لا يا ايلي فغالي!

تزدحم مواقع التواصل الاجتماعي عند كل حدث سياسي بالتعليقات والتحليلات، بعضها يعبّر عن وجهة نظر أو تحليل بغض النظر عن مدى صوابيته، لكنه في النهاية رأي وجب احترامه أيا يكن كاتبه. الا ان ما يلفت عند البعض وما يدهش هو تلك اللغة الخشبية التي لا تعبر سوى عن افلاس حقيقي لاصحابها. وما يزيد من اشمئزاز القارئ ان كاتب التعليقات غالباً ما يعتبر نفسه من فئة المثقفين الذين إن قرأوا فهموا، وإن سمعوا حللوا، وان ناقشوا استنتجوا.

لكن ما ان تقرأ ما يكتبه هؤلاء على صفحاتهم، “وسرعان ما يحصد الاعجاب والتعليقات”، حتى تصاب بمزيج من الاحاسيس: غثيان، توتر، خيبة امل، انزعاج.. الى آخر ما يمكن ان يخالجك وانت غارق في التفكير، ما الذي يدفع هذا النوع من البشر الى توجيه الاتهامات الى اي شخص بمجرد ان سمع فلانا على التلفاز يوجهها له، او ان سياسيا قالها على منبر خطابي او  امام صحافي، بدون ان يكلف نفسه عناء استخدام اذنه اليسرى، ليسمع وجهة نظر مخالفة، او ان يتحقق بالبحث او بالسؤال عما سمعه في اذنه اليمنى؟!

وما الذي يدفع بهؤلاء الى افراغ مكنوناتهم من الحقد والكراهية، بمجرد ان خصمهم السياسي اخذ موقفا مغايرا لموقفهم، وبالأمس القريب كانوا يكيلون له المديح، عندما كانت المصلحة السياسية تقتضي ذلك؟

مناسبة هذا الكلام، ما نُشره “المخرج” ايلي فغالي على صفحته على ” فايسبوك”  تحت مسمّى “كتاب مفتوح لوليد بك”، ولم نجد بمضمون الكلام ومستواه ان صاحبه مخرج، ولا في كلماته ما يشبه لغة الكتب المفتوحة، بل إنه مجرد اثبات جديد لما كنا نخشاه ، وهو أن كثراً في هذا البلد لم يتعلموا من الماضي بعد، او انهم لا يريدون ان يتعلموا من دروس الحرب والقتل والتهجير.. وان حقدهم على وليد جنبلاط ربما لا يضاهيه الا حقدهم المكتوم على غبطة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، الذي طوى مع زعيم المختارة صفحة سوداء من تاريخ لبنان.

رغم ما يشكل هذا الكلام من استفزاز، ورغم ما يثيره من غضب في النفوس، ورغم ما يستدعي من ردات فعل عند البعض قد لا تكون هي الاخرى مقبولة، نؤكد بأن القافلة ستواصل السير، ومن يريد اعادة نبش الماضي الاليم، سيأتي يوم ويجد نفسه وحيدا، معزولا، منبوذا من ابناء جلدته قبل الآخرين!

(*) سامر ابو المنى – الأنباء