أوغاسابيان: تحقيق الحلم بمجتمع راق يتطلب إشراك المرأة في صنع القرار

إفتتح وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسابيان مهرجان المرأة العربية الذي نظمه مجلس المرأة العربية والمنظمة العربية للمسؤولية الإجتماعية بالتعاون مع جامعة الحكمة لمناسبة يوم المرأة العالمي، وذلك في مقر الجامعة في فرن الشباك، بحضور النائب جيلبرت زوين وضيفة الشرف رئيسة مركز التلاسيميا السيدة الأولى السابقة منى الهراوي، ورئيس المنظمة العربية للمسؤولية الاجتماعية بيار مكرزل، ورئيس جامعة الحكمة الأب الدكتور خليل شلفون ورئيسة مجلس المرأة العربية السيدة لينا الدغلاوي مكرزل، وقد تخلل المهرجان تكريم الوزير أوغاسابيان والأب شلفون.

وقد لفت الوزير أوغاسابيان إلى أن تلقى خبر تعيينه وزير دولة لشؤون المرأة بتعجب على غرار ردود فعل كثيرة، إنما أعطاه هذا التعيين حافزًا وتحديًا على مواصلة النضال والتأكيد خصوصًا على مسؤولية الرجل في الدفاع عن المرأة وحماية حقوقها. وقال إننا اعتدنا في ثقافتنا على أن المرأة هي التي تهتم بشؤونها وهي التي تطالب بحقوقها، إلا أنني أسعى منذ توليت وزارة الدولة لشؤون المرأة إلى أن أقول للرجل إنه مسؤول عن هذه القضية بالدرجة الأولى.

وسأل: ماذا أعطى الرجل للمرأة من مجالات وفرص لتبرز إنجازاتها وقدراتها؟ هل يستحق الرجل بالفعل أن يعتبر نفسه متفوقًا على المرأة؟ أضاف أوغاسابيان أن المرأة ومن دون منّة من الرجل، أثبتت نفسها في تحملها مسؤوليات عديدة بدءًا من مهامها في داخل المنزل إلى مسؤولياتها على مستوى المجتمع وفي مجالات كثيرة في القطاع الخاص سواء في الإقتصاد أم الطب أم القانون أم المعلوماتية وغير ذلك، فلماذا لا تكون هذه السيدات الناجحات شريكًا أساسيًا في صنع القرار؟ وإذا كان مطلوبًا من المرأة أن تأتي بما يمكن تسميته شهادة حسن سلوك كي تصبح عضوًا في البرلمان أم الحكومة، فلم لا تتم مطالبة الرجل بهذه الشهادة أيضًا؟ في الواقع إن الرجل لا يحتاج إلى كل هذه الشروط كي ينطلق في القطاع العام.

وتابع وزير الدولة لشؤون المرأة أن هناك الكثير من القواعد البالية المؤسفة التي علينا تغييرها، متحدثا عن القانون اللاإنساني الذي يفرض على فتاة مغتصبة الزواج من الذي اغتصبها.

ورأى الوزير أوغاسابيان أن البعض يعتبر أن الوقت ليس ملائمًا للتطرق إلى هذه القضايا رغم أهميتها، نظرًا للزمن الصعب الذي يعيشه العالم العربي والذي يشتمل على تحولات كبيرة وخطرة ودقيقة حيث تضمحل الكثير من الإتنيات والقوميات يوميًا وتتزايد المآسي والمشاكل. وشدد أوغاسابيان على أن كل هذه المخاطر التي نريدها أن تُحل بطرق دبلوماسية وسياسية، يجب ألا تلهينا عن التفكير والحلم بعالم أفضل. وهذا الدور هو دورنا جميعًا رجالا ونساء.

وقال: إنني لا أؤمن بتوزيع المهام بين الرجل والمرأة. ولا أؤمن بتوزيع المسؤوليات. فإذا كانت المرأة مسؤولة عن الحياة العائلية، فالرجل يتحمل هذه المسؤولية أيضا وبالتساوي. وإذا كان الرجل مسؤولا عن صنع القرار فكذلك بإمكان المرأة أن تتحمل هذه المسؤولية بجدارة. لذا، نريد نساء في البرلمان والحكومة وكافة المؤسسات لأن قيمة المرأة المعنوية وقدراتها قيمة مضافة لتحسين الأداء وتطويره.

وتحدث الوزير أوغاسابيان عن تجربته الشخصية، فذكّر بأنه كان ضابطًا في الجيش اللبناني في لواء الحرس الجمهوري وكان مكلفًا بشؤون أمنية وفي العام 1999 كان مسؤولا عن أمن مقر مجلس الوزراء في مبنى قرب المتحف الوطني. أضاف أنه كان يحدق بالوزراء الآتين لحضور الجلسة وهم يحملون ملفات كبيرة، فيما أحاديثهم التي كانت تصل إلى مسامعه لم تكن بعيدة عن نطاق اهتماماته ومعلوماته. ومذذاك بدأ يراوده الحلم بأن يصبح وزيرًا.

وتابع أوغاسابيان مشيرًا إلى أنه ترشح للمرة الأولى في العام 2000 في بيروت على لوائح الرئيس الشهيد رفيق الحريري والذي كان رجلا كبيرا من رجالات العالم العربي. وأصبح أوغاسابيان نائبًا عن بيروت، وبعد خمس سنوات في العام 2005 تم تعيينه وزيرًا. وفي الجلسة الأولى للحكومة التي شارك فيها في المتحف، اقترب من ضابط كان يقوم بالمهام الأمنية في مقر مجلس الوزراء. وسأله: هل تحلم بأن تصبح وزيرًا؟ إستغرب الضابط سؤاله ونفى قطعًا. فأردف أوغاسابيان: إن لم تكن تحلم، فلن تصل ولن تحقق أهدافك!

وواصل وزير الدولة لشؤون المرأة كلمته قائلا: إن لم نكن نحلم بعالم عربي أفضل فلن نصل إلى ما يحسّن أوضاعنا. ولكي يتحقق حلمنا بمجتمع راق مزدهر من المفترض أن تكون المرأة أساسًا في صنع القرار.

وقائع المهرجان

وكان المهرجان قد بدأ بالنشيد الوطني اللبناني ونشيد جامعة الحكمة ونشيد مجلس المرأة العربية، ثم تحدثت السيدة لينا الدغلاوي مكرزل فقالت إن أفضل من تكلم عن المرأة هو الرجل. (تفاصيل الكلمة في الوكالة الوطنية للإعلام)

ثم تحدث الأب الدكتور خليل شلفون فلفت إلى أن عدد الطالبات يتفوق دائمًا على الطلاب في جامعة الحكمة، كما تتفوق الطالبات في النتائج النهائية غالبًا على الطلاب وقد وجدت المرأة في هذه الجامعة منذ تأسيس معهدها العالي للحقوق سنة 1875 وكان الأول من نوعه في المنطقة العربية، صرحًا منفتحًا لكل طالب وطالبة من دون تمييز في الدين والجنس والطبقة وبقي هذا النمط سائدًا في سائر الكليات والاختصاصات إذ إن نسبة الدكاترة النساء تفوق الـ35% ونسبة الموظفات تفوق الـ50%؛ كما أن المعهد الذي تم إطلاقه حول علوم الأسرة والزواج بالتعاون مع مؤسسة قداسة البابا يوحنا بولس الثاني في روما دلالة على الأهمية التي نوليها للأسرة، ومن قال الأسرة قال المرأة، وهي منها القلب ولها ضمانة الحياة. ورأى الأب شلفون أن دورنا كحكومات وجامعات وهيئات ثقافية وإعلامية وجمعيات أهلية العمل لا على توعية المرأة على حقوقها، وهي واعية لها تمامًا، بل على توعية المجتمع والدول على تلك الحقوق والخروج من عالم متحجّر في العقليات، تسوده الأنانية والاستنسابية، وبأحسن الأحوال الإهمال واللامبالاة وعدم الإكتراث، للذهاب إلى آفاق جديدة تعيد المرأة إلى المكانة التي لا يمكن لأحد أن يحرمها منها، كما يجب تسليط الأضواء على كفاءات اللبنانيات والعربيات كما اليوم، وعلى القرارات الثقافية والعلمية والجامعية والمهنية.

وجاء في كلمة السيد بيار  مكرزل أن مجلس الجامعة العربية يجمع في مجلس أنمائه خيرة السيدات من لبنان والأردن والكويت وسلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين والسعودية وقطر، وقد بقي المجلس حريصًا على وجوده القوي في المنطقة العربية ووضع أمامه مهمة الإضاءة على المتميزات وتكريمهن مع تركيزه على نقل الخبرة والمعرفة بين الناجحات وجمعهن تحت سقف واحد في دبي قبل أشهر على مدى ثلاثة أيام توصلن فيها إلى عقد العديد من الاتفاقات إضافة إلى تبادل المعرفة والخبرة ما يشكل جزءا لا يتجزأ من أهداف مجلس المرأة العربية. أضاف مكرزل أنه إيمانًا من مجلس المرأة بتعزيز التشبيك مع الرجل، أبى إلا أن يشاركه في قراراته المركزية فأسس مجلسًا إستشاريًا يضم نخبة من الرجال المتمرسين من ذوي الخبرة والسمعة الطيبة ليكونوا دعمًا للمرأة وسندًا لقرارات المجلس إنطلاقا من العمل بروح الفريق. وتابع مكرزل أن انتماءه إلى مدرسة المسؤولية الإجتماعية يدفعه إلى توجيه التحية للمرأة اللاجئة غصبًا عنها ولنضالها ودمائها وهروبها من بيتها حاملة أبناءها لتقيهم خطر الحروب ونار المعارك. ودعا الحاضرين إلى الوقوف دقيقة صمت وصلاة إحترامًا للمرأة وعذابها في المناطق الملتهبة حول العالم.

بدورها، نوهت السيدة منى الهراوي بحرص “مجلس المرأة العربية” على تثمين نجاحات النساء وتكريم المميزات منهن في المجالات الأكاديمية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والإنسانية، ودعم وتعزيز قدرات ذوي الاحتياجات الخاصة وتنمية مواهبهم لتمكينهم من الإندماج في مجتمعهم من خلال برنامج “نحن أيضا مبدعون”. وحيت السيدة هراوي كل امرأة سعت وحققت وأنجزت، وصمدت وناضلت وعملت فأثبتت حقوقها ودافعت عن وجودها، وكل امرأة بذلت جهودًا طيبة ولو على نطاق بيتها وعائلتها وتربية أولادها فأسهمت في نشر ثقافة السلام في بيئتها. كما هنأت المبدعين الفائزين في برنامج مسابقة “القصة القصيرة”، مضيفة أنهم أعضاء فاعلون في مجتمعنا ونحن بحاجة لهم ولطاقاتهم الخلاقة.

تكريم سيدات

ثم تم تكريم عدد من الشخصيات المتميزة في قطاع العمل المجتمعي وهن السيدات لينه الزعيم الدادا رئيسة جمعية أجيالنا وآية السيف رئيسة مجلس الأعمال العربي الأفريقي من تونس وزويا روحانا رئيسة جمعية كفى وسليمة مصباح الفاخري المدير العام لشركة المجد الدولية للتدريب والتطوير والإستشارات من ليبيا وفيفيان زيدان المسؤولة الوطنية في قرى الأطفال. كما تم تكريم سيدات نجحن في قطاع التربية والتعليم العالي وهن برناديت أبي صالح نائب رئيس جامعة الحكمة، وسهام الفريح الأستاذة الجامعية في الأدب والنقد من الكويت وناديا محمد شعيب مؤسسة ومالكة كلينغروب هولدينغ القابضة، وبلقيس محمد جواد رئيسة قسم العلوم السياسية للدراسات العليا في معهد العلمين في العراق، والطفلة رفقا صاحبة الشخصية القوية التي لم تيأس لأنها كفيفة، بل زادت إصرارًا على النجاح، كما قدمت الإعلامية داليا فريفر عرضًا غنائيًا للمرأة في عيدها وتم تكريمها وإعطاؤها درع الإبداع في المجال الإعلامي. ثم تم تقديم الجوائز للفائزين الثلاثة الأوائل من ذوي الإعاقة في مسابقة القصة القصيرة.