عن رمزية مشاركة الحريري في ذكرى كمال جنبلاط في المختارة

قد تكون مشاركة رئيس الحكومة سعد الحريري في الذكرى الأربعين لإستشهاد المعلم كمال جنبلاط، جنباً الى جنب مع صديقه وحليفه رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط مفاجأة غير متوقعة بروتوكولياً لدى الكثيرين. لكنها لم تكن مفاجئة إطلاقاً لمن خبروا زعيم “المستقبل” وعلاقته الوطيدة برئيس الحزب التقدمي الإشتراكي، التي توثقت بعد إغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، في الرابع عشر من شباط 2005.

فهذه المشاركة إذاً لها رمزيتها ودلالاتها. فالكل يعلم موقف النائب جنبلاط ورفضه آنذاك إقتراح السلطة إقامة مأتم رسمي للرئيس الحريري ثم ينتهي كل شيىء. وكان إصرار من قبله بأن يقام للرئيس الشهيد مأتما شعبيا تشارك فيه كل الجماهير التي أحبت الرئيس الشهيد من كل لبنان، وتحديداً الفقراء منهم الذين كان الحريري الى جانبهم دأئماً. وهو ما جعل الناس تكسر حاجز الخوف وتزحف للمشاركة في وداعه، وهي التي قادت الى التظاهرة المليونية في 14 آذار الشهير، التي أدت الى إنسحاب الجيش السوري من لبنان.

وأثناء زيارة الرئيس الفرنسي جاك شيراك لتقديم واجب العزاء بصديقه الرئيس رفيق الحريري في قريطم كان النائب جنبلاط  الى جانب عائلة الفقيد الكبير في مقدمة مستقبليه، رغم التهديدات التي كان يتعرض لها بإستمرار من نفس الجهة التي إغتالت الحريري. وبعد إجتماعه به سمع أحدهم الرئيس الفرنسي يتحدث لعائلة الرئيس الحريري بكبرياء عن جنبلاط. ألم يقل الحريري لجنبلاط قبل إستشهاده (إما أنا إما أنت) فكانت نصيحة جنبلاط له بالذهاب الى التمديد لإميل لحود حفاظاً على سلامته. ورغم ذلك كان قرار إزاحته عن المسرح السياسي مشابه تماماً لقرار إزاحة المعلم كمال جنبلاط.

منذ ذلك التاريخ والعلاقة بين وليد جنبلاط  وعائلة الحريري لم تنقطع، وتحديداً مع الشيخ سعد والنائب بهية الحريري، رغم محاولات البعض التأثير على هذه العلاقة بالتحريض تارة وبالتصريحات والمواقف الإرتجالية طوراً.

واليوم فان مشاركة الرئيس سعد الحريري في الذكرى الأربعين لإستشهاد المعلم كمال جنبلاط تشكل وقفة تحمل الكثير الكثير من المعاني، كما وكأن التاريخ يعيد نفسه.

صبحي الدبيسي – “الانباء”