موسكو حامية النظام وراعية المنشقين عنه

رفيق خوري (الانوار)

تعددت أرقام جنيف السوري والنتيجة واحدة: صفر سياسي. وتبدّلت مواقع على الأرض في حرب سوريا، وتغيّرت مواقف دول مؤثرة، من دون أن تتبدّل مقاربة التسوية السياسية: تاكتيك وفد النظام هو ملء الوقت بأسئلة المسائل الاجرائية، واعطاء الأولوية المطلقة للحرب على الارهاب. وتاكتيك وفد المعارضة هو اعطاء الأولوية للانتقال السياسي حسب بيان جنيف – ١ الذي نص على هيئة حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة من دون توقف أمام أمرين: أولهما انعكاس التطورات في الميدان على تقوية أو إضعاف الأوراق التفاوضية. وثانيهما دور اللغم الذي زرعة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في البيان، وهو ربط الانتقال السياسي ب الموافقة المتبادلة بين النظام والمعارضة. وتاكتيك الموفد الدولي هو تقديم أوراق الى الأطراف وتلقي الردود عليها والسعي الصعب لايجاد قواسم مشتركة.

واذا كان العنوان الرسمي ل جنيف – ٤ هو المفاوضات السورية – السورية، فان ما يدور ليس مفاوضات، لا مباشرة ولا غير مباشرة بل مناظرات غير مباشرة. والسوريون الذين ليسوا وحدهم في الحرب ليسوا أيضا وحدهم في البحث عن تسوية. والبارز في اهتمامات الوفود هو السجال أمام وسائل الاعلام، كأن جنيف منصة لتوجيه الرسائل الى الرأي العام وتبرير المواقف.

فضلا عن أن هناك ظاهرة لها دلالات معبّرة. فالأدوار في اللعبة السياسية التي يديرها الروس هي، في جانب مهمّ، لشخصيات عملت في النظام ثم انشقت عنه. فالمنسق العام للهيئة التفاوضية العليا التي تضم معارضين في الخارج والداخل وفصائل عسكرية هو رياض حجاب رئيس الوزراء السابق. ومن يقود منصة موسكو هو قدري جميل نائب رئيس الوزراء سابقا. ومن يمثل منصة القاهرة هو جهاد مقدسي المتحدث الرسمي السابق باسم وزارة الخارجية. ولو تمكن الروس من فرض كل ما طلبوه لكان في جنيف وفد يمثل منصة حميميم، وثان يمثل منصة استانة، وثالث يمثل الحزب الديمقراطي الكردي بزعامة صالح مسلم الذي منعه الفيتو التركي من الحضور.
وهذا من المألوف في مسار الأنظمة الشمولية. فلا مجال فيها لمعارضة منظمة مسموح لها بالعمل. ان المعارض هو في السجن أو القبر أو المنفى. ومن هنا سيادة السلوك الفردي بين المعارضين السوريين وصعوبة انتظامهم في معارضة واحدة. وحسب التجارب في أوروبا الشرقية، فان المنشقين عن النظام يقودون عملية التغيير.
لكن الرهان على تغيير جذري على يد موسكو مجرد تمنيات. فالهدف الأول الذي حققته روسيا بالتدخل العسكري المباشر هو، كما قال وزير الدفاع الجنرال سيرغي شويغو، وضع حدّ لمحاولات تغيير النظام بدعم خارجي. وبقية الأهداف تعتمد على ثبات الهدف الأول.

اقرأ أيضاً بقلم رفيق خوري (الانوار)

أي مبارزة بالصواريخ بين أميركا وروسيا؟

الصعب والمستحيل في أزمة مفتوحة

سوتشي عكس جنيف أم الطريق اليه؟

لا مشروع بل ممانعة للمشروع الاقليمي الايراني

فرصة المخرج الفرنسي وتحديات المدخل اللبناني

تباين في توظيف المعركة ضد داعش

أي ادارة ومعيار لتنظيم الخلاف؟

سوريا أرض اللقاء بين الكبار المختلفين

ماذا بعد الاقتراب من المدار الروسي؟

أبعد من خلاف المتفقين على عودة النازحين

ليس بالقانون وحده يحيا التمثيل الصحيح

عناصر القوة والضعف في محاربة داعش

العودة الى جنيف من طريق استانا

محاربة الارهاب الداعشي ومواجهة الفقه الداعشي

قمة البحر الميت: تحدّي إحياء العروبة

منبر لتوجيه رسائل لا مركز للقرار

أبعد من القانون وانتخابات خائف ومخيف

مسؤوليات ما بعد نجاح الزيارة الرئاسية

أي ابتعاد للبنان عن الصراعات الخارجية؟

حطام العقل الغربي وإلغاء العقل العربي