خطاب القسم وحكومة استعادة الثقة

فيصل مرعي

منذ زمن ليس ببعيد، كان الفراغ باسطاً جناحيه طول البلاد وعرضها. وكان الوطن بحالة من التلاشي، بل من الشلل التام: سياسياً، واقتصادياً، واجتماعياً، وحتى أمنياً… كما كان الشعب كل الشعب في حالة من اليأس والترهل القاتلين، نتيجة هذا الفراغ، وهذا التصدع اللذين كادا أن يجعلا من هذا البلد دولة مارقة وخارجة على المواثيق الدولية، وشرعة حقوق الانسان. وبعد هذا المخاض الطويل الذي كاد ان يدمّر لبنان بمقوماته ومكوناته، تجاوزنا هذه المرحلة السوداء. ومن بعد تمّ انتخاب رئيس للبلاد، فكان ان ملئت سدة الرئاسة، فتنفس الجميع الصعداء. وسريعاً، عيّن رئيس للحكومة، فتلاقت وتشابكت الايدي، باتجاه نشل لبنان من عثراته التي كانت تطل برأسها حيناً، وتخبو حيناً آخر.

وما ان اعتلى الرئيس سُدّة الرئاسة، سرعان ما امتشق خطاباً لامس فيه حقوق الشعب وامنياته، وتطلعاته، مؤكداً فيه بما معناه: ان الشعب أمانة في اعناقنا، لا سيما في القضايا والخيارات المصيرية، مستطرداً الى ان لا قيامة لوطن، الا بالاستقرار السياسي، الذي لن يتحقق، الا بالاعلاء من شأن الدستور والقوانين.. ترافقاً مع احترام وثيقة الوفاق الوطني، وتطبيق جميع بنودها، دون تقاعس او تأخير، بما يؤمن استكمال سيادة لبنان، وانجاز الاستقلال التام. أما ان تُنتهك هذه الوثيقة وتُجتزأ، فذلك انكسار للبنان، ولديمقراطيته، وفرادته، ومجتمعه التعددي، ولتنوعه، الذي كان في اساس استقلال لبنان وثوابته، بل في اساس صناعته وقيامته.

كل ما تقدّم لن يُتوجه الا قانون انتخابي، يحقق التمثيل الصحيح، لكل ابنائه، ويعزز العيش المشترك، ويحترم اللبنانيين كل اللبنانيين، باعتبار ان هذا القانون سيخرج لبنان من ازماته، وبالتالي وبناء لما تقدّم من عناوين ستتحقق، اذا ما صفت النيات، وإلا فان تلك العناوين ستكون هباء، وكلاماً بكلام لا اكثر. اما على المستوى الامني، فإن أولى الاولويات الحرص على الامن، تكاتف ابنائه، وصولاً الى وحدة وطنية صحيحة، لا سيما وان حرباً تدور رحاها بمحاذاته، والوقوف صفاً واحداً في مجابهتها في حال امتداد نيرانها – لا سمح الله- الى ديارنا وترابنا. فتماسكنا، وبالمساكنة الحقيقية، نستعيد لبنان الشتيت، لبنان الضياع، لبنان الحضارة والقيم.. لذا نأمل تحقيق وتنفيذ العناوين الواردة في خطاب القسم، وإلا فإن لبنان سيشهد المزيد من الوهن والشحوب، وبالتالي لن يقوم له قائم، وسيعود القهقري سنين طوالاً.

الحكومة

ومن بعد، جاءت حكومة ما يُسمى باستعادة حكومة الثقة، لتعود فتؤكد وتتبنّى هذه العناوين، وهذه الشعارات استكمالاً لخطاب القسم، فأقرّت البيان الوزاري الذي تضمن عناوين مطابقة لخطاب القسم، والتي جاءت منسجمة تمام الانسجام معها، لا سيما لجهة العمل على سن قانون انتخابي جديد يرضي طموحات اللبنانيين جميعاً، والاهتمام بالوضع المعيشي، ترافقاً مع تسهيل امور الناس.. وذلك يتطلّب القيام بورشة عمل منتجة، لا تأخير فيها ولا تمييع، باعتبار ان الشعب لم يعد يتحمّل اكثر مما احتمل. كل ذلك يتطلب التسريع في اقرار الموازنة، واقرار قانون انتخابي عادل، وانهاء ملف المهجرين، ودراسة ملف النازحين بالعمق، ومعالجة التردي الاقتصادي، واصلاح الادارة… ولكن للأسف، لم نلحظ حتى هذه اللحظة، التعاطي مع اي عنوان من هذه العناوين، علماً أننا لا نطلب تحقيق البيان الوزاري دفعة واحدة، ولكن على الاقل البدء بالاولويات، وعلى رأسها الاهتمام بشؤون الناس، بتأمين لقمة عيشهم.. خاصة، وان الهجرة على قدم وساق، والغلاء ضارب اطنابه ارجاء البلاد، والبطالة في اوجها، والاكثرية الساحقة اضحت تحت خط الفقر.

اضف الى ذلك، ما حُكي عن ملف النفط، ومعالجة مشكلة الكهرباء، وملف النفايات، ومكافحة الفساد.. آملين من هذه الحكومة التمتع برؤيا جديدة، انقاذاً للبلاد والعباد، لتكون فعلاً حكومة استعادة الثقة.

اقرأ أيضاً بقلم فيصل مرعي

المعلم كمال جنبلاط مصباح الديمقراطية المتكاملة..

خطاب القسم وحكومة استعادة الثقة

ارحموا لبنان يرحمكم التاريخ..

فلننقذ لبنان اليوم قبل الغد..

طبّقوا الطائف تنقذوا لبنان

لبنان: ديمقراطية مشوّهة وتخبط سياسي…

الاجماع والتوافق (وأي اجماع وتوافق!)

لا للصفقات ولا للاستئثار بعد اليوم

قادة بحجم الوطن أحسنوا قيادة السفينة

النزوح السوري وقانون التجنيس..

حماية لبنان من اولى اولويات الحكومة..

قانون انتخابي بلا نكهة سياسية

لبنان لا تطبيع ولا علاقات…

النأي بالنفس حاجة وضرورة..

..إذا قلنا: أخطأنا…

تسوية جديدة لا استقالة

سلسلة الرتب والرواتب..

لبنان وازمة النازحين..

قانون بلا نكهة سياسية وقيمة اصلاحية؟!

الدولة وحدها تحمي لبنان…