الكتابة حيث تغدو من هواية الى عشيقة/ بقلم كمال الحلاني

لست بكاتبٍ محترفٍ…
لكنني أقر بأن الكتابة كانت ولا زالت، إحدى هواياتي المفضلة…
مخدر… أتعاطاه سراً، وعلانية أحيانا…!

فأنا هاوٍ بامتياز… ولا زلت في مرحلة التدرّج…!!!

ولا زلت أتساءل… لما الكتابة؟
وكيف تولد الكتابة؟
والى أين تأخذنا الكتابة؟

لفتني قول شهير لرئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل يقول فيه:

L’écriture est une aventure. Au début c’est un jeu, puis c’est une amante, ensuite c’est un maître et ça devient un tyran.

Writing a book is an adventure. To begin with, it is a toy and an amusement; then it becomes a mistress, and then it becomes a master, and then a tyrant

بمعنى أن الكتابة هي مغامرة. في البداية انها لعبة، ثم… عشيقة، ثم … سيدٌ… لتصبح طاغية…!!!

بعض الكتاب يعتبرون الكتابة… وجع لذيذ يشتهونه ولا يستطيعون الكف عنه، كما قال الروائي بوريس باسترناك: “أن تكتب هو أن تعذب نفسك، لكنني لا أمتلك القوة على الكف”.

لأن الكتابة تولد من رحم كلمات الذات… التي تتشظى بها روحنا ملايين الشظايا والنثيرات.
الكتابة مخاض .. .ولكنها شهادة وجود أيضاً…!
انا اكتب… إذا أنا… موجود…!!!
ولو غيّبتني ظلال الموت… أبقى حياً في كتاباتي!
مع أن الكتابة… هي نوع من أنواع الموت الذاتي أحياناً على سبيل القول الفرنسي الشهير
“Ecrire, c’est mourir un peu!”

أنا أقرأ… إذا أنا باختصار إنسان عطش… أعاني من ظمأ للمعرفة وحواسها اللامحدودة..  من ماء… وهواء… وجمال… وشعور…

الكتابة هي أحياناً  فعل سبر أغوار الذات… وسبر لآلئ تسكن أعماق بحارنا…
أو هي… ارتكاب جنح وجرائم حب وشغف… والتي الهوى أخطرها… وأشدها عقوبة…!
الكتابة الهادفة المشعة في عالم هذا الشرق… هي أيضاَ جرم جناية… تقتل صاحبها أو أقله تضعه تحت الإقامة الجبرية وبعيداً عن أعين القراء…

أما الكتابة باتجاه امرأة تصوب عليها أحاسيسك ومشاعرك… فهي في عالم القبيلة قطع رأس…
فحبك الزاهي… هو سياف رأسك… أو فوهة بركان… ستقتلك حممه لا مجال…!
فأيهما أجمل وأمتع…
أن تموت بلحظ إمرأة والعيون…؟
أم ببندقية جاهل…؟  والسلام…!

وتبقى الكتابة… خير بلسم… لأنّات الروح…. والدموع المكبوتة… والآهات المبحوحة… والإبتسامات الصامتة… والأشواق الملتهبة… والصراعات الداخلية التي لم يأت الأوان لتعلن هدنتها…من ذكريات رائعة أو…جارحة … تأبى النسيان!

هي ملاذ وملجأ…

هي غدٌ آخر…

هي واقع جديد… وحياة جديدة…

لأن واقعاً واحداً لا يكفي… وحياةً واحدةً لا تكفي…

فهي غذاء للروح… وشفاء للقلب…

هي ممارسة روحية…

هي فِعلُ تصوف فكري… روحي… وجداني…

تساعدك على التحرر من ذاتك باتجاه الآخر… أو من الآخر باتجاه الذات!

وفي النهاية… يبقى أن الكتابة… هي السبب في تلك الابتسامة على شفاهي… فلا تسألوني لما الكتابة!

وأنه أحياناً في الكتابة… جنون…

وأن مجانين الكتابة… عشّاق صامتون…

وفي هذا الحالة بالذات… ما أحلى الجنون!

(الأنباء)