لماذا تحركت مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان؟

د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

 مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان التي تشكلت في العام 2013، وتضم الولايات المتحدة الاميركية وروسيا وبريطانيا وفرنسا وايطاليا والمانيا والاتحاد الاوروبي والجامعة العربية؛ اصدرت بياناً في 22/2/2017 تلاه الممثل الخاص للأمين العام لللأمم المتحدة في بيروت، اشارت فيه الى الإستمرار في الوقوف الى جانب لبنان ومؤسساته الشرعية، وفي مقدمتها الجيش، والاهم؛ ان المجموعة طالبت الحكومة اللبنانية بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، واكدت على الإلتزام استقرار لبنان، بعيداً عن عواصف التوتر التي تنتشر في المنطقة المحيطة به برمتها.

ترى مراجع واسعة الإطلاع؛ ان تحرُّك المجموعة الدولية في هذا الوقت بالذات، لم يأتي من فراغ، بل على العكس تماماً؛ فإن معطيات مُتعدِدة طَفَت على سطح الازمة إستوجبت هذا التحرُّك، والذي أُرفق بتحذير، من مغبة وقوع لبنان في المحذور الذي قد يُدخله في مجهول سياسي وامني، يَصعُب معالجته بعد فوات الأوان.

ماهي هي العوامل التي إستوجبت تحرُّك المجموعة الدولية؟

اولاً: شعور المرجعيات الدولية الداعمة للبنان – خصوصاً فرنسا – ان التسوية التي أفضت الى إنتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية، وسعد الحريري رئيساً للحكومة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة؛ اصبحت مُهددة، لأن أطراف استفادت من هذه التسوية، بدأت تستثمرها لمصالح حزبية وفئوية؛ على غير ما هو محسوب لها، وبالتالي فقد تجاوزت بعض هذه القوى حدود التسوية، بهدف إحداث تغييرات جوهرية – تمسُّ بقواعد اتفاق الطائف على سبيل المثال –  وقد تُضفي الى إشعال ازمات كبيرة، ربما تؤدي الى تهديد الإستقرار القائم.

وقد بالغت بعض هذه الاطراف في استثمار الشعارات الطائفية الحساسة التي قد تؤسِس توتراً – خصوصاً شعار إستعادة حقوق المسيحيين – مما اثار نقزة عند الاطراف الأُخرى، التي بدورها قد تلجأ الى لعب هذه الورقة لمواجهة استهدافها. والاطراف التي تنادي بالتغيير الشامل (ومحاربة الإقطاع )  مُتهمة هي ذاتها؛ بتجميع الثروات، وبناء (إقطاعات عقارية) وبممارسة ألإستبداد في استخدام النفوذ على مدى سنوات عديدة ماضية. في الوقت الذي كان مطلوباً من القوى التي كانت في صلب عملية التسوية؛ العمل على إستكمال بنود الإتفاق، والتحضير لإجراء الانتخابات في موعدها – كما وعد خطاب القسم – لأن إنتخاب مجلس نيابي جديد؛ كان من ضمن بنود التسوية التي حصلت برعاية اقليمية ودولية.

ثانياً: شعرت مجموعة الدعم الدولية (ودائماً وفقاً لرأي مراجع واسعة الإطلاع) ان الخطاب المرتفع النبرة الذي ساد بمناسبة الرد على التهديدات الاسرائيلية؛ قد يُفاقم الاوضاع، وربما يؤدي إشعال حرب في الجنوب، يدفع لبنان ثمناً غالياً لها، بصرف النظر عن قدرة الرد، او عن امكانيات المقاومة. وفي هذا السياق؛ جاءت دعوة المجموعة الى الهدوء، وضبط النفس.

ثالثاً: ان إستعادت مفردات التحدي بين القوى التي تؤيد هذا او ذاك من الدول الاقليمية الكبرى، يُنذِرُ بخطرٍ مُحدق على الإستقرار اللبناني، خصوصاً إذا ما دخل الخطاب الاميركي الجديد عاملاً مؤثراً على توتير الاجواء التي لم تستكين بعد.

بألتأكيد لم يأتي بيان مجموعة الدعم الدولية للبنان من فراغ؛ ففرص إستكمال التسويات قائمة، ولكن فرص إعادة خلط الاوراق والدخول في فوضى؛ قائمةٌ ايضاً. والتهديد بالفراغ في السلطة التشريعية؛ اخطر ما يمكن ان يُصيب الجمهورية. وبالتالي فكيف يمكن ان تستمر مؤسسات جمهورية ديمقراطية برلمانية من دون برلمان؟

اقرأ أيضاً بقلم د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

إخفاق في معالجة زحمة السير

الانتخابات والمحاذير المخيفة

الخلافات العلنية والتفاهمات السرية

انتخابات لإثبات الوجود السياسي

الانتخابات تفرق شمل الحلفاء

هل انتهت الأزمة السياسية بين التيار و«أمل» مع انتهاء الهيجان السياسي؟

كيف أطاح قانون الانتخاب الجديد بالتحالفات التقليدية؟

إعادة الحياة إلى وسط بيروت قرار في منتهى الأهمية

عن ذكرى استشهاد محمد شطح «رمز الحوار»

دوافع بيان مجلس الأمن؟

لا مستقبل للسلاح غير الشرعي

هل شملت التسوية الجديدة كل أطراف العقد الحكومي؟

مساكنة حكومية إلى ما بعد الانتخابات

عن شروط الاستقرار في لبنان

القطاع الزراعي اللبناني على شفير الانهيار

لملمة الوحدة الوطنية

ما أسباب مخاوف بري على «الطائف»؟

زيارة الحريري إلى موسكو بين الواقع والمُرتجى

المجلس الدستوري يربك القوى السياسية

الجيش اللبناني ومواجهة المستقبل