هل وقع الإنقلاب وسقطت مفاعيل التسوية؟

هل سقطت مفاعيل التسوية الرئاسية؟ أحد لا يؤكد ذلك، على الرغم من أن هناك معطيات عديدة تفيد بأن ما كان قد اتفق عليه في السابق، وأدى إلى إنتخاب رئيس للجمهورية، قد انتهت مفاعيله، أو على الأقل ضاعت في زواريب الحسابات السياسية المصلحية الضيقة. يبقى الإستقرار السياسي والأمني عنواناً أساسياً بالنسبة إلى الجميع، ولا أحد يريد أن يحيد عنه. لكن في السياسة ثمة متغيرات عديدة تغيّرت. والدلالات عليها جاءت متزامنة بين تصريحات لرئيس الجمهورية ميشال عون وللأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.

في الشكل، فإن ما يجري من تصريحات تصعيدية، حول قانون الإنتخاب وحول أهمية التنسيق مع النظام السوري من الناحيتين الامنية والإنسانية فيما يتعلق بموضوع اللاجئين، يحشر الأطراف المقابلة في الزاوية. وهاذ ما يدفع البعض إلى إعتبار أن ما يجري يمثّل إنقلاباً على الإتفاقات السابقة، بتحييد لبنان على الأزمة الإقليمية وتحديداً الأزمة السورية، وبأهمية تعزيز مؤسساته الأمنية والعسكرية.

فهل ما حصل هو إنقلاب أم تغيّر في المعطى الإقليمي؟ لا شيء واضح بعد، لكن الأكيد أن ما بعد إنتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية غير ما قبله، وهذا ما تعتبره مصادر متابعة بأنه قراءة إيرانية مسبقة للطالع الإقليمي والدولي، ولذلك عملت طهران على الدخول في التسوية اللبنانية وتسهيل إنتخاب الرئيس وسد الفراغ، إستباقاً لوصول ترامب وتحسباً للقرارات الضاغطة التي سيتخذها ضد طهران.

وبعد أن حقق حزب الله وإيران ما يريدانه على الصعيد الرئاسي، يسعيان الآن، لتحقيق المزيد على صعيد قانون الإنتخاب، والتنسيق مع النظام السوري، الأمر الذي يرفضه الأفرقاء الآخرون. وعلى رأسهم رئيس الحكومة سعد الحريري وعدد وازن من الوزراء. فماذا خلف هذه المواقف؟

ثمة من يعتبر، أن حزب الله يقرأ في المتغيرات الإقليمية، وهي التي تدفع الحزب إلى بناء سياسته وإستراتيجيته، نقطة بعد نقطة، وخطوة بعد أخرى، ولذلك فإن خلاصة هذه القراءة، تقتضي حالياً التشدد في لبنان، خصوصاً في مسألة قانون الإنتخاب، وفي محاولة، لإحداث تغيير جذري بفعل إقرار قانون إنتخابي على أساس النسبية الكاملة وفق ما أكد نصر الله، الذي أشار بشكل أو بآخر إلى أن المتاح أمام اللبنانيين إما القانون الذي يريده أو الفراغ، وهذا ما يشبه إلى حد بعيد تخييرهم بين عون أو الفراغ الرئاسي.

وبحسب ما ترى مصادر مطّلعة فإن سقف نصر الله هذا، يأتي بهدف تغيير الأكثرية النيابية مستقبلاً، إستناداً إلى تخوف من المزيد من المتغيرات الإقليمية. وفي محاولة لتحصين نفسه، وتعزيز موقع حلفائه في الإقليم، وذلك عبر فرض ثلاثة شروط على الأفرقاء اللبنانيين، أولاً بضرورة التنسيق مع النظام السوري، وثانياً من خلال قانون الإنتخاب، وثالثاً من خلال مواقف رئيس الجمهورية، حول السلاح ودوره التمسك به، وإعطائه غطاء جمهورياً رسمياً. وبناء على هذه المعطيات، فثمة من يتخوف من حصول إنقلاب على التسوية وبنودها.

ربيع سرجون – “الانباء”