كمال جنبلاط لا يموت

بقلم زاهي وهبي

أنباء الشباب

في السادس من كانون الأول عام 1917، ولد كمال فؤاد جنبلاط، في المختارة، وولدت معه ماهية جديدة للزعامة.

زعامة يتولاها مفكر وفيلسوف، له من المعرفة والعلوم والثقافة والروحانية ما له من العنفوان والإصرار والحضور.

زعامة يتولاها عروبي أصيل، في عروقه تتوقد منذ صغره ثورة على الطغيان، وفي صلب أولوياته في كبره قضية فلسطين المحتلة قسرا، والتضحية في سبيل تحرير الشعوب المقهورة.18

زعامة يتولاها كمال، ويصنعها كمال، وليست هي من تصنعه.

زعامة صلبة ثابتة، ركيزتها مبادئ، وقوامها رجال، ويكفينا فخرا بأنها كانت، زعامة معلم!

هكذا  كان للمسيرة قائد، وللوطن سلاح، وللأمة مدرسة انتمى إليها شرفاء من كل هذا العالم.

هكذا إلى أن أتى السادس عشر من أذار عام 1977، وتوهم الظلام بقتل الشعلة، وتوهم الجهل بهزيمة الفكر، وتوهمت السجون الكبرى بأن قبضت على تلك الروح الفولاذية المتمردة الحرة، لكنها ومنذ الحادثة وفي أربعين عاما مضت، أدركت بأن كمال جنبلاط فكرة خالدة سامية، طليقة من كل قيد، أبعد ما تكون عن المادية التي تقتلها رصاصة.

هو من نال مديح الخصوم، قبل ثناء المحبين والمريدين.

هو من قال فيه الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران يوما: “تعلمت منه أول درس في الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط”، وهو نفسه القائد الذي صفقت له الجموع الغفيرة في القاهرة، تقديرا لمشاركته وتضحيته مع الكبير الراحل جمال عبد الناصر في بلورة الحلم العربي، وهو نفسه رجل الدولة الذي قال فيه الأستاذ جان عبيد: “ما سكن التاريخ رجل من ساسة لبنان بقدر ما سكن كمال جنبلاط “.

اليوم ، وفي ذكراه الأربعين، نلتمس وجوده أكثر من أي وقت مضى، وفي زحمة الحديث عن النسبية والإصلاح  و إلغاء الطائفية السياسية (ولو في العلن فقط)، يقف الحزب التقدمي الإشتراكي بقيادة الرئيس وليد جنبلاط ليقول بكل فخر واعتزاز: هاكم ما طرحه المؤسس المعلم قبل أربعين عاما من طرحكم، وهاكم تاريخ الحزب ومؤسسه في النضال ضد الطائفية والفساد والمحاصصة!

معلمي، ربما لم تتسنَ لي الفرصة لرؤية وجهك البهي، وقامتك التي يدور الزمن ألف عام وأكثر لتبصر الشعوب مثلها، لكنني أعرفك معلمي نهجا لا يفنى، وفكرا نيَرا عصيَا على الزوال، أعرفك حزبا بنيته، وشعبا أحبَك وأحببته، وأقوالا مأثورة حفظتها في صغري، وأرددها اليوم وغدا!

كمال جنبلاط، في الأربعين، في الخمسين، في الستين، ولأنك في العروق تجري، ستبقى فينا وتنتصر!

(أنباء الشباب، الانباء)