عدالة آذار..

سُقراط دُربيِّة

أنباء الشباب

في السادس عشر من شهر آذار من العام 1977، صدر قرار الإغتيال الجسديّ لا السّياسيّ  والفكريّ للمعلم الشّهيد كمال جنبلاط، زعيم الحركة الوطنيّة آنذاك في لبنان، من قِبلِ أقبية النّظام السّوريّ القمعيّ والبربريّ، الّذي أراد أن يهيمنَ بقوّة السّلاح ومن خلال إرساء مشروع التّقسيم الديمغرافيّ والطّائفيّ.
فأشعل فتيل الحرب الأهليّة بين أبناء الوطن الواحد، للوصول لمبتغاه في السيطرة على مقدّرات الدولة وخيراتها. فجعلَهُ ساحةَ صراعاتٍ لتصفيةِ الحسابات الإقليميّة والدّوليّة مع العدو الإسرائيليّ، وتحييد جبهة الجولان السّوريّ وتركها آمنةً ليسرح فيها الإسرائيلي كما يحلو له!
وأضف، على مدى عقودٍ أربعة من الزّمن، كرّس النّظام السّوريّ كلّ قِواه لتحجيم الدّور المسيحيّ في لبنان بحجّة حمايتهم، مستفيداً من الغطاء الدّوليّ غير المبرّر. فأقدم على إدخال قوّاته العسكريّة ونشرها للفصل بين الأطراف المتنازعة، لتصبح فيما بعد أمراً واقعاً لا يمكن التّخلص منه بسهولةٍ!

وللمفارقة، شاء القدر أن ينتقم للشهيدين كمال جنبلاط ورفيق الحريري، فجاءت ذكرى آنطلاقة الثّورة السّوريّة في وجه الطّاغية بشار الأسد، في ذات التّاريخ من العام 2011، وثورة الأرز في لبنان في الرّابع عشر من شهر آذار، ممّا يبرهن ويُثبت أنّ العدالة الإلهيّة تحقّقت ولو بعد مرور أكثر من ثلاثة عقودٍ من الزّمن على واقعة الإغتيال الأولى!

في هذا السّياق، تمّت تصفية القادة الأمنيّين (خلية الأزمة) لذاك النّظام الحاقد في تموز ٢٠١٢، وتكون بذلك قد تهاوت أغلبيّة أعمدة السّجن العربيّ الكبير! وهنا، أودّ ذكر ما قاله الزعيم كمال جنبلاط رفضاً لقرار دخول قوّات الرّدع العربيّة للبنان، وآستبدالها بالقوّات السّوريّة “الشّقيقة” بعد حين: “إنْ أردتم قوّات ردع، آستدعوا الأجنبيّ أيّاً كان! لأنّه حينما تريدون إخراجَه من لبنان، سوف تستنجدون بالجيش العربيّ الشّقيق! وحجَّتكم ستكون إنَّهُ مُستعمر”. بيد أنّ إنْ جِئتم بالسّوريّ، فما هي المبرّرات الوطنيّة والقوميّة!!

(أنباء الشباب، الأنباء)