وطن على شفير الهاوية

وسام القاضي

الإفلاس الإقتصادي للدول لا يشكل خطر زوالها بل يصيب بنيتها الإقتصادية بشكل كبير ويعيق تطورها ونموها ويضيق على شعبها ماليا، أما الإفلاس السياسي والفكري فهو يدمر الأوطان ويشتتها ويشرذم شعبها، فكيف إذا إجتمع الإفلاس الإقتصادي والسياسي والفكري في بلد واحد كما هو حاصل اليوم في لبنان.

لم يشهد تاريخ لبنان هذا المستوى من الإنحطاط السياسي الأخلاقي كما هو حاصل في أيامنا هذه، فالطبقة السياسية في واد والشعب المتنور غير المنصاع تحت تأثير التعصب والتمذهب في واد آخر، الطبقة السياسية تبحث عن الحصول على المزيد من قطع الجبنة في الدولة اللبنانية لتغذية مواردها، والشعب يبحث عن لقمة عيشه في بلد الصفقات والسمسرات. الطبقة السياسية تزايد في حرصها على التمثيل من خلال قانون إنتخابي عصري، كما تدعي، والمواطن يبحث عن قانون يحمي وجوده وعيشه بكرامة في وطن تستباح فيه كل المحرمات.

كيف للمواطن أن يثق بنظامه وبهيبة دولته، فهو يدرك تماما أن الدولة تحصل جبايتها من عدة مرافق في البلاد وتبقى في عجز مالي، وفي نفس الوقت تتغاضى عن موارد أخرى محمية من هذه الجهة او تلك. كيف للمواطن أن يثق في دولة تسمي السرقات على صعيد إدارات الدولة هدرا، وهو يرى كيف تمتلىء جيوب النافذين وأزلامهم بالمال بين ليلة وضحاها. فلبنان هو أشبه بمدينة كبيرة يعرف معظم السكان بعضهم البعض، وكل إنسان لديه ماض وحاضر معروف لدى معظم الرأي العام، وفي عصر التطور التكنولوجي الإعلامي والإجتماعي أصبحت كافة الأمور تحت المجهر ومن الصعب جدا إخفاء الحقائق عن الرأي العام.

مجلس النواب

لا بد من أن تعترف هذه الطبقة السياسية الحاكمة أن الخلل بداخلها وفي تعاطيها، وأنها بنهشها لإدارة الدولة اللبنانية تساهم في إنهيار الدولة وإقتيادها إلى الهاوية، فإذا لم تكن مصالح المواطن هي الهدف الحقيقي في بناء الدولة فعلى الوطن السلام. فبالله عليكم هل في زيادة نائب أو خمسة أو عشرة نواب لهذه الكتلة أو تلك تستقيم الدولة ويتطور نظامها، خاصة في ظل هذا التشرذم والتفتت الحاصل فكريا وثقافيا وسياسيا على صعيد البلد. إن التغيير يبدأ بتغيير نظرة المواطن إلى دولته، ولا يمكن صون البلد وتحصين وجوده إلا عندما يؤمن المواطن بدولته، ومن الطبيعي أن لا يؤمن بهذه الدولة طالما أن قوى سياسية تتحكم بها وفق أهوائها.

لما لا تتجرأ القوى السياسية على إطلاع الشعب اللبناني على آراء الهيئات الإقتصادية وجمعية المصارف وحتى مصرف لبنان على الوضع الاقتصادي الحالي، من دون ضغط لإخفاء الحقائق، فكفى ذرا للرماد في العيون حيث ان العديد من الشركات اقفلت والبعض الاخر على طريق الإقفال، ولولا دعم المصارف للعديد من الشركات لكانت أشهرت إفلاسها.

وما هي التصورات والإحتمالات إذا حدث عدوان إسرائيلي على لبنان ودمرت البنية التحتية مجددا، بغض النظر عن منطق الرد الذي سيجلب مزيدا من الدمار والخراب والقتلى على لبنان، هل سيستعطي لبنان مجددا من الدول المانحة، وما هي التحديات التي من الممكن أن يواجهها هذا الشعب الذي يدفع فاتورة تلو الأخرى.

لبنان يعيش في إستنزاف حقيقي لبنية دولته الكاملة، ومجددا يهددون بالفراغ، هذه الثقافة الجديدة ثقافة الفراغ، فهل فكرت هذه الطبقة السياسية الحاكمة بمدى المخاطر التي تحدق بالإقتصاد اللبناني نتيجة ثقافة الفراغ، أم أصبحت تلك القوى مستقلة ذاتيا بمالها وبإقتصادها عن مالية وإقتصاد الدولة اللبنانية وبالتالي لم تعد تأبه أو تبالي بمصلحة ومستقبل المواطن اللبناني.

إن لبنان يسير في نفق مظلم ومن الطبيعي أن يسير نحو الهاوية طالما أن هنالك جهل وتخلف يتحكمان بالقوى السياسية التي تمسك بزمام الأمور في هذا البلد.

*رئيس جمعية كمال جنبلاط الفكرية

اقرأ أيضاً بقلم وسام القاضي

كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله

ويبقى المقدم شريفاً في ذكراه السنوية

المرحلة الجديدة تتطلب تغييراً جذرياً بأسلوب العمل

عندما يرتقي التقدميون الإشتراكيون الى مستوى المرحلة

ما بين التوريث السياسي والوراثة الإقطاعية

زهرة على ضريح المعلم

قوة لبنان في حياده!

تقاطع المصالح والحسابات الخاصة

عودة الثنائيات وشد العصب!

الرقص على حافة الهاوية 

يوم الوفاء

الجمعية العامة للحزب في ظل ما يحيط بالمنطقة من أجواء ملتهبة

الدور الوطني للحزب التقدمي الإشتراكي

التمثيل الصحيح بالعدل في حقوق المواطنين

النسبية قناع للنفوذ المذهبي المتشدد

تقسيم السلطة أخطر من تقسيم الوطن

أزمة النظام اللبناني بعد رفض المثالثة!

الإستقلال المكبَل بالإرتهان!

ذكرى ثورة فكرية في عصر التخلف والإنحدار

ماذا عن اليوم التالي للإنتخابات؟