خبير عسكري يجزم لـ “الانباء”: لا حرب إسرائيلية في الافق!

ما كاد اللبنانيون ينعمون ببعض الإستقرار نتيجة التسوية التي أدت الى انتخاب رئيس الجمهورية وما رافقها من مساعٍ توافقية في مقاربة مختلف الملفّات، وبنتيجة إنجازات الجيش والقوى الأمنية في التوقيفات شبه اليومية لإرهابيين وخلايا نائمة في لبنان، حتّى عاد شبح الحرب الإسرائيلية إلى الواجهة، تحديداً بعد الخطاب الأخير لأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله.

فهل الحديث عن حرب إسرائيلية ثالثة على لبنان يندرج في سياق التهويل والحرب النفسية الصهيونية في معرض الرد على تنامي دور حزب الله في سوريا؟ أم أنه مخطط فعلي تتحضّر اسرائيل لترجمته قريباً؟

الفرضيّة الأخيرة ساهم بتعزيزها قرار حظر السفر الأميركي إلى لبنان، والذي أتى لـ “يزيد الطين بلّة” وليطرح تساؤلات عدة حول المظلّة الدولية الحامية لأمن لبنان طوال السنوات الأخيرة، رغم تأكيد ديبلوماسيين أن هذا القرار أتى في سياق تدابير تتخذها وزارة الخارجية الأميركية بصورة دورية لتحذير رعاياها من السفر إلى مناطق التوتر والإرهاب.

لا خوف ولعلّ أكثر ما أثار الريبة بعد حديث نصرالله الأخير هو واقع أن لبنان ما زال يرزح تحت خطر الإرهاب التكفيري الداهم عند حدوده، ما يعني أن تعرّضه لضربة إسرائيلية في هذه المرحلة قد يكشفه على احتمالات أمنية كفيلة بإغراقه في آتون ناري مدمّر.

فما مدى الخطر المحدق بنا؟ وهل نحن فعلاً على أبواب حرب إسرائيلية جديدة قد تأكل معها أخضر العهد الجديد ويابسه وتطيح بكلّ أمل بإمكان استمرار تحييد هذا البلد عن بركان النار المتوهّج من حوله؟!

“أمن لبنان في العناية الفائقة، ولا خوف عليه لا من إسرائيل ولا من غيرها”، الجواب أتى على لسان خبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، أكّد لـ “الأنباء” أن “العدو الإسرائيلي هو من بادر إلى الحرب النفسية، مستنداً إلى التغيير الي شهدته السياسة الأميركية مع وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة وتطوّر الدعم الاميركي له بجرعات إضافية، ما دفعه إلى التهويل بالعمل العسكري”، معتبرا أن “هذا التهويل وضع حزب الله أمام خياريْن، إما أن يصمت فتنجح إسرائيل بتحقيق أهدافها من حربها النفسية، وإما أن يرد بما هو مناسب. وقد أجرى الحزب تقديراً للموقف الاستراتيجي، فوجد أن البنية العسكرية والمدنية الإسرائيلية هي بوضع واهن، وبالتالي كان لا بد من موقف لمواجهة الحرب النفسية التي شنّتها إسرائيل”.

لكن أي انعكاس لهذا الرد على مستوى الأمن اللبناني؟ “الأمن والإستقرار الأمني لا ينشأ بنتيجة وعود وضمانات، بل بنتيجة توافق سياسي وقوّة عسكرية”، أجاب الخبير المذكور، واضاف ان “التوافق السياسي اللبناني على حفظ او صنع الأمن في لبنان قائم ويبدو مقبولاً، وإلا لما انتُخب العماد ميشال عون رئيساً ولما تشكّلت الحكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري، وبالتالي نستطيع أن نقول أن السياسة في لبنان مناسبة لوضع أمني مستقرّ. أما لناحية القوة، فإن القوة الردعية التي يملكها حزب الله، مع الجيش اللبناني لحماية لبنان كافية لتُلقي الطمأنينة في نفوس اللبنانيين بأن لبنان لا يزال في دائرة أمان معقولة تحصّنه من أية حرب قد تشنّ عليه”.

المظلة

تقاطع محلي دولي! يوحي كلام الخبير لـ “الأنباء” بأن الحديث عن مظلة أمنية تحمي أمن لبنان ليس بمقدار أهمية التعويل على التفاهمات المحلية وتكامل الأدوار بين فرقاء السياسة والأمن في هذا البلد. فأي دور للمظلّة الدولية في حماية أمن لبنان؟ “هذه المظلّة، إذا تشكّلت، فهي عامل مساند ومعزز للأمن وليست عامل منشئ للأمن أو صانعاً للحالة الأمنية”، قال، وشدد على أن “صنع الأمن في لبنان حقيقةً يرتكز إلى عنصرين: العنصر السياسي والعنصر العسكري. والعنصر السياسي يحتوي على شقّيْن، الشق الداخلي وهو توافق، والشق الخارجي وهو أيضاً تكامل وحاجة. لذلك فإن ما يسمّى مظلة أمنية دولية حول لبنان يدخل من ضمن الشق الخارجي السياسي. والسبب في ذلك هو أن معظم الدول المعنية بالصراع الإقليمي تعطي لبنان مثل هذه الضمانات لحاجتها إلى لبنان مستقر، لأن تفجير الوضع الأمني فيه يحرمها من قدرة المناورة في مكان قريب من ميدان الحريق السوري – الإيراني”، ويضيف: ان هذه الدول بحاجة إلى مكان آمن أو منطقة آمنة للديبلوماسيين وللإعلام وللمراقبين حتّى يراقبوا ما يجري في سوريا والعراق. ولبنان يشكّل هذه المنصّة لها.

أما بالنسبة للحاجة الداخلية، فالفرقاء السياسيون يعلمون أن سقوط الحالة الأمنية في لبنان سوف يسقط الهيكل فوق رؤوسهم جميعاً”، ولفت إلى أنه “بحكم الضرورة فإن فرقاء السياسة اللبنانية مضطرون لحفظ الامن، كما أن الخارج مضطر لصون السلام في لبنان. هذا التقاطع هو ما يصنع الأمن في لبنان”، جازماً بأنه “رغم كل التهويل والخطابات التصعيدية، فلا خوف أمنياً على لبنان في هذه المرحلة”.

غنوة غازي – الانباء