من صلاح ابو الحسن الى انور الفطايري في ذكراه
د. صلاح ابو الحسن
10 فبراير 2017
يوم سافرت الى بلغراد بعث لي انور رسالة طويلة عنونها: “ما كنت احسبني يوما اكتب اليك رسالة..”.
اليوم وبعد مرور 27 عاما على استشهادك أجيبك مرة ثانية على رسالتك: ما كنت أحسبني اكتب اليك رسالة شوق واشتياق.. ما كنت احسبك بعيدا عني. وان اصبحت اليوم أقرب الي والى عقلي وقلبي أكتر من اي وقت مضى. ايام تحدي وصعبة عشناها سوية وطريقا صعبة مشيناها معا ولكنها كانت جميلة. الحمد لله انك غادرتنا قبل ان ترى ايام التردي السياسي والتراجع والانحطاط الوطني. ربما فضلت الشهادة على العيش في مستنقع الطائفية والمذهبية.
وفي ظل انحطاط السياسيين هزلت السياسة يا انور وهزُل السياسيون وهزُلت رجالات الدولة. نحن نعيش زمن اقزام الساسة في لبنان والعالم.. اذكّرك بما كان يقوله المعلم: مسكين لبنان عندما يحكمة جهلة. اليوم يمكننا القول: مسكين وخطير العالم عندما يحكمه جهلة. وكان يقول: سنصل الى يوم نعيش فيه تحت رحمة مجنون يكبس الزر (النووي). في عالمنا اليوم أكتر من مجنون.
العروبة في أسوأ ايامها وفلسطين باتت في غياهب النسيان.. والضمير العالمي في غيبوبة. حسناً فعلت عندما اخترت الرحيل.
نفتقدك اكثر مع كل محطة حزبية ونضالية وسياسية ونقابية يفتقدك الحزب والرفاق والاصدقاء ويفتقدك حتى الجيل الجديد الذي لم يعرفك لكنه يعرف تاريخك ومواقفك المشرّفة. وتفتقدك الحركة الوطنية والمقاومة الفلسطينية وتفتقدك كل ساحات النضال الوطني والفلسطيني والعربي.. وحتماً تفتقدك ساحات النضال الطالبي والنقابي.
لبنان والعالم العربي يعيشون ظلمة قاتمة ومذهبية وطائفية قاتلة. والسياسة تعيش حالة انحطاط فاقع. والعالم يحكمه جهلة.
تحية حب وتقدير واعتزاز لك من صديقك الوفي. وفي الظلمة يُفتقد البدر.
أنور اشتقتلك..
(الأنباء)