الهدف من “النسبية” “ثلث معطل” ام عدالة تمثيل؟

د. صلاح ابو الحسن

يبدو ان الأهداف المعلنة لأي قانون انتخابات نيابية نريد، هي غير الأهداف المُضمرة. وحياكة القانون في الغرف المغلقة هي غير تصريحات “الحائكين” المعلنة. ويبدو ان ما يُحاك قد رُسم قبل الإنتخابات الرئاسية وربما قبل التكليف والتشكيل لحكومة العهد الاولى. يبدو ان الصفقة المتكاملة طُبخت مع الطبخة الرئاسية والحكومية.

ما اتُفق عليه في خلوة الرباعية توزيع حصص الاسد او المقاعد النيابية فيما بين أركانها، أي على التحالفات القديمة والمستجدة، او على الثنائيات والثلاثيات وربما الرباعيات. وتوزيع المقاعد المتبقية على الأقليات السياسية والحزبية والمذهبية بمثابة جوائز ترضية.

والا لماذا يتجرأ أحد حديثي النعمة من السياسيين الطارئين. وكيف يجرؤ هذا “الطارىء” توزيع الاعداد على المذاهب والطوائف والقوى السياسية على هواه. يخلع على فلان حصة محددة. وعلى آخر حصة ثانية استنادا الى ميزانه ومكياله المشتبه أصلا بدقتهم. ويحجب عنه شريكا طبيعيا في السياسة وفي التاريخ والجغرافيا. غريب امر هذا “المتطفل” والطفولي والهجين الذي لا يفقه من التاريخ السساسي للجبل واهله المتنوعين، أبعد من أنفه.

آخر الزمان وأقصى الجهالة السياسية ان يُوضع المكيال بيد انسان جاهل، بينه وبين المعرفة بالتاريخ والصدقية ألاف السنوات الضوئية. رجل كهذا حتما لا يصلح لإدارة ورسم خريطة العيش المشترك خاصة في الجبل. ويجب أن يكون محجورا عليه في مكان آخر.

وأقصى الغباء، استهداف رجل من رجالات لبنان الكبار ومن بيت وبيئة مؤسسة للكيان اللبناني. ومن زعيم سياسي عملاق حريص على التنوع والوحدة الوطنية.

واذا كان هناك من يعتقد انه يستطيع اغتيال وليد جنبلاط و”المختارة” سياسيا فهو واهم. غيرهم سبقهم واغتال الرمز الوطني والعربي والعالمي كمال جنبلاط. وبقيت “دار المختارة” الجامع والحاضن لكل الوطنيين من كل الطوائف والمشارب السياسة. ما تجمعه المختارة يعجز عنه كبار السياسيين في لبنان والعالم العربي. المختارة كانت عبر التاريخ القديم والحديث ولم تزل وستبقى، ملاذا لكل الوطنيين والشرفاء. وتذكروا أن الذين اضطُهدوا ايام الوصاية السورية وأهينوا ولوحقوا من قبل الأجهزة اللبنانية السورية، لم يجدوا غير “المختارة” ملاذا آمنا لهم. والعرب المغضوب عليهم من أنظمتهم المخابراتية والديكتاتورية كانت “المختارة” محطة “اللجوء السياسي” الوحيد بالنسبة لهم.

walid-j

اما اذا كان الغرض من “النسبية” هو تفصيل او “قصقصة” قانون للإنتخابات النيابية. على قياس معين، ولغايات معينة، وهذا هو الهدف المرجّح وغير المعلن.. من اجل تعويض صلاحيات رئيس الجمهورية والعودة الى ما قبل الطائف فهم حتما واهمون. والواضح انهم يطمحون حتى الى أكثر من ذلك. ويهدفون الى وصول “الثنائي المسيحي” الى تأمين الثلث المعطل في المجلس النيابي.. وفي الحكومة.. تذكروا ان هناك اصحاب امتياز حصريين بـ”الثلث المعطل” او الضامن. وثقوا ان النسبية والثلث الضامن لا يؤديان الى “عدالة التمثيل”.

هل فكرتم مليا، ان مجرد التفكير سرا او علنا، بوضع اليد على المجلس النيابي او الحكومة اكبر منكم ومن تخيلاتكم،  ومشكلتكم عندئذ تتعدى وليد جنبلاط لتصل الى حزب الله ونبيه بري وسعد الحريري وصولا الى احزاب مسيحية اخرى لها تاريخها وجمهورها الواسع، والى المسيحيين المستقلين.. وهم وازنين وفاعلين..

الجنون فنون.. والاوهام لا تصنع دولة ولا وطن.. واذا كنتم تحلمون بالتحكم بالدولة طائفيا او ربما مع طائفة اخرى ملحقة بكم.. والعودة الى ايام المارونية السياسية التي كانت تضم قلة ملحقة من الطوائف الاخرى.. فانكم تهدفون، عن قصد او غير قصد، لحرب اهلية جديدة.. او لنظام سياسي جديد ينتهي بـ”المثالثة” بدل المناصفة.. وليس التهديد بالفراغ او الإستفتاء، سوى الخطوة الاولى لهذا المسار الإنتحاري.. فلا “تخبصوا في معلفكم”!!!… الطائف هو الفرصة الأخيرة.. والتي تحضى بالاجماع الوطني، على الأقل حتى تاريخه..

والغريب والغباء وقصر النظر ايضا، ان يستميت البعض لتفصيل قانون انتخابات نيابية بناء على تحالفات سياسية آنية ومرحلية.. التحالفات تتغير من دورة انتخابية الى أخرى، وحلفاء اليوم قد يكونون أخصام الغد، اما القانون فقد يستمر لعقود..

والغريب الاستماتة لاعتماد “النسبية” قبل الغاء الطائفية وقبل تعديل وتحديث قانون الأحزاب.. فـ”النسبية” التي اعتمدها بعض الغرب وتخلّى عنها البعض الآخر، باعتبار انها لا تؤمن الإستقرار السياسي في الحكومات الإئتلافية، حيث هناك أكثرية نيابية تحكم واقلية تعارض، والغرب اعتمدها على اساس نظام الأحزاب، فالمواطن ينتخب للائحة الحزب “المقفلة” وغير مسموح التعديل فيها، وهنا يصوت الناخب للحزب وليس للمرشحين، المرشحون يسميهم الحزب.. وأضيف الى “اللائحة المقفلة” فيما بعد “الصوت او الصوتين التفضيليين” اي التصويت الى مرشح او اثنين، ضمن لائحة الحزب..

اما اذا كنتم تريدون توجيه السهام الى وليد جنبلاط والحزب التقدمي الإشتراكي فتأكدوا ان لديهم مناعة وطنية وتعددية وتاريخية، والتنوع ضمن الوحدة هو احد المبادىء الحزبية.. والسهام سترتد على صدور مطلقيها..

وبالعودة الى قانون الانتخاب، واذا كانت النسبية تقوم على الأحزاب، فالمعروف ان الحزب الأكبر اليوم في لبنان هو الطائفة الأكبر فكيف اذا كانت الطائفة تعتمد نظام الأحزاب الكلية كما هي الحال في أنظمة الحزب الواحد أي حزب الـ99 %؟؟!!..

والغريب، ان يكون أشد المطالبين بـ”النسبية” هم من الأقليات الطائفية والذين يزدادون “أقلوية”.. والتي فيها تنوع وتعدد حزبي او سياسي.. الى حد كبير.. ولهذا كان تأكيد “الطائف” على “المناصفة”.

وهنا ايضا، اذا كنتم تريدون استهداف وليد جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي، فانتم تستهدفون أولا وأخيرا بيئتكم وتستهدفون دوركم وتاريخكم الوطني والعربي السياسي والإقتصادي والحضاري.. والنار تحرق في غالب الأحيان وقّادها..

(الأنباء)

اقرأ أيضاً بقلم د. صلاح ابو الحسن

“الدروز” الى أين؟؟!!

هل “هزة” حماة وحلب تُبدل قواعد اللعبة

الى رفاقنا وأهلنا وأصدقائنا في المتن الأعلى “تجربتكم مع هادي سبقت نيابته”

ترامب ومصير الإنتخابات

الناخب بين “الحاصل” و”المحصول”

قانون الإنتخاب “الإلغائي” و”شفافية” التزوير..

لا تصدّقوا وعود الإنتخابات

لا تستخفوا بالمعترضين

بعد الغوطة.. الإرهاب أرحم

ولماذا الإنتخابات؟!

انقلب باسيل على تفاهم مار مخايل.. وقضي الأمر!!

هكذا صهر يُعفي العهد من الأعداء

مصائر الديكتاتوريات متشابهة!

بين نداء الحريري ونداء “صاحب الزمان”!!

ما أحوجنا اليك

وأخيرا… “طفح الكيل”!

“كأنه حُكم على اللبنانيين أن يحكمهم دائما الجهال”..

رسالتي الى الرفيق تيمور

إنتصار “الأوهام” الكاذبة!

صنّاع الإرهاب هم صنّاع تقسيم سوريا!