لِنلتزم بالطائف والدستور لا غير

فيصل مرعي

كثُر الحديث في الآونة الاخيرة عن استحداث قانون انتخابي عصري، يرضي طموحات وتطلعات الشعب اللبناني، بعد سنين طوالاً من التشنجات والمشاحنات والمناكفات، حول انتاج قانون انتخابي، يوّحد ولا يفرق. إن الطرح من حيث المبدأ صحيح وسليم، ولا يختلف عليه اثنان. إلا انه حتى هذه اللحظة نسمع “جعجعة، ولا نرى طحناً”، خصوصاً وأنه على المستوى العملي ما  زال كلاماً بكلام، لا قيمة له، في العلم السياسي والاجتماعي.. علماً، ان الواقعية السياسية، انسجاماً مع المرحلة الصعبة والمعقّدة، تفرض استيلاد قانون انتخابي في القريب العاجل، لا بل التسريع في ولادته قبل وقوع الواقعة، لا سيما وأن لبنان على شفا انهيار سياسي، واقتصادي، وحتى أمني… خاصة وأن دولاً محاذية له تتربص به شراً،  وتعمل تارة في الخفاء، وطوراً في العلن على التقامه ونهشه. والمؤسف حقاً، ان ما سمِّي آنذاك عهد الوصاية، هو الذي اوصلنا الى هذه الحالة المؤسفة، متناسياً الروابط والمواثيق، والمصير المشترك، انطلاقاً من معايير، انسانية، ووطنية، وعروبية. وبالعودة الى قانون انتخابي جديد، يحدث صدمة ايجابية للبنانيين، نعود فنذكر، بما نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني “الطائف”، على استحداث قانون انتخابي جديد، يعتمد المحافظة اساساً، ويحترم المساكنة والعيش المشترك بين اللبنانيين.

صحيح ان النسبية تحقق عدالة التمثيل السياسي، ولكنهم نسوْا ان النسبية، تتطلب اول ما تتطلب الغاء الطائفية السياسية، وبنى تحتية قوية تشرف على عملية الانتخاب، كما نسوْا، ان قانوناً نسبياً متقدّماً لا فعالية، ولا تأثير له في هذه الاجواء الداكنة والمكفهرّة، ناهيك عمّا يتطلب من تقنيات، كحسن تقسيم الدوائر، وتأثير عنصر المال، والمساواة في الاعلام والاعلان، وتخفيض سن الاقتراع.. فالمنادون بالقانون النسبي، غاب عن اذهانهم، هذا التنوع الذي صنع لبنان، والذي كان وما زال سر بقائه واستمراريته، كما غاب عنهم أن المسألة ليست بالعدد، وبالعددية،  وإنما بهذه المحطات المشرّفة طوال عقود وعقود.

وفي المجمل، ان معيار كل حزب، وكل شريحة، هو في مسيرتها، وفي ملف كل منهما في المدى الوطني، والعمق العربي، مذكرين في هذا المجال، بمواقف حزبنا المشرقة والمضيئة، ابتداء من محاربة عهود الفساد، مروراً  بالبرامج السياسية والاقتصادية، وصولاً بالوقوف جنباً الى جنب، في كل مفصل ومنعطف مع القضية الفلسطينية، على قاعدة القضية والمصير. فقانون الانتخاب ليس ورقة تتلاعب بها رياح الآخرين، وليس كرة تتقاذفها الاقدام. إنه بعد المصالحة التاريخية التي رعاها، سيد المصالحات، والتسويات المشرفة والعادلة رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، والتي أدت الى التهدئة وتثبيت الاستقرار في الجبل، ومن بعد الى الاستقرار في جميع ارجاء الوطن، هي التي اسهمت في استعادة الوطن وحضوره..  فالمسألة لم تعد مسألة قانون انتخابي، بقدر ما هي مسألة مصير وطن. فإما ان يكون هنالك وطن او لا يكون. ان ازمة قانون الانتخابات اضحت ممجوجة لكثرة ما لاكتها الألسن، حتى استنفذت.

صفير في المختارة 2001

في مجمل القول: هنالك دائماً  كوة للوصول الى قواسم مشتركة، حول القضايا السياسية الشائكة، بعيداً عن التشبّص، وعن بناء قصور في الهواء، غالباً ما قادت الى التباعد والجفاء.

وبكلمة، من الصعوبة بمكان إجراء انتخابات في الجبل دون العودة الى رأي الاكثرية الشعبية المتكوكبة حول حكمة الرئيس وليد جنبلاط، وقيادته للمرحلة الصعبة. فعلى المغرّدين خارج اطار الوطن، مراجعة التاريخ للتأكد من كان في اساس بناء لبنان وقيامته.. والحفاظ على تنوعه.

فالعودة الى الطائف في الوقت الحاضر الافضل والامثل، استكمالاً للتسوية السياسية الشاملة. فلنلتزم بالطائف والدستور، لا غير.

اقرأ أيضاً بقلم فيصل مرعي

المعلم كمال جنبلاط مصباح الديمقراطية المتكاملة..

خطاب القسم وحكومة استعادة الثقة

ارحموا لبنان يرحمكم التاريخ..

فلننقذ لبنان اليوم قبل الغد..

طبّقوا الطائف تنقذوا لبنان

لبنان: ديمقراطية مشوّهة وتخبط سياسي…

الاجماع والتوافق (وأي اجماع وتوافق!)

لا للصفقات ولا للاستئثار بعد اليوم

قادة بحجم الوطن أحسنوا قيادة السفينة

النزوح السوري وقانون التجنيس..

حماية لبنان من اولى اولويات الحكومة..

قانون انتخابي بلا نكهة سياسية

لبنان لا تطبيع ولا علاقات…

النأي بالنفس حاجة وضرورة..

..إذا قلنا: أخطأنا…

تسوية جديدة لا استقالة

سلسلة الرتب والرواتب..

لبنان وازمة النازحين..

قانون بلا نكهة سياسية وقيمة اصلاحية؟!

الدولة وحدها تحمي لبنان…