معوض: نحن ضد التقوقع ومبدأ الكانتونات ولو كان ظاهره إصلاحياً‎

اشار نائب رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي الدكتور كمال معوض الى ان “النائب وليد جنبلاط من أكثر المتساهلين في موضوع الإستحقاق الرئاسي وتشكيل الحكومة وكان متساهلاً جداً في موضوع قانون انتخاب جديد كنا قد اتفقنا عليه مع قوى سياسية أخرى. لكن في الآونة الأخيرة ظهرت لنا مؤشرات غير مرضية من محاولة البعض الإستئثار بالسلطة التشريعية القادمة، ومحاولات إقصاء أو الغاء لمكونات أساسية لهذا الوطن، وإطلاق مشاريع ظاهرها إصلاحي تعتمد على النسبية، وهو مشروعنا في الأساس، لكن باطنها كيف تقضم من الآخرين”.

 وقال معوض في حديث لـ “البيان”: “نحن ضد التقوقع ومبدأ الكانتونات لو كان ظاهره إصلاحياً. نرفض أن تكون هذه المشاريع التي تدعي النسبية معبراً لمزيد من تقوقع الطوائف وإلغاء مكونات سياسية في نفس الطائفة أو الطوائف الأخرى”.

وهذا نص الحوار الكامل مع معوض والذي تناول مواضيع داخلية الى جانب موضوع الإنتخابات وهوية قانون الإنتخاب الجديدة:

-كيف تقيم الوضع الأمني في البلد، خاصة وأننا شهدنا في الأيام الماضية عمليات إستباقية نفذتها القوى الأمنية ضد التحركات الإرهابية؟

إن الوضع الأمني ما يزال ممسوكاً الى درجة كبيرة في لبنان، والفضل الأكبر يعود الى الأجهزة الأمنية والتنسيق الأفضل بينها. لم نعد نشهد تسابقاً بين الأجهزة لإثبات مَن الأفضل إنما يوجد تنسيق ملحوظ بينها، وهذا أمر جيد. إضافة الى ذلك، لا يبدو أن هناك أي نية عند أي طرف لبناني بتفجير الوضع الداخلي. إن معظم القوى السياسية قد تعلمت بعض الشيء من دروس الماضي، وأن لا حل إلا بالحوار والتفاهم بين اللبنانيين، وأن الخلافات حول الأمور الإقليمية يمكن تنظيم الاختلاف حولها. نتمنى من اللبنانيين، وقد قلناها مراراً وأعدناها حتى مللنا، أن يخففوا من حماسهم في التدخل بشؤون جيرانهم. وأتكلم هنا عن التدخل بقضايا الداخل السوري خاصة وأن هناك بعض البشائر حول بزوغ حل سياسي ما بعد كل العذابات التي تكبَّدها الشعب السوري. إن العمليات الأمنية الاستباقية التي قامت وتقوم بها الأجهزة الأمنية مشكورة عليها جداً. نسمع كل يوم عن عملية نوعية، وإن دلّ هذا على شيء، فإنه يدل على أن هناك في مكان ما بيئات ليست محصّنة كفاية ضد الخطر الإرهابي. يتوجب على بعض القوى في الساحة اللبنانية أن تخفف من خطابها المذهبي أو الطائفي، وأن تعلم أن أي رفع في مستوى التجيش الطائفي قد يجر الويلات على هذا البلد.

 -لماذا لم تضع الدولة اللبنانية حتى الساعة سياسة واضحة تجاه اللاجئين السوريين في لبنان؟

لو وضعت الدولة اللبنانية منذ البداية سياسة وطنية واضحة كان من الممكن أن تتيح لها ولمؤسساتها مواجهة معظم التداعيات الناتجة عن هذا النزوح الكثيف. كثير من الأمور المتعلقة بالنازحين السوريين تغيب عن أعين الدولة اللبنانية. نحن كحزب دعونا الى نوع من التنظيم لتواجد السوريين في لبنان، فقامت القيامة علينا وحكي عن أننا نسعى الى التوطين. لكن في النهاية ما كانت النتيجة؟ وصلنا الى انتشار أفقي وعشوائي لمخيمات النازحين في كل مكان ما زاد من احتمال الاحتكاك بينهم وبين اللبنانيين، وزاد من احتمالات تفاقم الأثر الإقتصادي السيئ لتواجدهم. كما أن هذا الإنتشار العشوائي خفف من إمكانية مراقبة الدولة وحتى من قدرة الجهات العربية أو الدولية المانحة للوصول الى هؤلاء النازحين. نحن ندرك أن استمرار هذا النزوح الى فترة طويلة سينعكس سلباً على الوضع الإقتصادي وعلى الإستقرار الإجتماعي والسياسي. وليس سراً أن بعض هذه التجمعات قد تكون بؤراً حاضنة لمجموعات إرهابية ستوجّه سلاحها ضد السلطة اللبنانية.

يجب أن تعمل الدولة اللبنانية بالتوافق مع الجهات الدولية لعودة آمنة للنازحين الى الأماكن التي أصبحت تتمتع بنوع من الإستقرار الأمني. لا يمكن أن يتحمل لبنان أن يكون وجود النازحين السوريين وجوداً دائماً. نحن نؤكد على أن الطابع يجب أن يبقى مؤقتاً . صحيح أنه لم ينجز الحل في سوريا نهائياً لكن هناك بعض الأماكن شبه الآمنة، وأظن أن بعض الظروف قد تأمّنت لعودة قسم منهم، وعلى الدولة اللبنانية أن تعمل في هذا الإتجاه.

 -هل ستجرى الإنتخابات النيابية في موعدها المحدّد لها؟

تمنياتنا أن تجري الإنتخابات النيابية في موعدها دون أي تأجيل. لكن إذا توصلت القوى السياسية الى توافق على قانون لا يرضي معظم الأطراف وأضطررنا الإستعانة ببعض الأشهر لكي ننتخب على أساس هذا القانون الجديد فلا مانع من التمديد التقني. لكن كلمة تقني مطاطة وأخاف أن تصل الى فترة سنة أو أكثر. إن كان التمديد لبعض أشهر فلا مانع شرط أن نصل الى اتفاق حول قانون إنتخاب. في حال لم نصل الى اتفاق حول قانون انتخابات جديد يجب أن تجري الإنتخابات في موعدها وعلى حسب القانون النافذ. كل بلدان العالم دون استثناء تعتمد هذا المبدأ. هناك قانون نافذ وساري المفعول فنمشي حسب هذا القانون إلا إذا توافقنا على قانون آخر. نرفض رفضاً باتاً ما مرّره البعض على كل المستويات بأن الفراغ أفضل من الاستمرار بالقانون الساري. هذه بدعة غير دستورية. هذا موقف لا يصب في مصلحة الوطن. الفراغ مميت للبنان.

 -كيف تفسر موقف النائب وليد جنبلاط؟

كان وليد جنبلاط من أكثر المتساهلين في موضوع الإستحقاق الرئاسي وتشكيل الحكومة وكان متساهلاً جداً في موضوع قانون انتخاب جديد كنا قد اتفقنا عليه مع قوى سياسية أخرى. لكن في الآونة الأخيرة ظهرت لنا مؤشرات غير مرضية من محاولة البعض الإستئثار بالسلطة التشريعية القادمة، ومحاولات إقصاء أو الغاء لمكونات أساسية لهذا الوطن، وإطلاق مشاريع ظاهرها إصلاحي تعتمد على النسبية، وهو مشروعنا في الأساس، لكن باطنها كيف تقضم من الآخرين. هناك كلام جد خطير ظهر في الآونة الأخيرة، وانتفضنا ضده، هو محاولة القول إن كل طائفة يجب أن تنتخب نوابها ولا مجال لتدخل طوائف أخرى في نواب من غير طائفتهم. هذا كلام مرفوض رفضاً باتاً. نحن ضد التقوقع ومبدأ الكانتونات لو كان ظاهره إصلاحياً. نرفض أن تكون هذه المشاريع التي تدعي النسبية معبراً لمزيد من تقوقع الطوائف وإلغاء مكونات سياسية في نفس الطائفة أو الطوائف الأخرى. من هنا يقول وليد جنبلاط إن كان هناك من نية لوضع بنود الطائف موضع التنفيذ فلنذهب في هذا الإتجاه. هذا سيفترض إنشاء الهيئة الوطنية لدراسة إلغاء الطائفية. التخفيف من هواجس ومخاوف الطوائف عبر مجلس شيوخ تتساوى فيه الطوائف والمذاهب وتطرح فيه قضايا مصيرية. ونجري إنتخابات على أساس لا طائفي. عندها تكون النسبية هي المشروع الأساس لكن ضمن هذه السلة الإصلاحية. لا لعقلية تعيد الطوائف الى حظائرها بل للتطلع الى مزيد من المواطنة. إن كانت النسبية ستؤدي الى مزيد من التقوقع فلا تنفعنا في الوقت الحاضر.

 -كيف تقرأ الموازنة الراهنة والسياسة الضرائبية الجديدة التي ستعتمدها الدولة لتأمين مداخيل جديدة؟

إن صرخات الناس وبعض وسائل الإعلام على بعض البنود الضرائبية في مكانها تماماً. قبل أن نفكر بموارد ضرائبية جديدة لمَ لا نضمن استرجاع الدولة لحقوقها المهدورة. كنا تكلمنا أنه على الأقل هناك مليار دولار يضيع في المرفأ. وكذلك الأمر في المطار. فلنبدأ في استرجاع كل تلك الحقوق المهدورة. فلنبدأ باسترجاع حقوق الدولة المهدورة في الأملاك البحرية والنهرية المستباحة من قبل حيتان المال. فلنبدأ بمعالجة موارد الهدر في مختلف دوائر الدولة. وهنا أود ان أوجه تحية الى مشروع “الحكومة الإلكترونية” التي يبدو أنه وضع على السكة. فتحية الى كل الوزراء الذين يعملون على هذا المشروع لأنه سيكون ضرباً قاتلاً للرشاوى ومزارب الهدر من جيوب المواطنين. إن رفع الضريبة على القمية المضافة من سيدفعها؟ أيعقل أن تكون جميع الناس، الأغنياء والفقراء، سواسية في هذا الموضوع؟ كفى مد يد الدولة الى جيوب المواطنين العاديين. إن وضعنا ضريبة على التحسين العقاري سنكون أول المؤيدين لهذا الموضوع. لنضغ ضريبة تصاعدية على المداخيل العالية. اطلعت سريعاً على بنود الموازنة وهناك أمور مرفوضة كلياً.