هل انتهت مفاعيل الـ”قسم”؟

د. صلاح ابو الحسن

غريب هذا البلد.. ساسته لا يشبهون احدا في العالم.. قادته لا يحترمون كلامهم ولا تعهداتهم.. اسهل الأمور عندهم “لحس” تواقيعهم.. ولحس مواقفهم.. البلد بالنسبة للكثيرين منهم، عيونهم “زائغة” الى الخارج.. الوطنية ليست في قاموسهم.. ارضهم ساحة سائبة ومفتوحة لمن يشاء.. وطنهم فندق للإيجار.. الدستور والقانون في سلة المهملات.. اما الشعب بالنسبة اليهم، فلا وجود له الا كل اربع سنوات.. اللهم، عندما كانت تُحترم المواعيد الدستورية.. في عصر مضى.. الخطاب الإنتخابي والرئلسي تنتهي صلاحيته غداة إعلان النتيجة.. ولا خجل!!..

أكثر دول العالم لها وكلاء “مخلصين” عندنا، يتحمسون لموكّلهم أكثر من حماسته لنفسه.. هم “مطواعين” لأربابهم الأقربين منهم والأبعدين.. ابواقهم يعلو صوتها أكثر من صوت “الأصيل”..  الأصيل قد يهادن ام هم فيواصلون السباب والشتم.. كل غيوم العالم تُمطر وترعد وتعصف عندنا..

كان برنامج عمل الرئيس عندنا “عدم الدخول في المحاور الخلافية والصراعات الاقليمية.. واعتماد سياسة خارجية مستقلة تقوم على مصلحة لبنان العليا واحترام القانون الدولي”.. فاستبشرنا خيرا.. بزياراته الخليجية والعربية وعقدنا الآمال.. على ان الفخامة للجميع اما الحزب فهو لفريق..  ذهبنا بعيدا في التخمين والتحليل، مع أن المؤمن لا يُلدغ من الجحر مرتين.. رغم اننا لُدغنا في السابق مرات ومرات.. وأكثر من أن تُحصى وتُعد..

برنامج العمل، استبشرنا فيه خيرا.. خاصة انه أُرفق بزيارة خليجية.. انهت أزمة سياسية واقتصادية جلبت المصائب على لبنان، فتنفس اللبنانيون الصعداء.. وهللوا للموقف العاقل والحكيم.. لفخامة الرئيس..

الأمم المتحدة والعالم، كل العالم، هنأ اللبنانيين بانهاء الفراغ في سدّة الرئاسة.. رحبوا بخطاب القسم المتوازن.. ثم بتشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة.. وزيارات عربية لافتة انهت قطيعة مرّة.

شهر العسل بين الرئاسة وكل “الشعوب” اللبنانية انتهى عاجلا ولم يدم طويلا.. وبدأت من زيارة مصر.. عندما اعتبرت الرئاسة ان سلاح حزب الله ضرورة لأن الجيش عاجز عن حماية لبنان وان سلاح “الحزب” لا يُستعمل في الداخل.. والرئيس يتذكر جيدا 7 ايار “المجيد” ومآثر “السرايا” التي فرّخت سرايات.. الغريب ليس حرفية الكلام.. الغريب ان يصدر هذا الكلام بتشريع الجيوش الرديفة للجيش الوطني، عن أعلى سلطة مؤتمنة على كل “الشعوب” وعن القائد الأعلى للجيش.. علما اننا ضد فتح معارك لا معنى لها، حول شرعية وجود هذ السلاح لمواجهة اسرائيل.. دور هذا السلاح يُحل بالحوار.. اما وجوده فهو شأن اقليمي وربما أبعد.. خاصة بعد تدخله في العراق واليمن والبحرين وفي دول ابعد.. وبعد “انتصاراته” في سوريا، ولو انها انتصارات على شعب عربي ومسلم.. وستظل “الإنتصارات” موضع جدل ربما “بيزنطي” الى وقت طويل.. وما علينا الا الإنتظار ولو طال.. حتى “الحزب” ليس هو من صاحب القرار الوحيد في خياراته “الاستراتيجية”..

ميشال-عون

أولى ننائج هذه المواقف انه ينال من سمعة وهيبة الجيش الوطني، وقد سبّب رد فعل من الأمم المتحدة، بمنح غطاء رسميا وشرعيا لسلاح غير شرعي، او على الأقل غير مُتوافق على شرعيته داخليا.. اضافة الى ان هذا الكلام يأتي في ذروة الصراع السني – الشيعي، وذروة الصراع السعودي – الإيراني..

وثاني النتائج، أنه أعطى تبريرا لاسرائيل وللرئيس “المجنون” دونالد ترامب..، والإثتان ليسا بحاجة لتبرير تهديد لبنان أرضا وجيشا وشعبا..

وثالث النتائج، استفادة حزب الله من هذه التصريحات، لتهديد اسرائيل وديمونا.. الذي يعيدنا الى زمن شعارات محو اسرائيل عن الخريطة ورميها في البحر.. ومن يدري، فقد تتحول هذه المواجهة الى حرب ايرانية – سعودية على أرض لبنان.. لا يُحمد عقباها.. ونحن للتو كنا قد اعتقدنا اننا خرجنا من “العناية المركّزة” وبدأنا مرحلة إعادة تأهيل الدولة ومؤسساتها وزاحفون باتجاه اجراء انتخابات نيابية..

ورابعها، الهجوم العنيف على السعودية ودول الخليج العربي، الذي يأتي بعد المساعي التي بذلها العهد لإعادة العلاقة الطبيعية والسليمة بين دول الخليج ولبنان الى سابق عهدها وحماية مصالح حوالي نصف مليون لبناني فيها.. فهل الهجوم غير المبرر على دول الخليج رسالة الى العهد ايضا.. على قاعدة أنت صاحب الفخامة ولكن الأمر لي وانا صاحب القرار..

ونسأل هنا، كل المتباكين على صلاحيات رئاسة الجمهورية التي أفتقدها في اتفاق الطائف.. هل عادت اليوم عبر اجهاض مساعي العهد في أول الطريق؟؟!!

ونسأل هنا، الحكومة أيضا، اليست هي دستوريا وقانونيا من يقرر السياسة الخارجية الواجب اعتمادها في لبنان؟؟!!

وكيف ستتعاطى الحكومة العتيدة مع الامم المتحدة ومع المجتمع الدولي، وكيف ستحافظ على مصداقيتها.. في الداخل والخارج اذا لم تكن المرجعية وصاحبة القرار؟؟!!

ونسأل هنا، من يقرر اي قانون انتخابي نريد وأية موازنة واي دعم للجيش ولباقي الأجهزة الأمنية.. اذا كان بمقدور اي كان.. اسقاط سياسة العهد والحكومة؟؟ ومن يثق بتوجهات وقرارات ووعود الرئاسة والحكمومة اذا كانت عاجزة عن الإيفاء بتعهداتها..

ما نفع انهاء الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس واعد وتشكيل حكومة وحدة وطنية واجراء انتخابات نيابية في موعدها.. وفتح ابواب مجلس النواب الى التشريع وعودة المؤسسات الدستورية الى العمل.. ما النفع اذا كان القرار القاطع ليس بيد كل هؤلاء؟؟؟!!!

الرئيس تعهد في خطاب القسم على: تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني، الإبتعاده عن الصراعات الخارجية، احترام ميثاق الجامعة العربية، اعتماد سياسة خارجية مستقلة، احترام القانون الدولي، تعزيز الجيش هاجسي وأولويتي، رئيس الجمهورية هو ضامن الأمان والإطمئنان..

الكثير من هذه القسم وبعد فترة وجيزة، خُرق.. فهل يُقال للبنانيين: “إنقعوه واشربوه”..

 

اقرأ أيضاً بقلم د. صلاح ابو الحسن

“الدروز” الى أين؟؟!!

هل “هزة” حماة وحلب تُبدل قواعد اللعبة

الى رفاقنا وأهلنا وأصدقائنا في المتن الأعلى “تجربتكم مع هادي سبقت نيابته”

ترامب ومصير الإنتخابات

الناخب بين “الحاصل” و”المحصول”

قانون الإنتخاب “الإلغائي” و”شفافية” التزوير..

لا تصدّقوا وعود الإنتخابات

لا تستخفوا بالمعترضين

بعد الغوطة.. الإرهاب أرحم

ولماذا الإنتخابات؟!

انقلب باسيل على تفاهم مار مخايل.. وقضي الأمر!!

هكذا صهر يُعفي العهد من الأعداء

مصائر الديكتاتوريات متشابهة!

بين نداء الحريري ونداء “صاحب الزمان”!!

ما أحوجنا اليك

وأخيرا… “طفح الكيل”!

“كأنه حُكم على اللبنانيين أن يحكمهم دائما الجهال”..

رسالتي الى الرفيق تيمور

إنتصار “الأوهام” الكاذبة!

صنّاع الإرهاب هم صنّاع تقسيم سوريا!