قراءة دستورية: عون ملزم بتوقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة

نوال الأشقر (لبنان 24)

أن يوقّع وزير الداخلية نهاد المشنوق مرسوم دعوة الهيئات الناخبة إلى الإقتراع وفق القانون النافذ ليس خياراً، بل يندرج في خانة حتمية وواجب الإلتزام بالأصول القانونية والدستورية. المرسوم وليكمل مساره القانوني والدستوري يحتاج إلى توقيع وزير المال كونه يرتب نفقاتٍ ماليةً، وكذلك توقيع كلّ من رئيسي الجمهورية والحكومة.

رئيس الجمهورية استبق توقيع المشنوق معلناً تفضيله الفراغ على “الستّين”، وبعد التوقيع جاهر أكثر من نائب من كتلته النيابية بأنّ الرئيس ميشال عون لن يوقّع المرسوم، والسؤال هل أعطى الدستور رئيس البلاد حق رفض توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة؟ وهل يعتبر الإمتناع عن التوقيع مخالفة دستورية؟ وهل يجوز دفن قانون قبل إنتاج البديل؟

الخبير الدستوري النائب السابق صلاح حنين يلفت عبر “لبنان 24” إلى أنّ رئيس الجمهورية ملزم بتوقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، وكذلك كلّ من رئيس الحكومة ووزيري الداخلية والمالية، وإذا امتنع وزيرا المال والداخلية ورئيس الحكومة عن توقيع المرسوم، يكونوا بذلك قد خالفوا قانون الإنتخاب الحالي، وخالفوا المادة 44 منه، وفي حال وصل المرسوم إلى رئيس الجمهورية موقّعاً من الوزيرين ومن رئيس الحكومة، وامتنع رئيس الجمهورية عن التوقيع يكون بذلك قدّ عطّل عمل الدولة، وارتكب مخالفةً دستوريةً. بحيث أنّ هذا المرسوم يندرج في إطار المراسيم الإجرائية العادية التي لا تؤسّس لجديدٍ وإنّما تدعو لتطبيق القانون، وليست خاضعة بالتالي لقرار مجلس الوزراء، ووفق الدستور رئيس الجمهورية ملزم بتوقيع المراسيم العادية بحيث يقول الدستور “رئيس الجمهورية يصدر المراسيم”، ولا يقول “له أن يصدر المراسيم”، وبالتالي توقيع هذه المراسيم من ضمن واجباته الدستورية. وامتناع أحدهم عن التوقيع يشكّل سابقةً ومخالفة.

وأضاف حنين وجب على الأربعة توقيع المرسوم طالما لم يتم إقرار قانون جديد للإنتخابات. والتوقيع لا يعني إقفال الباب على إنتاج قانون جديد، بالعكس من ذلك تبقى إمكانية إقرار قانون جديد قائمة لغاية الساعة 12 إلا دقيقة منتصف ليل 20 حزيران. وفي حال تمكّنوا خلال هذه الفترة المتبقية من إقرار قانون جديد، ووجدوا أنّ تطبيقه يحتاج إلى تحضيرات لوجستية وغيرها، يمكن أن يضمّنوا القانون فقرة تحدّد توقيت إجراء الإنتخابات وفق القانون الجديد، في أيلول بدلاً من حزيران على سبيل المثال، وهذا يسمّى تمديداً تقنياً. وعندها تتم دعوة الهيئات الناخبة من جديد وفق القانون الجديد، الذي يلغي القديم بكلّ مفاعيله بما فيها دعوة الهيئات الناخبة على أساسه.

التخوف من الدخول في أزمة دستورية له ما يبرره، لاسيّما وأنّ الكباش حيال الصيغ القانونية المطروحة على بساط البحث لا زال قائماً، وبالتالي الإفتراض يبقى مشروعاً برفض توقيع المرسوم أولاً، تمّ بتعذر الإتفاق على قانونٍ جديدٍ وعلى التمديد أيضاً، في ظل هذا السيناريو يقول حنين “يبقى حلٌ وحيدٌ يستند إلى مبدأ قانوني عام، مفاده أنّه في حال غياب المجلس النيابي من حق وواجب الحكومة أن تشرّع منعاً للفراغ بموجب مراسيم اشتراعية، بحيث يطلب رئيس الجمهورية من الحكومة إصدار قانون جديد. ويكمن الخطر أن تشرّع الحكومة ويتعذر عليه إقرار قانون جديد”.

تمديد الولاية الحالية للمجلس أيضاً دونه صعوبات “إذا افترضنا أُقر قانون لتمديد الولاية، وردّه رئيس الجمهورية، نكون أمام احتمالين: يُصوت عليه بالنصف زائداً واحدَ، وعندها يصبح نافذاً، أو يمتلك رئيس الجمهورية أكثريةً مماثلةً أي النصف زائداً واحدَ، لا تصوت لمصلحة التمديد، عندها لا يمر”.

إذن نحن أمام سيناريوهات متشابهة في جوهرها التعطيلي لمسار الدولة، ويبقى الحل الأنسب للجميع عبر التوافق على قانون للإنتخابات، لا يدفن الستّين فحسب بل يغلق الباب أمام أزمات دستورية لا مصلحة للبلاد والعباد باستدعاء شياطينها .