عن ذاك اليوم الأسود! / بقلم أمية صياغة الصفدي

كان يوماً أسوداً..

وكنت طفلة… كبرت فجأة.. فقد قرأت في وجوه أهلي ما كبرني بسرعة لأستوعب ما حدث.. وأفهم هول الفاجعة.. وعظيم الخسارة…
الى المختارة ذهبت بالأمس.. للمشاركة في الذكرى الأربعين لاستشهاد كبير من بلادي..
بكامل إرادتي.. وبهامة مرفوعة ذهبت-وليس كما يحلو للبعض أن يحلل-وشققت طريقي بين الحشود.. فأدركت بأن التاريخ هو من يحكم في النهاية… وحكمه على كمال جنبلاط تجلى فى ذكراه بمشهدية رائعة أكبر من أن توصف بكلام…
والحق أن قلبي كان مقسوماً على مشهدين.. الأول في الجبل .. والثاني في ساحة رياض الصلح.. حيث كان الإشتراكيون يتظاهرون مع فئات من المجتمع المدني ضد الظلم والفساد.. كما أراد لهم كمال جنبلاط.. أن ينحازوا دوما للحق.. وللعدالة..

كمال جنبلاط… أيها النور الذي سطع يوما في مداراتنا الحزينة…

كم يلزمنا من الأجيال..لكي نستعيد قامة كقامتك.. وفكرا كفكرك..

وكم سنودع من الشهداء بعد..في حفلة الدماء التي لا تنتهي في هذا “الشرق المظلم”…حتى نطال حلمك…
“ادفنوا أمواتكم..وانهضوا..”

كلمات قليلة قالها بالأمس وليد جنبلاط.. ولكنها جاءت محملة بالكثير… الكثير من الوجع.. الكثير من الصبر… والكثير من العناد…
كان صوته يشي بحمله الثقيل.. فقد حاول جاهدا حمل الأمانة.. فنجح هنا وتعثر هناك…ولكن المؤكد أنه كان له -وفي كل المراحل-شرف المبادرة والسعي لحفظ الوطن وحمايته من كل خطر.. وظل السلم الأهلي عنده فوق كل اعتبار…

مختارة أنت أيتها المختارة… لتكوني منارة مزينة بفكر الكمال.. وشجاعة الوليد.. وستظلين كذلك… فأي موروث يمكن أن يورثه الأجداد والآباء أعظم من الفكر؟

وإلى هذا الفكر نعود..ففي رؤيته خلاص لنا ولأجيالنا القادمة..الفكر الذي قدم الكثير.. وأكثر ما يعنينا منه اليوم..هو البرنامج الإصلاحي للحركة الوطنية اللبنانية..الذي -وبدون مبالغة-يصلح أن يكون دستورا جديدا متقدما… وخشبة خلاص لنا جميعا..

فيا شباب لبنان… إقرؤوا كمال جنبلاط.. لا تكونوا..

“شعبا يقرأ الصورة.. ويتفرج على الكلمة”….
معلمي…
باق انت فينا…
باقية تعاليمك… باق نهجك وفلسفتك..
باقية كلها.. في ضمير كل مواطن حر في بلادي…وحتى يصبح الشعب سعيدا…

(الأنباء)