السادس عشر من آذار… ويبقى القضية / بقلم نجوى البعيني النداف

في مثل هذا اليوم غيبَ القدر كمال جنبلاط. في مثل هذا اليوم من كل عام تتوقف ذاكرة الزمن بخشوع أمام هذه الأسطورة.

في مثل هذا اليوم من كل عام تتسمر ذاكرة اللبنانيين أمام صفحة من تاريخه، تسترجع ذاتها وترى من خلالها صورة الماضي والحاضر والمستقبل.

هذه الصورة رسمها كمال جنبلاط بثاقب عقله ونور بصره وبصيرته، فكانت قاموساً لكل طالب معرفة، عندما كان الآخرون من حكام جهلة أو حاقدين، وأرباب سياسة ومدعي قيادة، غارقين في تقسيم الوطن،وتقاسم أشلائه.

في كل يوم يمر، وفي كل عام، وفي كل حديث يعيشه اللبنانيون، تظهر أكثر فأكثر عظمة كمال جنبلاط، وقيمته الوطنية والإنسانية والفكرية.

في كل يوم على غيابه، وفي كل عام، يعرف اللبنانيون أكثر فأكثر فداحة خسارته على الجميع، على لبنان الذي أحبه واستشهد من أجله. على مسيحييه وعلى  مسلميه على العروبة والديمقراطية.

نعم خسر الجميع كمال جنبلاط، كان للبنان ككل، لم يكن لمنطقة، ولم يكن لأحدهم ضد الآخر. كان للعروبة، كان للديمقراطية، كان للمعرفة أينما كانت.

كان للفقراء والمحرومين، كان عدو الجشع الإستغلال.

اليوم الذكرى الأربعين على غيابه ننظر حولنا، فنراه فينا، في عقلنا وأعمالنا.

في كتاباتنا، نراه في قلب الوطن يدعو إلى الاحتكام إلى المنطق، إلى العقل لا إلى الغرائز.

نراه مع وحدة الحل، ووحدة الرأي، ووحدة الموقف.

نراه إلى جانب القوى التوحيدية لا إلى جانب الذين كفروا ويكفرون في كل يوم بوحدة لبنان وعروبته.

نراه يقف إلى جانب رغبة شعب لبنان في التطور، نراه إلى جانب رسالة لبنان في الوطن العربي وفي ما تبلغه من أجزاء من العالم الواسع. لا الى جانب أصحاب دولة الطائفية والمذهبية.

كمال جنبلاط في ذكرى غيابه نتذكره وهو يدعو إلى بناء نظام ديمقراطي حقيقي لا نظام فوضى وتعثر.

نتذكره وهو يدعو إلى التغيير في الذهنية، نتذكره وهو يدعو إلى التمسك بالمبدأ وعدم المساومة عليه.

كمال جنبلاط في ذكراه يتحدث عنا ولا نتحدث عنه، لأنه عرفنا ونحن لا نعرف عنه إلا القليل القليل الذي استطعنا إدراكه بما علمنا إياه.

في ذكراه نشعر إننا ما زلنا صغاراً أمامه.

في ذكراه نشعر أنه وحده القضية.