النسبية… السرج قبل الحصان!‎

علاء لؤي حسن

أنباء الشباب

يشهد لبنان هذه الأيام نقاشاً حاداً يدور حول قانون الانتخابات، كل جهة تقترح القانون الذي يتيح لها إيصال اكبر عدد من نوابٍ يمثلونها تحت قبة البرلمان، الكل مجمع على النسبية، ولكن اية نسبية وكيف وعلى اية دوائر، هنا “يسكن الشيطان”.

مما لا شك فيه ان النسبية من حيث المبدأ إحدى الصيغ المتقدمة التي توفر قدرا كبيراً من عدالة التمثيل لكل القوى والاحزاب. أضف الى ذلك أنها تطرح البرامج السياسية كأساس في المنافسة. كونها في  إطار يشمل رقعة الوطن كشرط اساس لهذا النوع من الأقتراع، وهذه النقطة الأخيرة تقودنا إلى شرط آخر، وهو أن تطبيق النسبية يحتاج إلى أحزاب عابرة للمناطق كما هي عابرة للطوائف.

وعليه فعندما طرحت الحركة الوطنية اللبنانية بقيادة كمال جنبلاط النسبية ولبنان دائرة واحدة جاء ذلك متناسقا مع طبيعة ذلك الزمن الذي أصطلحنا على تسميته “الزمن الجميل”، كما وجاء منسجماً مع مكونات الحركة الوطنية آنذاك والتي كانت تضم تنظيمات سياسية عابرة للطوائف حتى كان ذلك حال  بعض الأحزاب اليمينية الكبيرة مثل “الوطنين الأحرار”، أما الآن فإن طرح النسبية اصبح كمن يضع الحصان أمام العربة، حيث الشحن الطائفي وحيث الفرز الطائفي احزابا وجماعات.

وباختصار فإن النسبية تختزل ثقافةً  وتطوراً تاريخياً للمجتمع قدم في محصلته السلطة المدنية وجعلها فوق كل السلطات، كان ذلك يلوح في فترة السبعينات قبل ضرب الحركة الوطنية لكنه لم يعد كذلك بعد الحرب الأهلية، وهذا ليس تسليما بالواقع بل تشخيصا كي نتعظ ونفتش عن الحلول بعيداً عن الهوس والتسرع. والبداية تكون بالتسليم  بان النسبية وفق الصيغ المطروحة لعبة بهلوانية، فلا نسبية إلا بالغاء الطائفية السياسية، فهل تحقق ذلك، ولانسبية إلا بقانون جديد للأحزاب يحظر وجود احزاب طائفية فكيف بالمذهبية منها. فهل تحقق ذلك.

إن الحديث عن “النسبية الكاملة” في ظلال هذا الأصطفاف الطائفي، وثقافته الُممَزِّقة، هي حيلة سياسية للحيتان لوضع اليد على الطوائف الصغرى. وإزاحة القوى الديمقراطية العلمانية، فالذاهبون للانتخاب مجرد اشخاص جرى مصادرة وعيهم، هنا “بالتكليف الشرعي”، وهناك بشد العصبية الطائفية بطريقة غير مسبوقة! حتى باتت كرنفالاً للمزاودة فيها!