عن حجم زعامة وليد جنبلاط! / بقلم فؤاد طربيه

لا يا سادة، إن حجم زعامة وليد جنبلاط لا يتجلى بعدد الذين وفدوا الى المختارة وحسب، بل يتجلى ويقاس أيضاً بأهمية الثوابت الوطنية والعربية الثلاث التي كرّسها في طيات الخطاب الذي القاه.

نعم، إن حجم زعامة #وليد_جنبلاط لا يتجلى ولا يقاس بأعداد المشاركين في الذكرى الأربعين لاغتيال المعلم #كمال_جنبلاط التي قدرتها أحد الاجهزة الأمنية بأكثر من مئة ألف وحسب.

ولا يقاس بتنوع أطياف المشاركين الذي شملوا أوفياء من جميع مناطق لبنان؛ من عكار وطرابلس والشمال عموماً، من الإقليم وصيدا وحاصبيا والجنوب ومن راشيا والبقاع ووادي التيم ومن الجبل الى الساحل وبيروت وحسب.

ولا بمناصب المشاركين وحسب، حيث تمثل الرئيس نبيه بري، فيما حضرالرئيس #سعد_الحريري شخصياً كما وحضر عدد كبير من النواب والوزراء الحاليين والسابقين وممثلين لكافة الأحزاب العريقة وحضر ممثلين عن جميع الطوائف الروحية وسفراء وديبلوماسيين …

حجم زعامة وليد جنبلاط تجلت بالثوابت الثلاث التي لطالما كرّسها وكررها في طيات الخطاب الذي القاه، بالإضافة للتوصيٓتين اللتين أطلقهما..

الثوابت:

١- الحفاظ على الوحدة الوطنية ومصالحة الجبل.

لم يكن صدفةً بروز عبارة أو شعار ”أدفنوا امواتكم وأنهضوا” في جميعا جزاء خطاب الزعيم وليد جنبلاط الَتِي أراد منه التأكيد على طيّ صفحة الماضي والمضيّ قدماً في الحفاظ على الوحدة الوطنية وعلى مصالحة الجبل..

كما أن وصفه لما جرى بعد اغتيال المعلم جاء للتذكير وللتوعية لخطورة المرحلة التي سبق ان مررنا بها قائلاً: “منذ أربعين عاماً وقع الشرخ الكبير ووقعت الجريمة الكبرى بحق الشراكة والوحدة الوطنية… حاولنا وأد الفتنة لكن الشر كان قد وقع… فكان قدري أن أحمل على كتفٓي عباءةً ملطخة بدم المعلم كمال جنبلاط ودم الأبرياء الذين سقطوا غدراً… وانتظرنا لحظة المصالحة وكان يوم عقد الراية بين العمامة البيضاء وبين العمامة المقدسة للبطريرك صفير في عام ٢٠٠١…”

كذلك كان ملفتاً في هذا السياق بأن توصية زعيم المختارة الاولى الي الحزبيين والمناصرين في خطابه كانت متعلقة بالتضحية من أجل السلم والمصالحة، قائلاً: ”أوصيكم بأنه مهما كبرت التضحيات من أجل السلم والحوار والمصالحة تبقى التضحيات رخيصة أمام مغامرات العنف والدم أو الحرب…” علماً بأن الزعيم وليد جنبلاط واللقاء الديمقراطي والحزب التقدمي الاشتراكي لعلهم الوحيدين الذين تنازلوا

سياسياً لدى انتخاب الرئيس وكذلك ضحوا عند تشكيل الحكومة العتيدة، ويبدو انهم الآن ما زالوا مستعدين للتضحية في إنتاج قانون إنتخابات من اجل هذه الثابتة المقدسة…

٢ – الثابتة الثانية هي التاكيد على عروبة لبنان ومحورية وقومية القضية الفلسطينة؛ حيث ذكّٓر جنبلاط باسقاط اتفاق السابع عشر من أيار والتصدي للعدوان الاسرائيلي والدفاع عن عروبة لبنان.. كما جاءت توصيته الثانية لنجله تيمور بك تأكيداً على عروبة لبنان ومحورية وقومية  القضية الفلسطينية  قائلاً له: ”لذا يا تيمور سرّ رافع الرأس وأحمل تراث جدك الكبير المعلم كمال جنبلاط واشهر عاليا كوفية فلسطين العربية المحتلة كوفية لبنان والتقدمية والاحرار والثوار وكوفية المقاومين لإسرائيل…”

ناهيك عن الرمزية العربية الكبيرة  لنشيد “موطني” الذي إنتقاه سيّد القصرليختتم به ذكرى الشهيد بالإضافة الي رمزية تسليم نجله تيمور بك كوفية الوفاء..

٣- ثالث ثابتة هي الإمتنان والوفاء الذي لطالما أعرب عنها الي جميع الذين ساهموا بإنجاح مسيرة الأربعين عاماً  والي الذين ساهموا بالانتصارات التي حُققت وساهموا بعبور السفينة الي برّ الأمان. فوليد جنبلاط لم ينس أحداً مِنمٓن وقفوا الي جانبه طيلة الأربعين عاماً، اذ عبر لهم عن وفاء القائد المتواضع متوجهاً اليهم، قائلاً:  ”بفضل محبتكم واخلاصكم وتضحياتكم قدنا السفينة سوياً وسط التحديات والتسويات…”

كما عبر عن وفائه الي الذين رافقوه واحتضنوه ولمن سار معه من ثوار الـ٥٨ وأكد الوفاء للعمامة البيضاء التي رافقته.

كذلك عبّر مقدّراً تضحيات الحركة الوطنية اللبنانية والمقاومة الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية الذين ”وقفوا معنا وقاتلوا معنا واستشهدوا معنا” والاهم وفاء زعيم المختارة الى جيش التحرير الشعبي – قوات الشهيد كمال جنبلاط ”الذين لولاهم لما كنا اليوم وبعد أربعين عاماً هنا في ساحة المختارة”.

نعم يا سادة، إن الأعداد والتنوع الذي شهدته دار المختارة اليوم في ذكرى الوفاء للشهيد لها أهمية كبرى لدينا، ولكن لها أهمية أكبر بأعيُن المتربصين الذين يحاولون أن يبرعوا بلغة الأرقام إنتقائياً حيث تقتضي مصالحهم ويغضون الطرف حيث الأرقام تحجّمهم.

إنما بالنسبة لنا الثوابت التي لم يحيد عنها يوماً زعيم المختارة والتي تربينا عليها تجعل حجم وليد جنبلاط يقاس على مستوى لبنان والعالم العربي بغض النظر عن الألوف التي أمت دار المختارة مشكورةً..

داعين المولى عز وجل أن يوفق تيمور بك جنبلاط بمسيرته في ظل الإنقسامات الحادة التي يشهدها الموقف السياسي وآملين أن يرسوا المنطق فيعقل الذين لا يعتبرون!

(الأنباء)