برّي يستعد لإطلاق مبادرة الأسبوع المقبل وجنبلاط منفتح على الخيارات الجدية

خلال المؤتمر السابع والأربعين للحزب التقدمي الإشتراكي، مرر النائب وليد جنبلاط موقفاً بارزاً لا بد من التوقف عنده. وهو إشارته اللافتة إلى تناقص عدد اللقاء الديمقراطي من 18 نائباً إلى 12، مع تسجيل ملاحظة إلى أنه لا بأس لو تناقص العدد أكثر، لأن الهم ليس عددياً، إنما تمثيلياً وحرصاً على التنوع والنظام اللبناني الفريد. ولذلك، لم ينطلق جنبلاط من حسابات مذهبية أو مناطقية ضيقة، بقدر ما يهمّه الحفاظ على الصيغة التعايشية الحالية.

يعرف رئيس اللقاء الديمقراطي أن لا قدرة في هذا البلد لأي طرف على إلغاء الآخر، ولذلك هو لا يتخوف من التعرض لحرب إلغائية، على الرغم من مواجهته لكل الصيغ التي يريد لها أصحابها أن تكون إلغائية. وإذا كانت الحملات والحروب التي تشنّ على جنبلاط، تأتي كردّ على رفضه الإنحسار داخل طائفته، لتعزيز مفهوم الثنائيات والآحاديات المذهبية التي لا يمكن إلا أن تؤدي فيما بعد إلى إعادة إحياء منطق الكانتونات، أو تحالف الأقليات. فإن أيضاً رفض الصيغ والتحالفات التي قد تؤدي بشكل أو بآخر إلى ما يشبه ذلك، قد يحتم تقديم بعض التنازلات على مذبح الحفاظ على التنوع والتعددية، والإنفتاح.

وإنسجاماً مع الموقف التاريخي الحريص على المحافظة على مصالحة الجبل، وعلى إتفاق الطائف، فإن ذلك قد يقود المعترضين على إقرار قانون إنتخابي قائم على أساس النسبية إلى الموافقة عليه، وإنطلاقاً من هذا الحرص، زار جنبلاط عين التينة حيث التقى الرئيس نبيه بري، وأكد وإياه الإنفتاح على كل الخيارات الجدية لأجل التوصل لإقرار قانون جديد للإنتخابات يحظى بموافقة الجميع ولا يؤدي إلى إلغاء أحد، ولا يحجب صفة التنوع عن لبنان.

وبحسب ما علمت “الأنباء” من مصادر متابعة، فإن الرئيس برّي يستعد لإطلاق مبادرة جديدة تتعلق بمسألة قانون الإنتخاب في الأسبوع المقبل على أن تراعي هواجس الجميع، وتحفظ حقوق الجميع. ولا سيما أنها ستكون مرتكزة على الحفاظ على إتفاق الطائف وتنفيذ بنوده بكاملها، سواء في ما يتعلق بقانون الإنتخاب أو غيره. مقابل التضحية بالحسابات الضيقة والشخصية لصالح الحسابات الوطنية.

ولذلك، فإن حماية لبنان من منطق الثنائيات، والتحالفات الطائفية والمذهبية، قد تقتضي في مكان ما التنازل لصالح قانون نسبي، وإن كان ذلك، قد ينعكس سلباً على بعض القوى، التي قد تخسر عدداً من نوابها، وهذا إذا ما وافق عليه جنبلاط، سيكون إنطلاقاً من حرصه على الطائف وحماية التنوع، لا سيما أن النوايا التي ظهرت من خلف صيغة القانون المختلط، كانت تخفي إرادة إحتكارية لدى طرف معين، يريد احتكار التمثيل المسيحي في كل المناطق، وإلغاء الأطراف والشخصيات الأخرى، وحرمان أحزاب وتحالفات من ترشيح على لوائحها مرشحين مسيحيين، وهذا قد يؤدي إلى تهديد العيش المشترك.

ولكن الشرط الأساسي لذلك، هو البحث في كيفية توزيع الدوائر، بشكل أيضاً يحجب أي تنام للمفهوم المذهبي والطائفي، ويضمن صحة التمثيل للجميع، إن عبر ضم الشوف وعاليه إلى بعضهما البعض ضمن دائرة إنتخابية واحدة، أو عبر تعديلات أخرى، وعلى الرغم من أن هذا القانون قد يؤدي إلى خسارة البعض لعدد من النواب، لكنه يحمي التنوع في الساحة المسيحية خصوصاً، إذ لا يسمح بإقفال بيوت سياسية وإلغاء شخصيات أساسية، لأن الخسارة ستكون على كل الأطراف، وخصوصاً في الشارع المسيحي بالنسبة للثنائية، حيث يمكن تمثيل من هم خارجها بنسبة خمسة وثلاثين بالمئة.

ربيع سرجون – “الانباء”