قوة السلاح قناع يستفز الطفولة / بقلم ابو عاصم

لم تعد ألعابهم معهودة، ولا خطاباتهم بريئة، ولا قلوبهم ملأى بالأخلاق، يتراشقون بكل ما يصل لأيديهم وكل شيء مباح، لان غايتهم وحدها تبرر الوسيلة.

ليسوا بساسة بل متسيسون مقلِّدون، تصرفاتهم انعكاس لما يشاهدون على شاشات التلفزة ولما يسمعون ويتردد على شفاه الاهالي الذين غزتهم جرثومة الواقع المر، في بلد عاش كثيرا على درب الجلجلة، سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وامنياً…

ايها الاهل، ايها الجيران، ايها الاقارب لا تستغربوا ان رأيتم اولادكم يشكلون فرقا في الأزقة، يتمترسون ويتمرسون في ابتكار البنادق والقاذفات والقنابل الخشبية او البلاستيكية او المعدنية او من اي نوع يتوفر بين ايديهم.

لا تستغربوا استراتيجيات اللعب والقتال التي يضعونها في الميدان ويبثونها مقلدين بها الزعماء، ولا تسمحوا للسؤال الذي حيرني ان يحيركم، ولا تتساءلوا اذا ما كانوا ينجحون حيث خاب الساسة الكبار، ولا ترتابوا من الاسماء التي يختارونها، فهم ما استعاروا الاسماء فقط بل اقترضوا الحقد والكراهية والهجومية الشرسة وعدم الرضى بالخسارة من الكبار، كبار القوم … فهل هم يمثلون ام يقتبسون ام يتقمصون؟

سؤال هام امام واقع جريح لا يشعر به الا جيل عاش الحرب واختبر مآسيها وادرك ان غنائمها هي الالم والخسارة والدمار والقلق والحرمان وتقهقر البلدان وفقدان الوجدان وجهل المجتمع.

ليس كلامي بقعة ضوء بل وهج نار قد يمتد اذا تفلتت الامور من معاقل ايدينا وعقولنا وقلوبنا ليحرق اجيالنا الآتية، ويرميها في آتون سبق ان رُمينا به، واول ربح قد يحملهم اليها هو اننا ما عدنا مَثلهم الأعلى بل هناك أمثال عليا تعميهم عنا، ونحن من سمح بذلك، نحن من يتفاخر بمنطق القوة والاستزلام والسلاح، نحن من يتهاون مع واقع مسموم امنياً وموبوء اجتماعيا وطائفيا.

ان السلاح لا السلام يوصلهم الى السلطة والجاه والمال، به يحققون احلامهم ولا شيء غير هذا التهاون وقبول سياسة الامر الواقع التي يفرضها علينا طفيليون في هذا المجتمع، والتي قد عدها البعض من أتفه الاسباب، هو السبب الرئيسي وراء مشاهد النشل والسرقة والقتل…

وبالنهاية هذا ما جنته ايدينا، نعم ايدينا، لاننا كل يوم نرتكب جريمة بحق الطفولة والبراءة، لاننا نحن من شوه منطق البطولة، واني لأذكر حينما كنا صغارا كان النصر للبطل والذي كان دائما يمثل القانون وربما كان ذلك لبراءتنا.

يا سادة يا كرام يا زعماء السياسة وامراء الطوائف والمذاهب والملل، يا رجالا ونساء، يا شيبا وشبانا، انظروا حولكم وارحموا بقلوبكم اجيالا ضاعت واخرى تضيع وستضيع، عودوا الى سيدة الاحكام، الاخلاق التي تتأتى عن العلم والمعرفة قبل ان يفوت الاوان، استمعوا الى احاديث الاولاء اثناء اللعب، وتحسسوا حجم الجريمة التي نرتكبها جميعا بحق الطفولة، وتلمسوا اي بذور زرعنا في نفوسهم الغنّاء، وأقروا بأي مزبلة انهضنا تلك الزهرات النقية، عاينوا بأي حبر نكتب على صفحاتهم الناصعة، اسرعوا قبل ان يبلغ الزرع جناه، دقوا معي الاجراس على هول الكارثة قبل ان تحصد الاحقاد اعناق رياحين اكبادنا، وقبل ان ترسِّخ الالعاب الحقد والكراهية وحب إلغاء الآخر، وايضا وايضا ما أتانا به الانترنت من العاب غاية بالخطورة حيث نمثل القتل ذبحا او حرقا او دمارا وانها الاخطر حيث هي في متناول صغارنا من خلال اجهزة نضعها بين ايديهم دونما مراقبة لما يجري ويشاهدون بها.

انتبهوا قبل ان تصبح قوة السلاح قناع يستفز الطفولة باستهتارنا.

(الأنباء)