين عيسى، من قبل التحالف الدولي لا زالت مستمرة.

وأوضحت المصادر “أن السلطات المحلية ستوسع من نطاق المجلس المحلي الذي من المفترض أن يدير مدينة الرقة، بعد السيطرة عليها مثلما حدث في منبج، في اشارة إلى أن الرقة ستنضم لتجربة الإدارة الذاتية التي تفرضها (قوات سوريا الديمقراطية) والتي تشكل (وحدات حماية الشعب الكردية) قوامها الرئيسي.

وكشفت المصادر ، أن مئات الأفراد يتلقون تدريبا عسكرية في عين عيسى شمالي الرقة للانضمام لقوة شرطة المدينة، ويتم التدريب بمساعدة قوات أمن موالية لـ (قوات سوريا الديمقراطية)من منبج ومناطق أخرى في شمال سوريا وبمساعدة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

فيما رفض الجيش الأمريكي التعليق على أي أنشطة تدريب محددة لقوات شرطة، لكن مسؤولا أمريكيا واحدا قال إن الولايات المتحدة تعتقد أن أيا كان من يوفر الأمن الداخلي يجب أن يحترم ويعكس صورة المكونات العرقية للسكان.

ويعتبر تشكيل حكومة محلية موالية لـ”قوات سوريا الديمقراطية” في الرقة، توسيعاً واضحاً لنطاق النفوذ الكردي في شمال سوريا، بما يماثل ترتيبات الحكم نالتي فذت في مدينة منبج بعد السيطرة عليها العام الماضي، وهو ما يؤدي إلى مضاعفة قلق تركيا عضو حلف شمال الأطلسي التي تقاتل مسلحين أكرادا على أراضيها منذ ثلاثة عقود، وتخشى من تنامي الهيمنة الكردية عبر الحدود في شمال سوريا.

(*)فوزي ابو ذياب- “الأنباء”