فعاليّات “يوم المرأة العالميّ” و”عيد الأمّ” في كليّة الصحّة العامّة- الفرع السادس

عين وزين– “الأنباء”

لمناسبة اليوم العالميّ للمرأة وعيد الأمّ، نظّمت كلّية الصحّة العامّة في الجامعة اللبنانيّة- الفرع السادس في مقرّها في عين وزين- الشوف، ندوة تحت عنوان “المرأة والحياة”، حاضرت فيها الباحثة والأستاذة الجامعيّة الدكتور سوسن النجَّار نصر، وذلك بحضور مديرة الفرع الدكتور جنان شعبان وأعضاء الهيئة الأكاديميّة والموظّفين والطلّاب.

​وبعد تقديم من مديرة الفرع الدكتور جنان شعبان، تناولت فيه مكانة المرأة وأهمّيتها في الحياة، عارضة للصفات الجميلة والحميدة التي تحملها المرأة والأم التي اعتبرتها “موسوعة” في الثقافة والتضحية والعطاء، تساءلت الدكتور شعبان في معرض كلمتها عن خصوصيّة الأمومة، وما تطرحه من إشكاليّة لجهة: هل الطفل هو الذي يمنح المرأة الأمومة، أم أنَّ الأمّ هي التي تمنح الإنسان طفولته؟ مشيرة إلى أنَّ في داخل كلٍّ منَّا، سواء كنَّا من النساء أو الرجال، أمًّا هي التي تعطي الحياة قيمتها وطعمها وتحافظ علينا بكلّ قوّة، وقد يكون التعبير عن هذه الأمّ الساكنة في أعماق الرجل أحيانًا أقوى وأعظم ممَّا تظهره المرأة.

​ثمَّ تحدَّثت الدكتور النجَّار التي استعرضت للمحطَّات التاريخيّة التي مرّت بها المرأة، متنقّلة ما بين الملكة (لدى الفراعنة) والمستعبدة (في الهند واليابان والصين)، لتتناول بعدها حال المرأة بعد مجيء الإسلام ومنحها الحقوق كانسان له موقعه في الحياة. وتطرّقت بالمقابل إلى ما أفرزته الفترة اللاحقة للإسلام من مظاهر شابت حياة المرأة وشوّهت مسيرتها نحو التحرّر البنَّاء لا الحريّة الغوغائيّة والفوضويّة، فتحدّثت عن ظاهرتين اثنتين، ألا وهما: المرأة السلعة، والمرأة الدمية، وهما ظاهرتان لا تزالان، وللأسف، تكبِّلان المرأة بقيود الارتهان والاستغلال إلى يومنا هذا، حيث اعتبرت النجَّار بأنَّ النظر إلى المرأة كبئرٍ للنفط، أو كسلعة لهو أقصى درجات العنف، ويكاد يكون أشدّ وقعًا من الضرب أو القتل.

ثمَّ عرضت للمؤثّرات التي تلعب دورًا في حياة المرأة، وفصّلت ما يُعرف بالعامل المفترس الذي يحدّ من طموح المرأة ويقيّد إبداعها ولعب دورها الفعّال، إلى جانب دورها كأمّ وربّة أسرة، معتبرة أنَّ المرأة يجب أن تعرف نفسها، عملًا بالتعاليم القديمة: “اعرف نفسك تعرف العالم”،  وأن تبدأ بتربية هذه الذات لكي تتمكّن من تغيير الواقع الذي يكبّلها ويمنع عنها حقوقها الأوليّة.

وبالحديث عن الأمّ والأمومة، ذكرت النجَّار بأنَّ المفارقة التي نتوقّف عندها دائمًا، هي كيف لهذا الكائن الذي يعطي الحياة، أن يواجه صعوبات مع الحياة وسيرورتها التي يجب أن تكون حافلة بالحرّية والقوّة، لا الطغيان والخنوع؟ هذا، دون أن تُنكر بأنَّ عددًا من الأمّهات لسن جديرات بهذا اللقب، أو بلعب هذا الدور المقدّس، ألا وهو بناء الخليّة الأولى في المجتمع، الأسرة! وقد ذكّرت كذلك، بأنَّ ثمّة نساء لم ينجبن، ولكنَّ مشاعر الأمومة كانت طاغية لديهنَّ تمامًا كمن نَعِمت بحسّ الأمومة، إن لم يكن أكثر. وقد أردفت في هذا السياق بأنَّ المجتمع لديه نظرة دونيّة، أو نظرة إشفاق تجاه اللواتي لم يتزوّجن، أو تلك اللاتي لم ينجبن، معقّبة على ذلك بقولها، بأنّه إذا قُدِّرّ لهؤلاء النساء أن ينجحن في ميدان العمل، ويتألقن، فإنَّ المجتمع يعزو هذا النجاح إلى ملء فراغ كبير تشعر به المرأة يعيضها عن مشاعر الأمومة ووجود الشريك في الحياة، وقد غاب عن ذهن هذا المجتمع أنَّ الإنسان، بشقّيه، الرجل والمرأة، إنَّما يعملان لأجل العمل والعطاء وتحقيق الذات ككائن حيّ لا يقيّده جنس أو حالة اجتماعيّة.

​ولم تغفل النجَّار الحديث عن التحدّيات المعاصرة التي تسعى المرأة إلى التغلّب عليها ومواجهتها، وفي طليعتها عملها السياسيّ والمشاركة في صنع القرار، وهو حقّ مكتسب لها إذا ما أرادت خوض هذا المعترك، فشرحت ما يُعرف بـ “الكوتا السياسيّة”، معتبرة إيَّاها خطوة أوّليّة لكنّها غير عادلة وغير منصفة، لا بل تُحجّم دور المرأة عبر قولبتها ضمن حصّة عدديّة، وكأنَّ “هذه الحصّة” قدوًجدت لإرضائها، أو “لإسكاتها”، فيما المطلوب أن تنال المرأة هذا الحقّ بجدارتها وإمكاناتها، وبقدرتها على تحمّل المسؤوليّة، شأنها في ذلك شأن أيّ فرد يطمح إلى العمل العامّ.

​منطلقة من مقولة أن لا مساواة في الحياة سوى المساواة في الإنسانيّة، شرحت النجَّار أهميّة قانون “التنوّع ضمن الوحدة”،مؤكّدة على أنَّ الرجل والمرأة هما جناحا هذه الحياة، وهما يكملان بعضهما بعضًا، مع تشديدها على نجاح المرأة المعاصرة في ميدان العمل ومنافستها على مواقع القيادة والريادة، كونها تتمتّع بمواصفات القيادة Leadership (كالتخطيط، والتنظيم، والتواصل، والثقافة، والثقة بالنفس، والأخلاق…) سائقة أمثلة عدّة عن نساء رائدات، منهنَّ السيِّدة نظيرة جنبلاط التي تولّت الزعامة في جبل لبنان، وماري كوري أوَّل امرأة حائزة على جائزة نوبل، وشيرين عبّادي (إيرانيّة الجنسيّة- حائزة على جائزة نوبل تقديرًا لعملها في حقوق المرأة والطفل)، وروزاليندا فرانكلين مكتشفة شكل الـ DNA، والعالمة باربرة ماكلينتوك الحائزة على جائزة نوبل، ومالالا يوسف زي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، والمدافعة عن حقّالفتيات بالتعلّم، والمعماريّة زها حديد وغيرهنَّ.

واختُتمت الندوة بتوزيع الورود على الحضور من قِبَل مديرة الفرع.

(الأنباء)