أما وقد انتصرت الفكرة على المقصلة / بقلم وائل ابو فاعور

منذ سبعين عاما قال كمال جنبلاط: على من يسبق التاريخ بأفكاره ان يتوقع ان تكون المقصلة بانتظاره، وهكذا كان سبق هو التاريخ بأفكاره وكانت مقصلة الرجعية العربية بانتظاره وظنت المقصلة انها انتصرت على الفكرة وسادت شرقنا العربي لسنوات وسنوات.

منذ أربعين عاما، ورث وليد جنبلاط والده شهيدا وقال يومها: فلينتظر العرب لكي يأتي كمال جنبلاط اخر، عبثا سينتظرون.

وورث يومها عباءة ملطخة بالدماء كما قال بالامس، لم يتسن له البكاء او حتى التأمل بتلك الفاجعة بل انصرف مع الشيخ محمد ابو شقرا لكي يوقف موجة القتل الغرائزي التي انطلقت وأودت بحياة عشرات الضحايا الابرياء الذين كان الكثيرون منهم يحبون المعلم وعندما اقترح عليه احد المحيطين ان كمال جنبلاط اكبر من ان يدفن في اليوم الذي يلي قال له وليد جنبلاط سندفن غدا لنوقف القتل.

وليد جنبلاط الذي ظلم نفسه وعواطفه وذاته يومها لأجل حقن الدماء وظلم نفسه بعدها بان جالس القاتل وصافحه مقصيا نفسه لأجل فلسطين ولأجل القضية ولأجل أهل القضية ولأجل أهله ووطنه وعشيرته هو نفسه وليد جنبلاط الذي عبر فوق الدماء وفوق الاحقاد وفوق الصفحات السوداء لأجل الوحدة الوطنية ولأجل المصالحة بين اللبنانيين مرات ومرات، وهو نفسه الذي وقف بالامس وقال: أدفنوا موتاكم وانهضوا مختصرا مسيرته التي شقها بين انهار الدماء ومؤتمنا تيمور على الوصية والمسيرة والهوية فابكى من ابكى وعلم من علم وأوصى من أوصى.

بالامس وقف وليد جنبلاط تحيط به عائلته الكبرى من الشرفاء والأوفياء من وادي خالد الى عرسال الى عكار وطرابلس والبقاع والنبطية وصيدا وصور، من البترون الى جبل لبنان بكل اطيافه، من وادي التيم الى بيروت، من مجاهدي العام ١٩٥٨ الى مقاتلي جيش التحرير الشعبي – قوات الشهيد كمال جنبلاط، وقف ينشد:

كل نهر إنما يجري لبحر       انت بحر الطهر دمع الفقراء

يا جبالا أزرعي في القبر قبر     نحن جيل المجد جيل الكبرياء

وقف تحيط به هالة الثورة الفلسطينية بكوفيتها وقياداتها وفصائلها.

وقف يؤبن احلامه واحلامنا لكن يعيد إحياءها ولو بعد حين.

وقف يشيع طموحاتنا لكن يحثنا على الوفاء لها والتمسك بها ولو انتظرنا جيلا جديدا بل اجيالا.

وقف يحيط به رفاقه في الحزب، الشهداء، الجرحى، المناضلون القدامى كما الجيل الجديد، يمسك بأياديهم ويقودهم معه الى خيار الالتزام بالقناعات: فلسطين ولو منسية ، العروبة ولو مقصية والمقاومة والمصالحة فهو ما تعود ان يترك احدا خلفه او ان يترك احدا يسبقه الى الخيارات ولو مؤلمة وهم ما حاججوه يوما حتى في دمائهم فهو خير من يؤتمن على التاريخ والمستقبل.

بالامس وقف تحيط به عائلته الصغرى، السيدة نورا، السيدة جيرفت،  تيمور، اصلان، داليا، ديانا ومن شرفة القصر فؤاد وسابين.

وقف يقول: الفكرة انتصرت على المقصلة ولو بعد حين ومعه ومع تيمور وأصلان سنبقى أهل الفكرة التي تحارب المقصلة الى يوم نحقق  لكمال جنبلاط فكرته:

على رنين معاولنا وعلى صدى هتافات الأبطال منا سيستيقظ هذا الشرق الجاثم في سلاسل الفقر والجهل والعبودية.

وائل ابو فاعور – “الانباء”