أي مرتجى ولبنان أسير “اللحظة”؟

د. صلاح ابو الحسن

بعد سنتين ونصف السنة من الفراغ في سدّة الرئاسة الاولى، استبشر اللبنانيون خيرا بانتخاب الرئيس ميشال عون.. بعد القسم الواعد وسرعة تشكيل الحكومة، وراحوا يأملون بعودة تفعيل عجلة الدولة ومؤسساتها سياسيا واقتصاديا وحياتيا.. اليوم بدأت الخيبات تعود مسرعة وتسابق الآمال المعقودة، بعد السقوف العالية والوعود المكثفة التي أطلقها العهد..

اليوم يمكن القول ان الفراغ الرسمي انتهى.. لكن الفراغ “الفعلي” لا يزال مستمرا سياسيا واصلاحيا واقتصاديا، خاصة بعد الهجمة على المملكة السعودية ودول الخليج نتيجة عودة استعار الخلاف السعودي – الايراني وما سبقه ورافقه من تهديدات الرئيس ترامب لإيران..

بعض اللبنانيين غالى كثيرا عندما قال وأكد ان رئيس الجمهورية المنتخب صُنع في لبنان.. ولا فضل لأحد لا عربيا ولا اقليميا ولا دوليا بانتخابه.. وهذا البعض غالى ايضا عندما “توهم” ان “الثنائيات” و”الثلاثيات” هي التي فرضت التوافق على انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية..

المغالات عادات لبنانية وربما غير لبنانية ولكنها سيئة.. والبعض يتوهم فعلا، انه صانع السياسة في لبنان وصانع الرؤساء وربما أبعد.. التواضع ليست من ميزات أكثر سياسيي لبنان.. الذين يتوهمون انهم نقطة إرتكاز “البيكار”..

وحده وليد جنبلاط ردّ بطريقة غير مباشرة، وقال وقتها، ان التوافق الإقليمي والعربي هو الذي انهى الفراغ الرئاسي وانعكس توافقا داخليا.. ادّى الى انتخاب رئيس الجمهورية العتيد..

تاريخيا، الرئيس الوحيد الذي غلبت عليه الارادة اللبنانية باختياره، كان الرئيس الراحل سليمان فرنجية.. وباقي الرؤساء منذ الإستقلال حتى اليوم، يتم التوافق عليهم اميركيا وغربيا او عربيا، والمجلس النيابي يؤكد اختيارهم دستوريا.. حتى لا نقول انهم “يبصمون”..

والحقيقة، ان “لحظة” اقليمية مباركة دوليا، هي التي سهّلت انتخاب رئيس الجمهورية ميشال عون.. وأنتخت هذه “اللحظة” اختيار سعد الحريري رئيسا للحكومة.

والمصيبة الأكبر عودة “الأبوات” الى الإنتعاش في لبنان.. ابو القرارات الدولية، ابو النسبية، ابو المختلط، ابو الدائرة الواحدة، ابو الطائف، ابو الثلث المعطّل، ابو القرار الدولي.. ابو.. وحده الغائب “أبو لبنان”..  كنا نعتقد اننا انتهينا من زمن الأبوات العسكرية.. فاذا بنا نعود الى عصر الأبوات السياسية.. وهذه ايضا صناعات لبنانية.. قد تدخلنا في كتاب غينيتس..

اليوم، وبعد انتهاء هذه “اللحظة” – الفرصة.. وبعد عودة الإشتباك السياسي بين ايران والسعودية الى سابق عهده، السؤال الذي يُطرح اليوم: هل علينا الإنتظار سنتين ونصف لتأتي “لحظة” إقليمية جديدة، لتدب الحياة مجددا في عروق العهد الجديد وفي عروق الحكومة؟.

وهل إقرار قانون إنتخاب جديد وإجراء انتخابات نيابية في موعدها بحاجة لهذه “اللحظة” الإقليمية؟!

syria-iran

وهل العهد الجديد الذي تعطّل او فلنقل تجمّد، منذ اليوم الأول لولادته.. يوم مناورات “القصير” الذي جاء متزامنا مع عيد الإستقلال وهو المناسبة الوطنية الأولى الذي يدشنها فحاة الرئيس؟؟ ثم ترافقت زيارته العربية الأولى الى السعودية وإصلاح البين بين لبنان والخليج العربي.. بالتصريحات اللافتة التي أكدت عدم أهلية الجيش والبديل الاستعانة بجيش رديف للجيش الوطني، وفخامته كان قئدا للجيس وهو اليوم القائد الأعلى للقوات المسلحة يقول ان الجيش “غير مؤهل” و”عاجز” عن القيام بواجبه!!.. فيما تصدّى هذا الجيش للإرهاب بحرفية عالية وقدّم العديد من الشهداء، ونال التنويهات وكذالك الأجهزة الأمنية كافة داخليا وخارجيا..

ما الحكمة من دفع الخارج الى “فرملة” تعهداتها بدعم الجيش والأجهزة الأمنية بالسلاح والعتاد والمال وفرملة السعودية وفرنسا الإفراج عن الهبة المخصصة للجيش اللبناني؟..

وما معنى ان يصدر عن الحليف “الأول” للعهد هذا الهجوم الناري على المملكة ودول الخليج أعقاب زيارة الرئيس وانهاء القطيعة.. والهجوم يطال العهد قبل غيره؟!

وما معنى محاباة العهد لمن يطلق النار عليه وعلى رأسه بالتحديد، ويعرقل انطلاقته ومسيرة الإصلاح والتغيير ومحاربة الفساد الذي وُعد بها “شعب لبنان العظيم”؟!

وكيف يبدد الرئيس ميشال عون بالتعاون والتضامن و”التفاهم” مع حليفه، “اللحظة” الإقليمية التي أوصلته الى كرسي الرئاسة الأولى.. كيف ولماذا؟؟.. هذه أيضا من العادات السيئة التي يمارسها بعض سياسي لبنان.. نعم، الرئيس يعرقل مسيرة العهد.. الرئيس يطلق الرصاص على رأس الرئيس.. هذا منتج لبناني.. وهذه “صناعة” لبنانية مائة بالمائة.. لكنها بضاعة غير قابلة للإستهلاك المحلي ولا للتصدير الى الخارج..

على العهد ان يأخذ الحسابات الإقليمية بعين الإعتبار وأن يدرك تعقيداتها.. فالحسابات الإيرانية اليوم غير مريحة، فقبل الرئيس ترامب ليست كما بعده.. والحسابات الإسرائيلية، السياسية و”التسليحية” تبدلت وتعززت بعد وصول صديقها الحميم الى البيت الأبيض..

لذلك انتهت “لحظة العسل” الإقليمية التي عاشها لبنان لشهرين تقريبا.. والغريب ان المستفيد الأول منها، هو من أنهاها، اليوم عاد العداء الى دول  الخليج.. وقد يشتد ويشتعل أكثر.. وطبعا لبنان هو ساحة الصراع الإقليمي.. كان هكذا وسيقى على ما يبدو، الى متى؟؟ من يدري؟؟.. تعودنا الفراغ والعيش دون مؤسسات.. وتعودنا أن نكون “ساحة” وتعودنا غياب الدولة.. نسي اللبنانيون متى كان عندنا دولة.. والآتي في حكم الغيب..

وكم كان الرئيس نبيه بري حكيما ومستشرفا للمستقبل ومحقا، وكأنه كان يرى أن “اللحظة” الإقليمية قد لا تدوم طويلا.. فطرح “السلة” مع انتخاب الرئيس.. فرشقوه وخوّنوه وكفّروه.. والذين رفضوا وكالوا التهم.. هم يدفعون الثمن اليوم… انها المغالات القاتلة..

فأي مرتجى ولبنان أسير “اللحظة”؟؟.. وأكثر اللبنانيين هم “شطّار” في تفويت الفرص.. وانتظار “اللحظة”!!!…

اقرأ أيضاً بقلم د. صلاح ابو الحسن

“الدروز” الى أين؟؟!!

هل “هزة” حماة وحلب تُبدل قواعد اللعبة

الى رفاقنا وأهلنا وأصدقائنا في المتن الأعلى “تجربتكم مع هادي سبقت نيابته”

ترامب ومصير الإنتخابات

الناخب بين “الحاصل” و”المحصول”

قانون الإنتخاب “الإلغائي” و”شفافية” التزوير..

لا تصدّقوا وعود الإنتخابات

لا تستخفوا بالمعترضين

بعد الغوطة.. الإرهاب أرحم

ولماذا الإنتخابات؟!

انقلب باسيل على تفاهم مار مخايل.. وقضي الأمر!!

هكذا صهر يُعفي العهد من الأعداء

مصائر الديكتاتوريات متشابهة!

بين نداء الحريري ونداء “صاحب الزمان”!!

ما أحوجنا اليك

وأخيرا… “طفح الكيل”!

“كأنه حُكم على اللبنانيين أن يحكمهم دائما الجهال”..

رسالتي الى الرفيق تيمور

إنتصار “الأوهام” الكاذبة!

صنّاع الإرهاب هم صنّاع تقسيم سوريا!