“الانباء” تنشر شهادة مدمن على المخدرات: لا تترددوا بالمواجهة والعلاج

“فجأةً تغيّر كل شيء لون وجهي ومعالم جسدي كلها باتت شاحبة سوداء، عيوني أصبحت لا تعرف ليلها من نهارها، لقد استوطن بي مخدر ينهش بجسدي، يأكل من عقلي وفكري وروحي، وفي لحظة خوف من الموت قلت كفى، من هو ليتحكم بي؟ وكيف أسمح لنفسي أن تطيعه!، عندها فقط أدركت كم حياتي غالية ويجب أن أنهض من جديد، من أجل أُم تعبت لكي تراني شاباُ أمامها، ومن أجل أب أمضى حياته بالغربة لكي أعيش، فكيف عليي أن لا أخجل من تجاعيد وجهه وأُكافيه بهذا العار، وأن أبكي عيناه المتجعدتان على موتي”… بهذه الكلمات يعبّر الشاب م.ع عبر “الانباء” عن تجربته مع الإدمان على المخدرات.

هذه الآفة التي يعاني منها شباب العصر، في ظل شراهية المروّجين لها والتجار الذين ينشطون كثيرا في الفترة الاخيرة على الساحة اللبنانية، لا سيما في صفوف المراهقين والشباب، وقد تتصدر هذه المشكلة قائمة الازمات الصحية والإجتماعية التي تواجه العالم أجمع، فوفق تقديرات المؤسسات الصحية العالمية يوجد حوالي 800 مليون من البشر يتعاطون المخدرات على أنواعها.

مخدارات
وفي شهادة حزينة يضيف الشاب م.ع “في أصحاب بورطوك ليوصلوك على طريق مسدود حتى يضيعوك وينسوك طريق الرجعة، الرجعة الى الحياة لذلك كن قوياُ ولا تقبل بالموت من أجل لحظة ضعف، إننا نعيش بحياة مليئة بالمشاكل ولكن ليس الحل بإدمان المخدرات أو الإنحراف بطريقة أخرى فالإدراة تصنع المعجزات”.

وتعقيباً على هذه الشهادة، تشير ناشطة في احد مراكز العلاج من الادمان، رفضت الكشف عن اسمها، الى ان “الإقلاع عن المخدرات ليس بالأمر السهل فهناك مراحل عدة للعلاج، فعلى المريض اولا أن يتقبل المساعدة من الفريق المعالج وتحديداً الإخصائي النفسي، واما المرحلة الثانية بعد أن يتخلص المدمن من التسمم الناجم عن التعاطي بعدها تظهر مشكلات المرحلة المتوسطة من نوم لفترات طويلة وفقدان للوزن وارتفاع في ضغط الدم وزيادة في دقات القلب وهذه الأعراض تستمر بين ستة أشهر وسنة على الأقل لتعود أجهزة الجسم إلى طبيعتها، أما في المرحلة الأخيرة فيكون الشخص ليس بحاجة إلى المساعدة على قدر تأهيل ثقته بنفسه ودعمه لكي يستعيد عافيته وحياته وتشجيعه على التفاعل مع المجتمع والآخرين”.

مخدر1
وفي قصة أخرى رواها لـ “الانباء” الشاب المدمن الذي تمكن من تجاوز حالته المرضية بعد المأساة التي مر بها خلال تعاطيه المخدرات وخسارته سنين من حياته، يقول م.ع انه عاش ضغوطات نفسية واجتماعية كثيرة إذ إنه يلدغ بأكثر من حرف حين يتكلم فهذا الأمر جعل منه إنساناً إنطوائياً يكره الإختلاط بالناس فأصدقائه يضحكون عليه حين يتكلم وزملائه بالعمل كذلك، وفي لحظة ضعف واستسلام بدأ بتعاطي المخدرات من أجل الهروب من الواقع والحياة التي يعيشها ومرّة على مرّة أصبح يعيش بدوامة لا يستطيع الخروج منها، إلى أن أدرك جمال الحياة وأن كل إنسان لديه مشاكل وهموم وأن الله خلقنا هكذا وعلينا أن نرضى بنصيبنا من هذه الحياة.

وكان قراره الاهم في حياته بالتوجه إلى مركز الإقلاع عن المخدرات ليأخذ العلاج المناسب وليولد من جديد، كما يقول.

مخدر

هذه الشهادة تنشرها “الانباء” لتكون في عهدة شريحة كبيرة من الشباب الذين يقعون في فخ هذه الآفة الخطيرة، على امل ان لا يخافوا من المواجهة متى تيقنوا خطورة الادمان وان يتسلحوا بالتحدي وبالإرادة الصلبة.

فليس عيباً ان تقصد مركزا للعلاج من الإدمان لا بل جبن ان تنكسر وترضى الموت ببطء دون اي مواجهة، فالحياة تولد من جديد متى قررت ان تستولدها من ذاتك.

مريانا سلّوم – “الانباء”