تحذيرات من المواقف الارتجالية قبل ايام من انتهاء مهلة 18 أذار

لوحظ ان إعلان رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل عن مشروعه الإنتخابي الثالث بعد سقوط مشروعيه الأول والثاني، وإصراره على المضي بتقديم المشاريع المختلطة حتى تتم الموافقة على أحدها كقانون مشترك يجري اعتماده لإجراء الإنتخابات النيابية بموجبه كما قال بالأمس، جاء قبل خمسة أيام على إنتهاء مهلة دعوة الهيئات الناخبة من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، التي تنتهي في الثامن عشر من الجاري، على الرغم من تأكيده هو الآخر بأنه لن يوقع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة ما لم يتم التوافق على قانون جديد للإنتخابات، ما يعني دخول المجلس النيابي بالفراغ، مع ما تحمله هذه الخطوة من مؤشرات سلبية قد تضع البلد في المجهول بالنظر الى التناقضات والخلافات المتحكمة بالقوى السياسية التي لا يمكن حلها إلا بالتوافق المسبق في ما بينها، قبل الدخول في أي إستحقاق سواء كان إنتخابياً أو مصيرياً ويتطلب إجماعاً وطنياً.

في هذا السياق، حذرّت مصادر نيابية مستقلة من المواقف الإرتجالية التي يلجأ إليها البعض لغايات أصبحت معروفة الأهداف ولم تعد خافية على أحد، من مغبة استمرار بما وصفته القفز بالمجهول، وإغراق البلد من جديد في الرمال المتحركة التي تدور من حوله. من دون أية ضوابط تحصنه من مخاطر الإنزلاق  في الفتن الطائفية والمذهبية المحدقة به من كل الجهات. ورأت المصادر بأنّ الخطوات غير المدروسة التي يقوم بها البعض عن قصد أو بدون قصد بدأت تداعياتها السلبية تهز الشباك اللبنانية من خلال العودة الى فرملة العلاقات العربية – اللبنانية، والخليجية – اللبنانية بشكل خاص.  بعدما أظهرت  الدول الخليجية رغبة أكيدة في مساعدة لبنان، وتقديم كل ما يلزم لإعادة النهوض الإقتصادي والمالي الى البلد الذي يعتبرونه متنفسهم وبلدهم الثاني، مع إستعدادهم لإلغاء كل التدابير الإستثنائية التي إتخذت بحقه في المرحلة السابقة. والتي إعتبروها مجحفة في بعض جوانبها. وذلك لأنّ الأوضاع الدقيقة وغير العادية التي تمر بها المنطقة العربية لم تعد تسمح بحلحلة الأمور عبر الطرق الدبلوماسية المعتادة.

وقد أصبح لكل موقف سلبي موقف قد يكون أكثر حدة وسلبية منه، على إعتبار أنّ جميع الدول العربية هي اليوم في دائرة الخطر جراء المؤمرات الإقليمية والدولية والمحلية عليها. ولم يعد هناك أية دولة تستطيع القول بأنها في منأى عما يجري من حولها.

وعلى هذا الأساس نصحت المصادر النيابية المستقلة كل الغيارى على العهد، وعلى سمعة العهد وعلى رأسهم الوزير جبران باسيل، بالتخلي في هذه المرحلة بالتأكيد عن فكرة إزاحة خصومه عن المسرح السياسي، وإلغاء ما أسمته المصادر بنهج الإعتدال وخط الوسط. لأنّ الإعتدال وخط الوسط هما لازمتان ضروريتان لإستقامة العمل السياسي في لبنان بإعتباره البلد الوحيد المكون من 18 طائفة وكل طائفة تتشكل من أكثرية وأقلية، ومن وسطيين ومعتدلين. وبالأخص في الطوائف المسيحية المتعددة إذ لا يمكن إلغاء كل هذا التنوع بشحطة قلم. أو من خلال مشاريع قوانين إنتخابية أين منها المشاريع الهمايونية والسنسكريتية.

واعبرت المصادر بأنّ من المبكر والخطأ الجسيم أن يفتح الوزير باسيل معركة خلافة الرئيس عون في الأشهر الأولى من عمر العهد، وقبل معرفة طريقة الحكم لدى سيد العهد وحجم الإصلاحات التي وعد اللبنانيون بتنفيذها ليبنى على الشيىء مقتضاه.

وتوقفت المصادر عند الإجماع الوطني الذي واكب عملية إنتخاب رئيس الجمهورية التي أتت من دون أية إعتراضات تذكر، بإستثناء حزب الكتائب التي كانت لديه ملاحظاته الخاصة به. أما باقي الكتل النيابية وحتى الوسطية كانت مؤيدة ومرحبة بإنتخاب الرئيس عون بغية إنقاذ الجمهورية وإنهاء الشغور في الرئاسة. وإنّ الوقت لم يحن بعد لإدارة الظهر لمن وقفوا الى جانب العهد لا من قبل رئيس التيار الحر ولا من غيره. وإستغربت المصادر النيابية المستقلة أن يفكر البعض بإلغاء الآخر قبل تركيز دعائم العهد من أجل تحقيق ما وعد اللبنانيون به.

صبحي الدبيسي – الانباء