رقم صعب ومعادلة سهلة / بقلم أسعد أبو غطاس

ذكرى الـ 40 لإستشهادك معلمي، حَطَمَتْ الأرقام وغيرت المعادلات والموازين. ذكرى الـ 40 لإستشهادك معلمي، تخطت في العمر تلك السنوات الأربعين، وأصبحت ذكرى لأربعين جيلٍ قادمين، لا وبل باتت خالدة لأبد الآبدين. ذكرى الـ 40 لإستشهادك معلمي، أزالت الغبار عن وجه الحقيقة، لتقطع خيوط الشك باليقين. أما ذكرى الـ41 لإستشهادك معلمي، فستكون ذكريان، الأولى لإستشهادك، والثانية للذكرى الـ40…

قد خانك آذار، معلمي، في يومه السادس عشر من عام 1977، فكان يوماً مريرا على لبنان و الإشتراكية، والعروبة و القضية. قد خانك و خان التقدمية، تلك التي تقدمت بالأفكار الجوهرية والإنتمائات الوطنية على كل من إدّعى العروبة و الوفاء لليعربية. قد خانك وخان الحزب التقدمي الإشتراكي، الذي ترعرع بين أحضانك واعتاد على طلاتك ورؤياك و ارشاداتك. ولكن، سامِحْه يا معلمي، سامِحْه فقد طلب العفو منك بعد أربعين عاما. سامحه ففي يومه التاسع عشر رد الكرامة إكراماً، وزاد في الحشد أرقاماً، و أخمد عاصفته في ذكراك احتراماً، و ألبس حفيدك في الزعامة وساما وفي القضية كوفيةً وعمامة، وأودع للمصالحة تحيةً وسلامة.

مئات الألوف، نقلاً عن تقريراتٍ أمنية، وخارج المألوف، تعابير الخوف المخفية، على وجوه صُدمت، بأعداد المشاركين السخية، التي نادت: إما نكون أو المنية. انتظرنا هذا اليوم في سجن الصبر و غربة الإشتياق، لم يكن على هذه الصورة غباشٌ أو غشاء، فأتت لتوقض شمس الزعامة الجديدة للإشراق، و لتشفي غليل الشارع بالترياق. ترياقٌ من نبع المختارة، أسق الرجال الغيارة، ليقولوا بملئ العبارة: خضنا معارك جبّارة، والبنادق رهن الإشارة، ولكننا نُصرّ على المسامحة والمصالحة إصرارا، ندفن موتانا وننهض إكبارا، لا نشعل في الفتنة شرارة، لا نصدر في الحرب قرارا، قرارنا السلم، والحوار طريقنا الطويل، و بالبسالة نتحدى البسيل، وبالمكارم نتحدى البخيل، ووجودنا مرتبط بهذا السبيل، السبيل الذي وطأته أقدام الرجال الرجال، أقدام زعيم المختارة وليد جنبلاط والذي سيكمله نجله تيمور بعد ارتداءه كوفية الزعامة.

هي معركةٌ لإثبات الوجود، عابرة للمناطقية، الطائفية أو أية قيود، تيارٌ من الأحرار جرف بأمواجه تيارا غريق، غيّر مسار “التغيير” فيه، وفتح أبواب المضيق، حرر طرقات الحق و قطع في وجه أفكاره “ألاإصلاحية” الطريق. تيارٌ من الشرفاء صعق تيار الـ”24 ساعة كهرباء” أو المعروف بتيار الـ”24 ساعة كذب” صعقةً نرجو أن توقضه من سباته العميق. ما أراد التقدميين قوله في هذا اليوم، بأنْ لا يظنن أحدٌ أن بإمكانه أن يلوي سيف وليد جنبلاط، فسيفه هو الحرية و التقدمية، والشراكة والإنسانية. ولا يحسبن أحدٌ أنه بامكان تيارٍ عابرٍ زائف من رياح الخماسين، مهما حمل من غبارٍ على مبادئه وأعماله، أن يهز جبل وليد جنبلاط. فحزب وليد جنبلاط رايته تقدمية، مبادئه اشتراكية، أعماله اصلاحية، تتخطى المناطق والطوائف الدينية، تسمو بالنموذجية فوق كل اعتبار، وبالوفاء والانتماء لهذا الخيار، كما و الانماء فوق كل مصلحة أو قرار. هذا هو الحزب التقدمي الإشتراكي بقياداته الحكيمة، ومبادئه النعيمة، وأعماله السليمة، يهز كما العادة، قلوب الفاسدين، ويتحدى المغرضين، ويفسد فرحة المعتقدين بأنهم قادرين على المساومة على الوطن بثلاثين من الفضة.