التغيير الضروري

جليل الهاشم

ليس على احد توقع الاعاجيب من التسوية التي جاءت برئيس للجمهورية ثم بالحكومة. فهذه التسوية لم تقم على تغيير في سياسات أي طرف ولا اشترطت تراجعات عن مواقف اتخذها هذا الفريق او ذاك، الا اذا اعتبرنا الذهاب الى خيار العماد ميشال عون رضوخاً لقرار فريق. بالتالي ليس علينا ان نفاجأ بتصريح للعماد عون يقول فيه ما قاله عن الجيش وحزب الله، كما ليس لنا ان نفاجأ بتصريح آخر للرئيس الحريري يقول فيه النقيض تماماً الا ان ذلك لا يعفي احداً من ضرورة تغيير في اللغة على الأقل وتغيير اللغة يقتضي الخروج من متاريس التعبيرات السابقة عن المواقف فبإمكان الاطراف المختلفين بل من واجبهم الإجتهاد لتقديم صيغ جديدة تفتح على المستقبل ومن هذه الصيغ الاصرار على اولوية قيام الدولة ومؤسساتها ووحدانية الدور الامني لمؤسساتها العسكرية وبعد ذلك تطرح الأجوبة بشأن كيفية الوصول الى هذه الغاية او الهدف.

 فبدلاً من تكرار الكلام على ضعف الجيش يمكن الحديث عن وضع الاستراتيجية الدفاعية بنداً أولاً على جدول اعمال الحكومة والفرقاء، خصوصاً ان الأمر يتعلق بمهمة محددة هي مواجهة احتمالات العدوان الإسرائيلي.

وفي هذا السياق، فان تكرار الكلام القديم عن دور حزب الله في مواجهة اسرائيل بالقفز فوق الواقع القائم وفوق القرار 1701 وفوق الدور الفعلي الراهن للحزب كفصيل يطلب سيرغي لافروف ادراجه في إطار التحالف الدولي ضد الإرهاب كل ذلك لا يخدم السعي الحدي للخروج بصيغة مستقبلية حول قضية بناء الدولة ودور حزب الله ودور أي حزب آخر في إطارها.

 وفي المقابل، ليس نافعاً الإكتفاء بالرد القائل ان النظام السوري يرتكب المجازر بحق شعبه وبالتالي يجب تغييره ثم تكرار المعزوفة المشروخة عن خروج حزب الله من سوريا فهذه ايضاً شعارات ولىّ عليها الزمن ولم تعد مثل سابقاتها من وجهة النظر الأخرى ترضي عموم اللبنانيين كما انها لا تقنع المحيط العربي والدولي الاوسع الذي سيبقى ينظر الى اللبنانيين على انهم مجموعة متناقضة من “المقاطعجية” يشد كل منهم مقدرات البلد نحو صدره ولو أدى ذلك الى تمزيق البلد نفسه.

المطلوب لغة جديدة ومواقف مسؤولة وعملية من نوع آخر لا تتحكم بها الأوامر الخارجية ولا رغبات الإستفادة من انتخابات تكاد تساوي انتخاب مجالس بلدية أو سلطات محلية أكثر من كونها انتخاب سلطة تشريعية فاعلة.

(الأنباء)