اذا لم يكن ثمة نوايا إلغائية

نبيل العقيلي (الانباء)

قبل التطرق إلى الاقتراح لنبدأ بإلقاء نظرة سريعة على بعض الانظمة ذات الآليات الاكثرية المعتمدة عمليا أو المطروحة نظريا للبحث.

أ – نظام الدائرة الفردية هو النظام الانتخابي الأكثر بساطة بفكرته، فهو يشبه إلى حد بعيد التفويض الذي يعطى من قبل مجموعة من الناس التي تقطن منطقة معينة إلى أحد الأشخاص، بالحديث عنها ونقل مطالبها والمشاركة بالقرارات عنها وبإسمها. ويتم تفويض الشخص الذي نال ثقة أكبر عدد من أفراد هذه المجموعة.

من خلال دورة واحدة قد يوصل هذا النظام ممثلا نال أكثرية نسبية أي أنه لم يحض بثقة ما يزيد عن نصف المقترعين.

أما في نظام الدورتين فتحصل الدورة الثانية بين المرشحين اللذين نالا العدد الأكبر من الأصوات في الدورة الأولى وبالتالي يكون الناجح فائزًا بالغالبية المطلقة وليس فقط بالاغلبية النسبية.

في المجتمعات المتجانسة عرقيا وطائفيا قد يكون هذا  النظام ممتازا أما في المجتمعات التي تضم أقليات فقد يكون من أسوأ الانظمة لأنه الأقدر على تشتيت أصواتهم بين الدوائر وبالتالي إلغاءهم.

كما أن عملية رسم الدوائر ليست بالأمر البسيط وتتطلب إعادة النظر دوريا بها.

زد على ذلك صعوبة توزيع المقاعد طائفيا على الدوائر مع مراعاة هوية الناخبين الطائفية وتناسبهم خاصة في ظل عدم التجانس بين معادلة توزع الناخبين ومعادلة توزيع المقاعد طائفيا في بلد كلبنان.

ب – تلافيا لبعض هذه السلبيات يطرح البعض نظام الصوت الواحد في دوائر غير فردية أي أن الناخب يقترع لمرشح واحد فقط بغض النظر عن عدد مقاعد الدائرة. هذه الطريقة التي يقول مؤيدوها  أنها لا تلغي الأقليات مشكلتها أسوأ إذ أنها تلغي الأكثريات من خلال تشتيت أصواتهم بين المرشحين وتنشط الشعور القبلي والطائفي ما يساهم بزيادة التفكك في المجتمع بدل السعي إلى زيادة الروابط بين الطوائف والمجموعات المكونة له.

كما أنه يفسح في المجال لوصول بعض الهامشيين على حساب من هم في الصف الثاني في الكتل التي تشكل الغالبية من الناخبين. أضف إلى ذلك أن هذا النظام هو مثالي لشراء الأصوات.

ج – وهنا نجد من قام بطرح نظام  الصوت المحدود أي أن الناخب يدلي بصوته لإثنين أو ثلاثة كحد اقصى بدل أن يصوت لعدد من المرشحين يساوي عدد مقاعد الدائرة، وهذا الطرح لا تقل سلبياته كثيرا عن الذي سبقه خاصة لجهة دفع الناخب إلى الاهتمام بانتخاب أبناء طائفته دون غيرهم ما يقربنا بنسبة كبيرة من صيغة القانون الأرثوذكسي الأمر الذي  يتنافى مع صيغة العيش المشترك، ويساهم بالتباعد بين أبناء الطوائف المتعددة.

ألهدف من أي قانون جديد حسبما يقول الجميع هو تعزيز صيغة العيش المشترك وعدم تهميش أي من مكونات المجتمع (أقليات أو اكثريات) لا سيما الطائفية منها، مع مراعاة وحدة المعايير.

اذا صفت النيات ولم يكن لاحد من الفرقاء اهداف الغائية او تحجيمية، هذه الأهداف قد تتحقق من خلال صيغة بسيطة تحد من قوة الصوت بشكل نسبي، من خلال التصويت لنسبة لا تزيد عن 60 او 75 بالمئة من عدد مقاعد الدائرة بدل التصويت لنسبة 100 بالمئة كما  هو متبع في قانون الستين.

وهذه الطريقة يمكن اتباعها في دوائر تتراوح بين متوسطة وصغيرة (على أن لا يقل عدد مقاعد الدائرة عن ثلاثة).

مثال على ذلك:

 عدد               عدد الأسماء            النسبة

المقاعد          المقترع لها

ثلاثة                  اثنان                       66%

اربعة                 ثلاثة                       75%

خمسة              ثلاثة                       60%

ستة                 اربعة                       66%

سبعة               خمسة                    71%

ثمانية               ستة                       75%

تسعة               ستة                       66%

عشرة              سبعة                      70%

ونتابع على هذا المنوال.

نلاحظ  أنه قابل للتطبيق على أي دوائر كانت قد طرحت في المشاريع التي اقترحت سابقا، أو حتى قانون الستين (مع تعديل بسيط جدا).

بماذا يتميز هذا الاقتراح؟

1 – يشكل هذا الاقتراح مدخلا جيدا إلى النسبية.

2 – يسمح هذا الاقتراح للأقليات بإيصال ممثلين عنها إلى الندوة النيابية.

3 – هذا الاقتراح يحافظ على الأكثرية ولا يشتت أصواتها إلا أنه يمنعها من الغاء الأقليات واحتكار التمثيل.

4 – يسمح للمقترع بالتصويت لمرشحين ينتمون إلى طوائف متعددة ولا يحشره ولو بشكل غير مباشر ضمن المرشحين المنتمين لنفس طائفته، ما يعزز صيغة العيش المشترك.

5 – يؤمن شرط وحدة المعايير أكثر من كل الاقتراحات المتداولة.

6 – على الرغم من كون هذا الاقتراح يدخل الكثير من النسبية في نتيجة العمليه الانتخابية إلا أن آلياته أكثرية 100% ولا تتطلب وقت للتعرف عليها والإلمام بتطبيقها أن من قبل الناخب أو الجهة التي تدير العملية.

7 – ما يميز هذا الاقتراح عن الاقتراحات النسبية ان اللائحة ليست مقفلة أي أنه لا يلغي الاعتبارات الشخصية للمرشحين وللناخبين.

8 – في حال كانت الرغبة موجودة لإجراء الانتخابات في موعدها فيمكن تطبيقه على الدوائر الحالية بتعديلات بسيطة جدا يمكن إتمامها ضمن المهل وحتى دون الحاجة لتمديد تقني أن لجهة الإجراءات القانونية أو اللوجستية.